تحظى موضوعة الثقافة الوطنية الديمقراطية باهتمام خاص، وذلك بسبب المعاني التي تحملها هذه الثقافة، وثانيهما اسباغ الطابع الديمقراطي عليها، وما تمثله من قيم جمالية ومعايير تحت مسميات مختلفة أهمها الطابع الوطني والشخصية الوطنية، ولدورها المهم في معارك الشعوب لأجل حريتها واستقلالها، وفي التصدي للعدوانية الاستعمارية والرجعية العربية.
ولكن للأسف أن السنوات الأخيرة تشهد تراجعًا وانحسارًا حادًا للثقافة الوطنية الديمقراطية، وسيادة ثقافة التشظي والانعزال الطائفي، وازدهار النزعات الشكلانية، وانتعاش الظلامية الوهابية، ما يزيد مظاهر الجهل والتخلف والفقر الثقافي والطائفية السياسية في مجتمعاتنا العربية.
ولا ريب أن هذا التراجع والنكوص للثقافة الوطنية الديمقراطية يعود الى تدهور الوعي الوطني وانحسار قوى التقدم واليسار، وصعود القوى الطائفية السياسية والنظام الطائفي والعودة للقبيلة والعشيرة، عدا عن الانتهاكات ضد حرية الفكر والتعبير، وملاحقة المثقفين التقدميين والعلمانيين واليساريين.
المرحلة الراهنة التي نعيشها خطيرة وتتطلب اعادة بناء الثقافة الوطنية الديمقراطية واسترجاع وجهها التقدمي الانساني وروحها الابداعية المتسمة بالتعددية الانسانية، وذلك لأجل مقاومة النهج العدواني الاستعماري الامبريالي، ومكافحة الأصولية السلفية الوهابية بكل مسمياتها وعناوينها، والتصدي للنهج التكفيري، والتركيز على الجوهر التقدمي للتاريخ العربي الاسلامي، وادانة المحطات التاريخية الحبلى بالمجازر الوحشية بحق الانسان، وكذلك التركيز على فعاليتها
الفكرية المناهضة للنظم الاستبدادية، والعمل على ازدهار وتطوير الثقافة الديمقراطية وفتح النوافذ والأبواب أمام مناخ المحبة والتسامح والتعددية والحوار الموضوعي البناء الهادف، بعيدًا عن كل المهاترات والمناكفات، والارتقاء بدور الصحف الوطنية الديمقراطية والمجلات العلمية الفكرية والاعلام الجاد الهادف، ورفد حياتنا وثقافتنا بالمنتج الابداعي للمفكرين والفلاسفة والباحثين والمبدعين العرب بمختلف مدارسهم الفكرية.
ولتطوير الثقافة الوطنية الدميقراطية نحناج الى مثقفين نخبويين وعضويين بمفهوم غرامشي، لأجل الاسهام في مجالات البحث والابداع الانساني، والانحياز المطلق لحرية الفكر والفضاء الديمقراطي المرتكز على التعددية واحترام الرأي الآخر.
0 comments:
إرسال تعليق