مرة على سقوط نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في ليبيا أكثر من عقد ونيف من مانعد من الميقات ومع ذلك لم تندمل جراح الشعب الليبي من ويلات الدم و الدموع ،و لم تبزغ ملامح ما كان يصبوا إليه الليبي من عيش في فضاء احسن من العيش الذي كان فيه تحت قيادة زعيمهم الذي ثاروا عليه في ثورة عنيفة أودت بحياته في ظروف مأسوية ،لكن قبل حدوث هذه التراجيديا تنبأ معمر القذافي بأن ليبيا ستشهد تناحر قبلي على إقتسام الغنيمة من بعده و عدد مناحي هذه التراجيديا المؤلمة نظرا لمعرفته بكينونة المجتمع الليبي المنقسم الى قبائل و الولاء للقبيلة متجذر في حياة المجتمع الليبي الذي ينظر للقبيلة على أنها كيان مقدس .
اتذكر في الخرجات الخطابية للقذافي التي كان يصبوا من خلالها الى امتصاص الغضب المتصاعد كآخر اوراقه للحيلولة دون اتساع رقعة عنفوان الثورة الشعبية التي أطاحت به، تنبأ معمر بأن ليبيا منجرة الى مستنقع التطرف القبلي وان العنف سوف يرخي بظلاله على مناحي الحياة ليأتي على الأخضر واليابس،وتدخل ليبيا في دوامة العنف المسلح في سلسلة الصراع على السلطة وسيبلغ ذروته بين أفراد الشعب ،المنقسم الى مليشيات ،تتغذى من الصراع بين لاعبين إقليميين ودوليين ، ويشتد الصراع على النفوذ بين الغرب والشرق في ليبيا ،والفيصل بينهما وهو الاحتكام إلى سلطة الكلاشينكوف وأزيز الرصاص،فأصبح الكل تحت سلطة منهكة متشتة و الرصاص قوامها، و المتتبع للأوضاع الحالية في ليبيا التي قسمتها الصراعات الى مليشيات قبلية متناحرة فيما بينها تنجلي له نبوءة القذافي في آن الأوضاع لن تستقيم بعد الدخول في أتون الحرب بين الإخوة الأعداء ،الذين فرقتهم الولاءات القبلية الى شيع ومليشيات تتناحر على السلطة وفرض الرؤية على الكل ليعود الشعب الليبي الى نقطة الصفر ،و كأنه لم يثور من اجل تغير نمط العيش الذي فرضه ملك ملوك أفريقيا معمر القذافي كما كان يكنى، .
أصبحت ليبيا برأسين أحد في الغرب و الاخر في الشرق و كل واحد يجزم بأن الغلبة له ،و ما زاد في تفاقم الأوضاع و خروجها عن السيطرة ،هو أنها أصبحت ساحة صراع بالوكالة بين قوة أجنبية ،كل واحدة تسعى الى استمالة أحد أذرع الصراع الداخلي من خلال تغذية الصراع و الميل إليه في شكل إمداد عسكري، وبهذا أصبحت محل تجاذب بين أطراف إقليمية ودولية كل طرف يملي شروطه لفرض أجندته الخاصة ،على حساب الشعب الليبي المنهك من تفاقم الأوضاع و خروجها عن الحلول السريعة لإنقاذ وطن يئن تحت اقدام مليشيات تستقوي بالأجنبي ،وقد سمت الأمم المتحدة أخيرا في تقرير لبعثتها ،الأطراف التي أصبحت تلعب في المسرح الليبي و الولوج في التناحر الليبي في حرب أهلية، وهو ما أسهم كثيرا في تأجيج الصراع وإطالة أمده،بعد أن وجدت الأرض الخصبة و القابلية لهذا التشرذم في المجتمع المنتصر الولاء القبلي على حساب تماسك المجتمع ،وأصبحت ليبيا مقسمة بين جيش في بنغازي و جيش في طرابلس و تفرقت ليبيا بين جناحين ،وكان العقيد الليبي معمر القذافي حذر من سقوط في وحل المستنقع وتغذية النزعة القبلية في المجتمع المنقسم أصلا الى قبائل كل واحدة تقول انا.
أطرافا إقليمية ودولية وجدت الساحة الليبية مرتع لفرض أطماع سياسية وتصفية حسابات على حساب ليبيا و اللعب على محاور الصراع في الميدان ،والتنابز بالقوة ،يبدو أن ليبيا مقبلة على المزيد من التدمير و سقوط الأرواح و اشتداد القبضة الحديدية بين الفرقاء في أرض عمر المختار ،و السهم الذي أضرم المزيد من الزيت فوق النار هو التدخل الخارجي في الشأن الداخلي
0 comments:
إرسال تعليق