عندما يتحول الماضي الاستعماري إلى غاية/ مدين غالم

 


عندما  تتحول ايام الاحتلال الأجنبي للأوطان، الى زمن يتحسر عليه البعض.أي بؤس حضاري أضحى الإنسان العربي يعيشه إضمحلت معه كل معاني الكرامة و الاعتزاز بالنفس والماضي الناصع، لقد  أصبح يستحب العيش تحت سلطة الاحتلال و  الإنتداب و الوصايا عوضا عن الافتخار بالاستقلال عنه والحرية من قبضته، مضحي بكل التضحيات التي قدمتها قوافل من الشهداء،ونضال الأجيال التي كانت تحت نير الاستعمار،وحاربت   من أجل انعتاق الوطن من المحتل وتحرير الأرض والإنسان من قبضة المستعمر. أصبح الشباب العربي يغامر في قوارب الموت من أجل الظفر بفرصة الوصول  إلى الضفة الآخرة في ديار من كان ذات يوم مسلط الغبن على رقاب هذا المواطن، تجلى لنا هذا المنحى الخطير في سيرورة بنية المجتمع و ركائزه الشبابية، لقد اهتزت أركانه الوجدانية بفعل فقدانه الثقة في النخب السياسية  التي تضطلع بناصية الحكم وتدير شؤون المواطن،لكن عوض أن تخدم الوطن والمواطن أضحت تسخر الوطن لصالحها، الأمر الذي دفع الشباب إلى النفور واضمحلال الثقة ، حتى بلغ سيل الزوبة  لديهم والانتفاض من خلال التعبير عن السخط على الواقع و أصبح يكفر الكل و يستنجد بمستعمر الأمس يتوسم فيه طوق  النجاة،  لعلى ينقذه من هذا الوحل المتعفن الذي أوجده  نخبة سياسية راحت تسخر كل طاقتها من أجل الثراء على حساب المواطن، حتى أصبح القهر الاجتماعي هو سيد الواقع، لقد تجلى لنا هذا الواقع المرير في  العريضة التي وقعها الآلاف من اللبنانيين و التي تطالب بعودة الانتداب الفرنسي  إلى لبنان، أثناء زيارة الرئيس  الفرنسي  إيمانويل ماكرون إلى لبنان بعد الانفجار الذي هز مرفأ بيروت،  معربة فيها عن رغبة الهروب من أجواء الوطن و مايحصل فيه، والاستنجاد بعدو الأمس، والتعلق به كأنه طوق النجاة، وكان سبقهم إلى هذا  المنحنى في تمني هذه الرغبة في اللجوء إلى محتل الأمس ،العديد من شباب الجزائر الذين عبروا  عن تلك الرغبة من خلال مظاهر الخروج إلى الشوارع أثناء زيارات رؤساء   فرنسا إلى الجزائر والإحتفاء بهم في أبهى صور الإحتفال في استقبالهم استقبال  منقطع النظير، ومطالبتهم  جهرا بالفيزا ولقد صدحوا بأعلى الأصوات، لكن جائهم الرد سريعا من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حين قال لهم الحل ليس في منح الفيزا، ولم يقتصر أمر هذا  التمني  على المواطن العادي  بل تعدى إلى النخب السياسية والثقافية وزير. جزائري  تقلد عدة مناصب سيادية في الحكومات المتعاقبة، منها رئيس المجلس الدستوري، وزيرا للشؤون الخارجية، وزيرا للمالية،  وهي كلها حقائب سيادية في الحكومة، قال ذات يوم  في تصريح صدم العديد من المتتبعين وأثار الكثير من الجدل و اللغط ، قال لو كان للتاريخ منحى آخر اليوم ،لكنى  أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بمعنى التحسر على خروج المستعمر من الوطن مفضلا بقائه مقاطعة فرنسية على الاستقلال، متنكرا لتضحيات الآباء في محاربة المحتل وتحرير الأرض والإنسان من قبضة المستعمر الفرنسي، كما أن هناك بعض الكتاب من يتشدقون بمقولة أيام الإستعمار خيرا من واقع الحال!!!؟؟. 

منهم الكاتب الروائي الجزائري أمين الزاوي. 

ماهي العوامل التي تدفع الإنسان إلى تفضيل العيش تحت الانتداب و  الوصاية على الوطن هربا من أن يكون حر العيش في وطن صاحب سيادة، اكيد انها تراكمات تعاظمت لم تنجلي مع مرور الوقت بل تزداد  سوادا ،بإس وضع يدفع خيرات شباب الأمة، إلى  التسابق  في التنكر للأرض  التي أنجبتهم والذين يدفعوه إلى سلك هذا الطريق في التفكير، نخبة سياسية  تتصدر المشهد السياسي والذين  حولوا الوطن إلى  مطية  لثراء وقضاء حوائجهم بطرق ملتوية، عوض خدمة من كلفهم إدارة شؤون المواطن. 

إنه واقع أضحى معاش يؤشر على فشل  طبقة سياسية راشية مرتشية، ورجال أعمال مرتشين مستغلين نهبوا خيرات الوطن بمعية النخبة السياسية المتصدرة المشهد في الساحة  سودوا الوطن  في أعين خيرة شباب الوطن،الذي تحولت  فيه النخب السياسية إلى عصابات  تدير دواليب السلطة،ولنا الفضائح المالية التي جرت أبرز الوجوه التي كانت تتصدر المشهد في الجزائر وهي تساق إلى المحاكم، ورجال أعمال طغى عليهم الثراء الفاحش من العدم في ظرف وجيز من الوقت، وأصبحوا من أكبر الأثرياء، نتيجة هذا الواقع الذي أصبح فيه  الشاب لايجد منصب عمل ولا ملامح مستقبل تلوح في الأفق أمامه  انها الضبابية ويمكن الجزم انها الصورة القاتمة   لدى عماد الأمة المتمثل في شبابها، لقد طفح الكيل فأضحى الشباب مفضلا الانتداب أو الرحيل على أن يبقى ضحية نخبة سياسية لم تعد تسمع أنين المواطن المقهور اجتماعيا، لم يبقى له  إلا   الاستنجاد  بجلاد  الأمس ربما يجد عنده الرأفة، من بني جلدته، إنه أمر مخزي فعلا. 




CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق