لن يتذكرصهرنا المرحوم سليم هدلا سوى ابناء جيلي او من يزيدني سنا ، فسليم عرفته قبل ان اعرف النطق ، يأتي منذ الصباح لشرب القهوة الصباحية و لالهائي خارجا لتتمكن والدتي من القيام باعمال المنزل ومنها تحضير الغداء وهو الاهم بالنسبة لسليم الفقير الحال الذي لم يكن له لا عائلة ولا مال ولا رسمال وعندما كبرت علمت بان سليم كسولا لا يحب العمل الذي كان متوفرا في البلدة خاصةً في مواسم الفلاحة والزراعة وجمع المحاصيل لكنه كان يكتفي ببعض اعمال السخرة مقابل وجبة غداء او عشاء.
عائلة هَدلا من اوائل العائلات التي سكنت رشعين ولكن من تزوج منها لم يرزق بصبية لذلك انقرضت من القرية اما سليم الذي اتذكره اليوم كان يعيش في سوق كان اصلا للماشية يقع على اطراف حارة "الدار" التي كانت تعود ملكية بيوتها للرهبنة اللبنانية ويقال بان سليم كان يساعد عبدالله عويس جده لوالدي الذي على ما يبدو كان مزارعا متمولا بدليل الاملاك التي ورثها اولاده وكان سليم يساعده في اطعام الابقار التي يمتلكها مقابل اطعام معدته فوقعت بحبه الصبية ساسيليا ابنة جدنا عبدالله والتي كانت تصغره بسنوات وراحت معه خطيفة وكان في ذلك الوقت من العار ان تعود الى بيت اهلها من تروح خطيفة بل تتزوج من خاطفها وهكذا كان، اما العروس التي حلمت بحلاوة العسل وجدته مرا منذ الليلة الاولى، فرشة العريس بضع اكياس من الخيش ومنزله يشبه اسواق البقر عند والدها فندمت حيث لم يعد ينفع فلم يجد والدها حلا افضل من تسفيرها الى الولايات المتحدة فرحلت على متن احدى البواخر وبقيت هناك ولم تعد الى لبنان الا بعد وفاة سليم باعوام وبالرغم من بلوغها الستين من العمر كانت تبدو سيدة جميلة انيقة ويقال انها في العام الاول لهجرتها كانت ترسل الى سليم بين الفترة والاخرى رسالة مسوكرة طيها شيكا بقيمة عشرة دولار وبما ان سليم كان اميّاً كان ككثيرين من ابناء البلدة يستعين بالمرحوم مجيد عبود لكتابة الاجوبة وكان مجيد يكتب مقدمة الرسالة ثم يقرأهها ويسأل ماذا تريدون ان اضيف لكم من اخبار فقل له سليم اضف 11 - 12- 13 - 14 واكمل العد الى العشرين قائلا اكتب لها هل لا تعرف العد سوى للعشرة؟ ويقصد بذلك قيمة الحوالة التي ترسلها له فكتب مجيد ما طلب منه سليم و كانت آخر الرسائل بينه وبين حبيبته ساسيليا.
عاشت عمتي ساسيليا بعد عودتها في منزل شقيقها المرحوم سعيد حتى مماتها اما سليم الذي توفي قبل عودتها بسنوات كان يسمى "جحا" زمانه لطرافة اسلوبه ونكاته وسرعة بديهيته وكان اهل القرية يتعازمونه الى العشاء والسهرات ليضفي على اجوائها المرح وخفة الدم، اخباره وطرائفه والاخبار عنه عديدة ومسلية لا يتسع لها المجال الان، اجدد الدعاء بان يرحم الله روح سليم ولكم الصحة وطول البقاء.
1
بشـروال لمْرَقّع بْخَمس لـوان
ومن عمر جدّو او قَبل لبّادتو
يزور البيوت يلعِّب الـعـجّـان
ويضَل لَـ وَقت الغدا ومن عادتو
ان لاقى الاكله طيّبه يبقى كمان
للعشا ياخد معو زوادتو
وبخربة الرهبان بَيت الـبَهلوان
والعِـدل كانو فَرشتو وسجّادتو
2
وبالـنـوادر كان "جحا " يشبه سليم
خبارو طَريفه وبنِكَت حلوه اشتهَر
والكل عارف واقعو وظرفو الاليم
عالعشا الدعـوات من كل الـبَشَـر
وشو عشاكُن؟ يسأل الضيف الكريم
ووين العشا عا خاطرو يكون السهَر
3
الفقر جَبرو يكون عن مَرتو بعيد
بالفقر ضَل.. وراحت بسَفره
ومن الغربه تحن عالزوج الوحيد
القابع بخربه وعايش بطَّـفْـره
وتبقى البواخر تنقل طرود البريد
وياما مكاتيب الناس منتظره
وينطر سليم رسالة غزالو الشريد
اللي يذكرو بالخير عالحشره
بعشره دولار الشّيك منو يستفـيد
ياكل.. يجخّ.. ويفـقَع السكره
ولجـواب رسالـتو.. يكَلِّف مَجـيد
ويكتب مجيد مقَدَّم النشره
ويسأل شو بدّك بعد قلّي شو تريد
قلّو اكتبلا شيكها تبقى تزيد
بمكتوب تاني تدَوبِل العشره
وانقطعت مكاتيبها وصيتا الحميد
وتا مات.. تا رجعت من السَفره
روميو عويس - سيدني استراليا
0 comments:
إرسال تعليق