تتزايد وتتباين التوقعات والتحليلات ، كما المصالح والاصطفافات الفلسطينية المتعلقة بها إقليمياً ودولياً .. سواء فيما يتعلق بالإنتخابات أو على مستوى العودة للمفاوضات مع المستعمرة الإسرائيلية أو بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية .
ولكن رغم التباينات من الواضح على صعيد الإنتخابات أن بعض الفصائل الفلسطينية ( الجهاد الإسلامي ) لن تخوضها ، منسجمة بذلك مع طروحاتها واصطفافاتها الإقليمية ، وباعتبار أن الإنتخابات ستجري تحت سقف إتفاقية أوسلو ، كما أن بعض الفصائل لها تحفظات على الآلية ( الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ) من حيث النقل العشوائي لمناطق بعض الناخبين .
ورغم مناخ الإنتخابات والحالة الفلسطينية العامة ما زالت بعض الاختلافات قائمة ، فـ محمد دحلان لم يعد مجرد قيادي منشق أو مفصول من حركة فتح ، بل أصبح تياراً له أنصاره وتحالفاته وامتداداته خارج فلسطين ، ودول ترى فيه ( مستقبل منظمة التحرير الفلسطينية ) وتعمل على دعمه .. ويتكرس دحلان كحالة فلسطينية ( مستقلة عن حركة فتح ) أو منافسة لوجودها التقليدي ، وبات لا أمل أو مستقبل للمصالحة ؛ بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم ( التيار الإصلاحي ) دحلان ، رغم أنْ لا خلافات سياسية جوهرية بينهما .
من جهة أخرى أصبح خروج أو بقاء البرغوثي القائد الفتحاوي في الأسر ؛ يشكل أزمة ، ويزيد الحالة الفلسطينية تعقيداً وضعفاً ، ويقف البرغوثي في الوسط بين أجنحة فتح المعنية بكسب وده، لكن لا أحد منها معني بخروجه أو يقدر عليه .. فيما يحظى هو بشعبية كبيرة وسيربح من يستقطبه أو من يرتبط إسمه به ، ويبدو دحلان الأقرب إليه !؟ .
وستكسب حماس في حال بقيت فتح منقسمة على حسابها وحساب الفصائل الأخرى ، رغم أنه لم يعد هناك ما تختلف عليه الحركتان اللدودتان فتح وحماس سياسياً في الجوهر ، وإن إختلفتا في طريقة التعبير ، وأضحت ( توجيهات ) مرجعيتيهما موضوعياً واحدة ، على ما بين المرجعيتين من اختلاف ظاهر وبرنامجهما السياسي واحدا إلى حد بعيد بعيداً عن الجمل الإنشائية . . لقد أضحت الحركتان أقرب إلى بعضهما ، ليس فقط من أي وقت مضى فحسب ، وإنما أيضا بالقياس إلى أي فصيل أو حركة أخرى . وباتتا معنيتان (بالتعكز) على بعضهما بحكم حالة الضعف الذي وصلتا إليه خلال الفترة المنتهية .. بمواجهة إحتمال فشلهما كلتيهما أو حصاد تراجع إنتخابي كبير ، في حال بقيتا على خصومة ، لصالح الفصائل الأخرى .
الحركتان تكادا باتفاقهما لا تريا فصائل أخرى ، وما لم تعقد كل الفصائل الأخرى تحالفاً كبيراً فستتقاسم فتح وحماس ( المغانم ) بشكل عادل أو غير عادل .. ومن المحتمل أن تنقل حماس ثقلها الى الضفة ، وفتح الى غزة ، لأن تجربة كلتاهما في ( منطقته ) كانت سلبية شعبياً ، وقد تنضم فصائل أخرى للجهاد الإسلامي وتقوم بمقاطعة الإنتخابات لسبب أو لآخر .
ما زالت الإنتخابات كصيرورة في ( علم الغيب ) إن وجدت إحدى الحركتين أنها ستخسر بنتيجة الإنتخابات عما عو عليه الواقع الراهن .. كما ان المستعمرة الإسرائيلية ستمنعها أو تعطل نتائجها في حال رأت انها ستخلق أو خلقت حالة غير مناسبة لها ..
