جامعة هلسنكي
في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها مرجان بن أسعد بن مرجان السراوي الدنفي (أب سكوه/شوهم بن سعد أب سكوه هستري هدنفي ١٩٤٣- ) بالعبرية على مسامع الأمين (بنياميم) صدقة، الذي نقّحها، اعتنى بأسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٣٦-١٢٣٧، ١ أيّار ٢٠١٧، ص. ٧٤-٧٦. هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية) بالخطّ اللاتيني.
بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، توزّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحسني (بنياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).
”وقت مناسب لقصص شعبية
ها أنا سأقصّ عليك باختصار قصصًا عن نمط الحياة في نابلس القديمة. بعضها كان قد حدث قبل ولادتي وبعضها شهدتها بأمّ عينيّ بالرغم من كوني شابًّا في الخمسينات من العمر. قسم من هذه القصص القصيرة شائع بين أفراد عائلتي. تُسرد مثل هذه الحكايات في ليالي الشتاء الباردة، حيث تتجمّع العائلة حول المنقل المليء بالجمر الساخن أو حول إبريق الشاي الكبير أو عند تدخين الأرجيلة. في تلك الحالات تتدفّق الحكايات.
في سنة ١٩٢٨ توفي برهوم (أبرهام) الدنفي ابن عمّ والدي أسعد. صعبة جدًّا كانت تلك السنة التي تلت سنة الهزّة الأرضية الشديدة التي أتت على الحي القديم في نابلس. كان السامريون آنذاك في حالة انتقال من الخيام التي نصبوها في المقبرة في رأس العين، والعودة إلى بيوتهم التي رُمّمت قليلًا في الحي القديم، حارة الياسمينة. وفاة برهوم زادت من الحزن واليأس في أعقاب الهزّة الأرضية.
امرأة أثناء طمثها غسلت ميّتًا
قلّما غسل السامريون موتاهم في تلك السنين، خوفًا من الدَنَس، واكتروا مسلمات بأجر زهيد للقيام بالغسل. ولنفس السبب حمل الميت أُجراء مسلمون إلى مثواه الأخير. الوضع اليوم مختلف، هنالك الكثير من أقارب المتوفى الذين يتطوّعون للقيام بمثل هذه الأعمال، بعدها يتطهّرون وينضمون إلى الحزانى. باختصار، من بين المسلمات اللواتي غسلن برهوم كانت واحدة عندها طمث، ومن المعروف أنّ الطاهر أو الطاهرة فقط يستطيع/تستطيع القيام بمثل هذه المهمّة الضرورية. عادت تلك المرأة إلى بيتها، ولم تعرف منذ ذلك الوقت طعم الراحة. كانت في كل ليلة تتقلّب على فراشها متألمة لأنّها حلمت أحلامًا فظيعة عن ملائكة الدمار، الذين كانوا يهاجمونها في نومها ويضربونها ضربًا مبرّحًا. صراخ المرأة أرعب أهل بيتها وكلّ الحيّ. لم تعرف المرأة كنه الأمر، وعجز كلّ الأطبّاء الذين استدعوا إليها عن مداواة عذابات نفسها وأحلامها.
تكرّر المشهد كلّ لية. ما كانت تستلقي للنوم حتّى تستيقظ بالصراخ المرعب طالبة النجدة من أفراد أسرتها، أن يهبوا لإنقاذها من أيدي ضاربيها في كلّ أعضاء جسمها. بعد أن جرّبت كل الإمكانيات قرّر الزوج أخذ زوجته إلى القاضي المسلم عسى أن تفيد نصيحته الطيّبة أكثر من جميع العقاقير، التي ابتلعتها يوميًّا بدون جدوى.
تعاويذ الكاهن الأكبر إسحق بن عمران
تقصّى القاضي ما فعلت المرأة في الأسبوعين الأخيرين، وعلى الفور انكشف السرّ: غسلت ميّتًا سامريًا وهي حائض/طامث. قال لها القاضي لا دواء لك إلّا أن تذهبي إلى كاهن السامريين الأكبر، إسحاق بن عمران بن سلامة (يتسحاك بن عمرم بن شلمه) كل يوم لشهر كامل. في كلّ يوم تشترين تميمة لشفاء علّتك. فعلت المرأة بموجب كلام القاضي المسلم. حضرت في كل يوم إلى بيت الكاهن الأكبر إسحاق الذي كتب لها تعويذة لشفائها من مشاكلها. وفي كل يوم ثلثت المرأة ثمن التعويذة، وفي الليلة الواحدة والثلاثين لمثولها اليومي بين يدي الكاهن الأكبر، اختفت ملائكة الخراب من أحلامها. نامت المرأة في سريرها كطفلة. في اليوم التالي أتت هي وزوجها إلى الكاهن الأكبر وأعطياه هدايا.
0 comments:
إرسال تعليق