ملحم ناصيف وكنا نعرفه "بملحم الزمر" لانه كان يستعمل زمرا لدعوة الاولاد الى بسطته لشراء الأرمش الذي كان يصنعه بقوالب مختلفة عصافير، ديوك، احصنة، وسوها ويدور بها على طرقات البلدة او يتوقف في ساحاتها وامكنة تجمع الاولاد مطلقا العنان لزمره وينادي باعلى صوته "عصفورَك طَيَّر يا زغَيَّر" .
كان رحمه الله كاريكاتوري المنظر بلبادة رثّة وشروال من عهد نوح وشعر طويل الى كتفيه لم يعرفه المشط ابدا ويتدلى من عنقه سلسالا غليظا يحمل بضع مفاتيح وكل هذا لم يكن مهما بالنسبة لنا كنا نتسابق لنشتري ومن يصل اولا يختار ارمشته بالشكل الذي يحبه قبل ان ينتقيها سواه وكان ثمنها خمسة قروش اي فرنك وكان قليل الحظ من لا يتوفر مع والدته ثمن ارمشة يبتاعها.
صدق من قال " البطن بستان يعطي اشكال والوان" فشقيق ملحم لا اعرف اسمه قد يكون ابو جميل ان كان جميل هو الابن البكر فكنت اشاهده امام منزله الحديث البناء رجلا نظيفا لباسه جيد عكس اخيه الذي يقطن في منزل اشبه بخربة حيطانه سوداء من دخان النار التي كان يشعلها داخل المنزل للتدفئة والطبخ و لصناعة الارمش.
جمَّع ملحم ثروة من عمله ومن محاصيل بستانه الواقع على ضفاف نهر رشعين وكان بخيلا حتى على نفسه وخوفا على ثروته المادية وضع كل امواله وما عنده من ذهب في تنكة دفنها في بستانه ولم يعلم بها احد الى ان كان الطوفان الكبير اظن في العام 56 فجرفت معها السيول كل شيء ومنها ثروة ملحم الذي اسرع الى بستانه يبحث عن خزنته ، وتهدَّم الجسر الروماني الذي يصل رشعين ببيادر رشعين .
وتسببت الطوفة باضرار كبيرة في اسواق ومنازل مدينة طرابلس الواقعة على ضفاف نهر ابو علي ومات بعض الناس غرقا ، ولو علم انذاك صديقي الشاعر الكبير المرحوم اسعد السبعلي لاضاف فاجعة ملحم الزمرالى قصيدته التي لحنها وغناها المطرب الراحل وديع الصافي للمناسبة والتي تقول: يمّي انهد البيت خيي مات - واخدت الطوفه اواعينا - واختي الزغيره بَلعتا الموجات - بلا روح رَدّا البحر عالمينا.
رحم الله ملحم ناصيف وايام " الفرنك" وايام القناعة بأرمش ملحم الزمر.
1
رزق الله عا هاك العمر
نشكر خالقنا عا رغيف
ونركض لمّا نسمع زَمر
وغناني ملحم ناصيف
وملحم شَكلو عمرو دَهر
لا فَرشو ولا شكلو نضيف
2
الصابون ووجّو عدوان
تيابو عليه تنعشر شَهر
للنَوم.. وللضَهره كْمان
وشغل المصنع بعد الضهر
يساوي من الأرمش الوان
احمر داكن.. احمر زَهر
للصَبغَه عيار واوزان
وقوالب عصفور ومهر
وديك وتعلب وسعدان
3
وغَلّه مْجَمَّعها بالقهر!..
يمكن مبلغها حـرزان
سوّالا ببستانو قَـبـر
من السرقه عليا خيفان
وبستانو عا ضفاف النهر
وطاف النهر
وراح القبر
وثروة ملحم بالطوفان
- سيدني استراليا
0 comments:
إرسال تعليق