عامل المخزن/ عبدالقادر رالة


   أنتَ سعيد جداًّ ومبتهج، أعرف أنك في قمة سعادتك، إن كان للسعادة قمة؟! نقلوك  الى المخزن وتلك كانت أمنيتك منذ مدة طويلة ، فقط لأنك تكره الناس ، وتمقتُ افتخارهم الزائف  ، وطالما كُنت تنزعج من تبجحهم المقيت !

   كما أنك كنت تبغض أشدّ البغض أن تظل النهار بأكمله واقفاً في الفترينة كأنك تمثال رخامي أو شرطي سكوتلندليار ، فإن لم يأتي الزبون فإنه ممنوع عليك الحديث مع زملائك ، ومفروض عليك أن لا تتحرك   !...

   فإن جاء الزبون فإنه يزعجك وبالأخص إن كانت امرأة ...

ـــ تلك بكم ؟ ... وتلك ... وهذه ... أه هذه جميلة !

  أو يأتيك شخص تعرف جيدا كيف يعيش ، ويقول بأن تلك الموديلات ليست من مستواه! فهي رخيصة ، رغم أن ثمنها يعادل نصف أجرته!

  الزبائن دائما يدمدمون بكلام غير مفهوم ردا على ما تقوله حول السلعة ، نوعيتها وثمنها !

   لم يثرك أحد مثلما أثارك ذلك الطفل البدين الذّي اصطحبته أمه معها.. هل تريد هذا             يا حبيبي ؟ لا ...وذالك ...لا ... والأخرى ...لا.. وتلك الزرقاء ... لا ... لا يعرف إلا هزّ رأسه ...تقضي معهما أكثر من الساعة  ثم تقول لك أمه سامحني يا ولد الفاميلة ...الماركات التي يبحث عنها حبيب قلبي لا توجد عندكم ! سأطلب من والده أن يبتاعها له إذ هو سافر الأسبوع القادم الى دبي أو اسطنبول!

  إنه أحمق أخر ذاك الواقف مع حبيبته يتباهى باطلاعه الواسع على الماركات العالمية دون أن يشتري ...

   هؤلاء الأثرياء الجدد القادمون من المدن البعيدة عن العاصمة ، وبالأخص أولادهم تصرفاتهم تتجاوز فهمك ، لذلك لا يوُجد أروع من العمل في مخزن البضاعة ، تستمتع بعملك ، ولا أحد يقول هذا أو ذاك ، لا شيئ أفضل من السكينة ، لا شيئ أفضل من الحديث مع الجمادات !


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق