ارتَكبتْ إسرائيل مجزرة في كونين، وهي القرية الحدوديّة مع فلسطين المحتلّة. وفي ما بعد قامت بتهجير جميع الأحياء الباقين. وبعد سنوات جرتْ إنتخابات نيابيّة في سيدني فازَ حزب العمّال الأسترالي، وفاز السيِّد باري أنزورث رئيس الحزب بمقعد روكدايل _ سانت جورج على خصمه زعيم حزب الأحرار بفارق أصوات، وأصبحَ هو رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز التي يزيد عدد سكّانها عن 9 مليون نسمة. وكان السيِّد باري أنزورث قد رأى الحاجّة أمَّ شوقي مهنّا مسلماني تحمل ركوة القهوة اللبنانيّة وتوزّع على أنصار حزب العمّال، وعلى مَن هي تشاء، عند صندوق الإقتراع، فناجين القهوة، ورأى أبناءها يتفانون من أجل فوز من يحبّون. وجرى السعي عنده في ما بعد لإعطاء بعض أبناء بلدة كونين المنكوبة تأشيرات هجرة إنسانيّة إلى أستراليا. السيِّد أنزورث لم ينس ولا يتناسى. وبمعيّة الوزير غاري بانش، وهو صديق المحامي شوكت مسلماني، رئيس بلديّة روكدايل في ما بعد، ثمّ عضو المجلس التشريعي في الولاية، وإبن الحاجّة أم شوقي ذاتها، وبمساعدة كريمة مِنَ السفير الأسترالي في لبنان السيّد ساندي فوكس، وفي حالة استثنائيّة، حازت التأشيرات 16 عائلة كبيرة كونينيّة بكفالة الكونينيين الأستراليين الذين منهم الحاج شاهر علي مسلماني "أبو شوقي". لكنّ الجنسيّة الأستراليّة لا يحوزها المهاجِر إلى أستراليا إلاّ بعدَ إقامة تزيد على سنتين، وبعدَ جلسة أسئلة وأجوبة سابقة على حفل يُقام خصِّيصاً للمناسبة. استحقَّ موعِد جلسة مَن بالكاد تعلّم جملتين باللغة الإنكليزيّة بعدَ أكثر من سنتين، وهو مكفول من الحاج "أبو شوقي". وكان لا بدّ أن يرافقه مترجم. سأله الموظّف الحكومي خلال الجلسة إذا كان يحبّ أستراليا؟. أجاب بالعربي وترك للمترجم أن يترجم: "أحبّها حبّاً جمّاً". سأله الموظّف الحكومي إذا تعرّضتْ أستراليا لعدوان خارجي هل هو مستعدّ للدفاع عنها؟. أجاب أنّه وزوجته وأطفاله سيكونون بعون الله في "أوّل الجبهة". ابتسم المترجم. ابتسم الموظّف الحكومي الذي سأل السؤال الثالث والأخير: "هل تعرف إسم رئيس وزراء أستراليا الفيدرالي"؟. خيّل لحبيبنا أنّه فهم السؤال. ظنّ أن الموظّف يسأله عن إسم كفيله. لم ينتظر الترجمة لكي يُثبِتْ أيضاً أنّه تعلّمَ من الإنكليزيّة الكثير، وإن يظلّ بحاجة إلى مترجم. قال للموظّف: "أبو شوقي مسلماني". لم يفهم الموظّف. نظر إلى المترجم. سأله عمّا سمع؟. استدرك المترجم وقد كان نبيهاً وقال لإبن جنسه: "إنّه يسألك عن إسم رئيس وزراء أستراليا الفيدرالي"؟. قال مرتبكاً: "ظننت إنّه سألني عن إسم كفيلي إلى أستراليا"!. وبسرعة رفع إصبعه وقال للموظّف: عوض "بوب هوك": "هوك بوب". ابتسم الموظّف أيضاً. حمل الختم الكبير. قال وهو يهوي به على ورقة أمامه: O k.
ـ الصورة: الوالد الحاج "أبو شوقي" شاهر مسلماني، ينتصر لكونين من سيدني أيضاً ويقول: "إيّاكم وكونين".
0 comments:
إرسال تعليق