نَخْلَةٌ اِستَطالتَ بِهَا المَنَايَا/ الاب يوسف جزراوي

لَا هَاديَّ ولَا راضيَّ أنْعِي

ولَا الهاشميَّ أرْثي

بَلْ أبْكي بَلدًا

الحُزْنُ لَمْ يَزْلْ يَهْطِلُ

مِنْ سُحُبهِ السّوداء ...

يَوْمًا بَعْدَ يَومٍ

يُعلِّقُ الأغْرابُ رَمْوُزهُ وَمُبْدِعيهِ

نُجُومًا في سَمَاءِ الْمَوْتِ!

...................................

فيَّ أسَى عَلَى بَلدٍ

شَقَّ في الإعْصارِ دَرْبَهُ

تُحَاصرُهُ الفْجيعةُ دَائِمًا

مِنْ شِدَّةِ الأحْزانِ تَفَجَّعتْ شَناشيلُهُ

ومِنْ فَرطِ التأبينِ تَزَلْزَلَتْ مَنَابَرُ

كَنَائِسَهِ ومَسَاجِدهِ ومَعَابِدِه

ومَنْ هَوْلِ " الحواسمِ"

تَفرْهَدَتْ آثَارُ  مَتَاحِفهِ!

وَكَم لي أسَفٌ بَادٍ مِن الحُزنِ 

عَلَى شَمْسهِ

فهي مَا عَادَتْ

 كَاسَتَدارَةِ رَغيفِ الخُبزِ!

وكَم بِي وَجعٌ عَلَى قَمَرَهِ

فهَو لَمْ يَعُدْ مَهْدًا 

تَغفَو فِيهِ الأحْلاَمُ!

فكَم مِن حَمَامَةٍ نَاحَت بِقُرْبي

لأجلِ نَخْلَةٍ اِستَطالتْ بِها المَنَايَا 

وكَم مِن مَرَّةٍ

سَهَّدَ الفُراتُ خَيْالي

وأجَّجتْ دِجْلَةُ شُجُونِي

في غُرْبَةٍ لَا نَهَرَ فِيهَا!

.............................

يَا شُعُوبَ الْمَعْمُورَةِ

لَا العِراقَ أرْثي ولَا شِعبي

وكَيْفَ أرْثي شِعبًا

كَفُّهُ صارَتْ صَحْنًا

لِشِعُوبٍ اِفْتَقَرت وجَاعَت!

ويَوْمَ حُوصرَ واِفْتَقَرَ 

بَعْدَ غِنًى وَتُخْمَةٍ

ذَبَحَ نَفْسَهُ وأكَلَهَا

مِنْ قَسْوَةِ الْعَوَزِ

ولَمْ يَأكُل يَوْمًا

مِنْ صُحُونِ الشِّماتِ!!

...................

يَا رَبِّ 

لي نَحِيبٌ عَلَى مَسْقَطِ رَأْسي

كَنَحِيبِ الشَّمْعِ عَلَى الشَّمعَدَانِ

فأسَألُكَ يَا نَافخَ الرُّوحِ في التُّرابِ 

أنْ تُوقِفَ نَزَّ دَمعِ شعبي

عَلَى ثَرَى بَلدي

وإنْ كَانَتِ الدُّمُوعُ

أصْدَقَ المَرَاثي

وأنبَلَ الصَّلَوَاتِ.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق