يا دُنيا العَجبْ
لِناسٍ مِن نارٍ ومِن حَطَبْ
يَتوقَّدُ لومَسَّ مِنهُ طارئٌ أثَرْ
ويخمدُ لو ثارت براكينُ الَّلهبِ
مُرهفُ الإحساسِ
إذا الجوعُ أدرَكَهُ
أو طَالَهُ بَعضٌ مِن عَطشٍ
وجليدٌ وأحجارُ حَصىً
لو نازعت ملايينُ البَشرِ
فالحُزنُ قَوسُ قُزحٍ
والنوائِبُ نِثاراتٌ مِن شُهبٍ
ومُلِمَّاتُ المساكينِ هَبّاتُ نسيمٍ
أوصَمتٌ وصَمَمٌ
لو فتافيتٌ في مناقيرِ
الطيورِ يَحسِدُها
والحوتُ في بَطنِه يلوكُهُ
مثل فرخِ يمامٍ
والنَّهَمُ في قواميسِه عُنوانٌ
لو كَسرةُ خُبزٍ يُسألُ
يَشكو عَوزاً
وكشفُ الحِسَابِ في مَخازنِه
تُثْقلُ كاهِلَهُ أعدادٌ وأرقامُ
غَداً تُذري الرِّياحُ
ما قد جنى وما قَد كَسَبْ
فالعمرُ يَعدو
يَحارُ المَرءُ كَيف يغلِبُه
ويخفقُ المَعتوهُ
في تغييرِ وِجهتِه
فلا ألوانُ التَّجميلِ تُقنعُ
ولا أصباغُ الزَّيفِ تَنفَعُ
يَشيبُ بَدنُ الفَناءِ
يَعتلُّ ويتجَعَّدُ
أفراسُ نهرٍ تَتوقُ إلى السَّماءِ
وأمنياتٌ لو كانت الفراديسُ
أسهُمَاً لَهَرولَ واشتَرى
جوعٌ يأكلُ الرُّوحَ
ويبدِّدُ الجَسَدَ
فإذا أَزِفَ الوقْتُ
صندوقٌ مِن خَشَبْ
وبِضعَةُ أَذرُعٍ مِن كُتَّانٍ
لا تَقي مِن بَردٍ ولا مِن تَلَفْ
ولِدودِ الأرضِ وَلائمُ
تُبيدُ جَبروتَ زَيفِ الوَهَمِ
ليسَ لدى سُلطانِ المَوتِ
مَقاماتٌ أو رُتَبْ
فالمَوتُ كَفيفٌ
لا يُبصِرُ ولا يُفرِّقُ
بين صَولَجَانِ مَلكٍ
وعَصا رُعاةِ الغَنمْ
تَدورُ عَجلةُ الزَّمانِ
ويَكبرُ الأطفالُ
وتتوارثُ الأجيالُ
هوايةَ جَمعِ النِّساءِ والأموالِ
ويَشيخُ الأبناءُ
والتِّكرارُ لا يُفيدُ الشُّطَارَ
وكما في كُلِّ مَرَّةٍ نُعيدُ
سَخافَاتِنا المُعتادةَ
نَدخُلُ الدُّنيا بِزغاريدَ
ونُغادِرُها بِعَويلٍ
نَعرِفُ تَفاصيلَ البِدايةِ
وحَتميةَ النِّهايةِ
ونفاخِرُ بتجارِبَ شَخصيّةٍ
نُقنِعُ بالخُلودِ ذَواتِنا
لَكِنَّ تُرابَ الأَرضِ وَحدَه يُخفينا
يَستُرُ عَفنَ عَوراتِنا
ويَدفنُ فُحشَ آثامِنا
يَحنو على بقايانا ويُدفِئُنا
ننتحِبُ يُهدهِدُنا ويُبَكّينا
يذرِفُ دَمعاً ويَسقينا
وبينَ ذِراعَيه
وبِحُنُّوِ إمراةٍ عاشقةٍ
إلى الأبدِ يَطوينا
ستوكهولم السويد
0 comments:
إرسال تعليق