لا بد أن اتفاق حماس فتح سيبطيء تقدم تركيا قطر في فلسطين لصالح الأردن ـ مصر ، بخاصة أنهما يرتبطان بإتصالات وبعلاقات جغرافية وديمغرافية وتاريخية بفلسطين.
ستعظم الإنتخابات رصيد فلسطين.. في حال جرت بنزاهة وبمشاركة عالية وأفرزت وجوها نزيهة غير ملوثة بفساد الحكم أو المال أوالعمالة ، ما يكسبها ثقة الشارع الفلسطيني ويجعلها أقوى في مخاطبة المؤسسات الأممية والمنظمات الدولية والحكومات والرأي العام العالمي، حينذاك ، ستعمل دول على كسب ود الفلسطينيين كحالة حضارية متجسدة لا مجال لتجاهلها و(ستتدفق) المساعدات المحسوبة .. وتنمو الضغوط جزئياً على المستعمرة الإسرائيلية ، أما إذا شابت الإنتخابات شوائب فستنعكس سلباً على الشعب الفلسطيني ، لذا يتوجب على القيادة الفلسطينية إتباع أكبر قدر من مقاييس النزاهة ، لغير سبب منها مصلحتها هي بالذات .
على الرغم من أهمية الإنتخابات ونزاهتها ، إلا أنه لا يتوقع أن ( تشيل الزير من البير ) وتغير المعادلات وتحرر الأ رض من براثن المستعمرة ، وليس مطلوباً منها كمجرد إنتخابات ذلك .. لكنها ربما تكون خطوة بالإتجاه الصحيح ؛ ضمن سقف معاهدة أوسلو ـ على فرض أنها ما زالت قائمة ـ فهي ليست خطوة بالإتجاه الصحيح ضمن سقف أكبر طموحاً .
وتعمل أطراف أوروبية وعربية على استئناف مفاوضات فلسطينية ـ اسرائيلية "جادة " كما ، يصفونها وكأن المفاوضات التي جرت على مدي عقدين ونيف كانت هزلية أو تجريبية .. ما يشي بأن هذه المفاوضات قد تكون عصا النجاة لـ نتنياهو في الإنتخابات المقبلة ، او يقصد بها إسقاط سواه وليس إنجاح المفاوضات ، حيث لم ينشأ على أي صعيد ما يبرر إستئنافها.
ويزداد موقف المستعمرة الإسرائيلية تعنتاً وتشدداً وما من ضوابط قوة كافية تحكم عنصريتها وعدوانيتها ومطامعها في المنطقة ؛ قادرة على وضع حد حاسم لها موضوعياً . بالعكس من ذلك فالمسار العام ليس في صالح القضية الفلسطينية رغم صدور بعض القرارات الأممية لصالحها ، لكن هذه القرارات لا تعني شيئا على الأرض ، ولن تعيد شيئا من الحقوق الفلسطينية او تعدل من موازين القوة .
سيوقف مجيء الرئيس الديمقراطي الأمريكي بايدون التقدم المتسارع الأهوج في الدعم الأمريكي للمستعمرة الإسرائيلية ، وقد لا يلب هذا المجيء بعض اشتراطاتها الحمقاء كـ " الحرب على إيران " لكنه لن يوقف إمتيازاً منح على الأرض للمستعمرة ، مما قد يضر بمصالحها في حال وقفه . ولن يمنح بايدون؛ العرب ومن ضمنهم فلسطين أي من عناصر التفوق او التقدم على المستعمرة ، بل سيعمل على إضعاف مصادر قوتهم بمواجهتها بوسائل ناعمة . . ستساعده في ذلك العلاقات التي أقامتها المستعمرة الإسرائيلية مع دول عربية ، ما زاد الموقف الفلسطيني ضعفاً على ضعف ، في واقع عربي سيء بعامة ،ولا تبد مؤشرات كثيرة قريبة موشكة على التغير إيجابياً .
0 comments:
إرسال تعليق