بالوعي تقاوم بلدة كفرذان الجميلة فايروسات الكورونا، بعد أن حددت الجهاتُ الصحية مصدر العدوى، وتابعت الخريطة الوبائية، وأجرت الفحوصات اللازمة ، واستخرجت النتائج ، وأعطت التعليمات المناسبة للمصابين والمخالطين ، فيما ترسخت القناعة لدى المواطنين بإلغاء التجمعات والاحتفالات بأشكالها كافة، والالتزام بالتعليمات الصحية ؛ انتظارا لأيام فرح قادمة ، لا بد أن تأتي، بعد خلاص بلادنا والإنسانية جمعاء ، من هذا الوباء.
ومع أن القلق ساور قلوب مواطني البلدة جميعهم ، غير أنهم كانوا حنونين على أرضهم المزروعة، فما انقطعوا عنها، بل إنهم يرعون حقولهم، ويتعهدونها بالمتابعة والحب .وكيف لا ينطلقون لقطاف الملوخية التي اشتهرت بها كفرذان وهم في عز الموسم ؟ .لنتأمل هذه السطور التي تصف صبر و مقاومة ملوخية هذه البلدة التي تتعرض للغزو ، وتواجه و تصمد وتتحدى وتواصل مسيرة العطاء ، رغم الجائحة التي هاجمتها، على حين غفلة.
****
ما أجمل هذه النبتة الخضراء في بلدتي الجميلة كفرذان !!.تراها أمام ناظريك مزروعة في المروج ،كأنها بحر هادئ تتهادى أمواجه بسلاسة ونعومة .
يبذرها الزارعون في الأرض المحروثة، ويسقونها ، فتخرج البذور ، بعد سبات ، معلنة عن بداية رحلتها فوق التراب ، بورقتين صغيرتين ناعمتين ضعيفتين ، إلى جانب شقيقاتها اللاتي سرعان ما يغطين التراب برداء خفيف أخضر ناعم.
وفي حياتها القصيرة ، تتعرض الملوخية للغزوات والعدوان الهادف إلى محاصرتها، وخنقها ، واستغلال مصادر غذائها ومائها، وضوئها وثرواتها المعدنية ،فتهجم عليها الأعشاب الطفيلية ، وتحتل أرضها عنوة وقسرا، وتحاصرها ، ولكنها لا تستسلم للاحتلال الظالم ، وتقاومه بصبر وعناد ، من خلال تشبثها بترابها، وصمودها، ونمائها، وأملها بغد أجمل .
يأتي المزارعون فيرون هذا العدوان الغاشم على مزروعاتهم ، فيعمدون إلى اقتلاع الأعشاب وهي في بداية عدوانها ؛ حتى لا يستفحل خطرها الداهم، واحتلالها البغيض.
وتشتد أعواد الملوخية، فتتعرض لغزو جديد ، تقوده الحشرات الضارة ، فيسارع المزارعون إلى مقاومتها ، ورشها بالمبيدات المناسبة .
وتشب نباتات الملوخية على سيقانها القوية ، وتورق فروعها وضلوعها ، وتستمتع بمائها وغذائها،وحدها ، وتنمو ، وتشرئب رؤوسها، إلى أن يحين موعد قطافها. فيا لها من طبخة شهية على موائد أهلنا وأحبتنا، داخل فلسطين ، وخارجها !! . و لعلني لا أغالي ، إذا قلت : إن جل أهل فلسطين يعشقون رائحتها و يحبونها كواحدة من وجباتهم الغذائية التي يعتزون بها
0 comments:
إرسال تعليق