نكون البنات المدللات لآبائنا... ثم زوجات محبوبات لأزواجنا... فأمهات لأولادنا المشاكسين...وبعد أن يكبر أولادنا الأشقياء ،نزوجهم ونصبح الحموات المبغضات من طرف كناتنا...
هذا ما عشته وتعيشه جميع النسوة.... هذا هو العنوان الكبير الذي وعيته من أحاديث خالتي ميرة حينما كانت تزورنا بين الحين والأخر!..
تتحدث عن نفسها ، وعن جميع بنات حواء ، المرأة ، الابنة ، الزوجة ، الأم ، الحماة ، الجدة... العمة ، الخالة ، ونادرا جدّا ما تتحدث عن العاشقات فذلك حرام وأشد ما تكره المرأة أن تعشق أخرى زوجها... عالم النساء واسع وفسيح قد يختلف قليلاً عن عالم الرجال .. الأحلام... الآمال... الآلام.. النسوة أيضا يصدمن من الحياة تماما مثلما يصدم الرجال ويصرخن بأعلى أصواتهن: ليست الحياة كما حلمنا ورغبنا!
كنتُ أحب الجلوس إليها رغم أني طفل ، وكانت أمي توبخني وجدتي تنهرني بأن أخرج لكي ألعب مع الأطفال أو أجلس مع والدي وأصحابه فأنا رجل ولست امرأة! وما ذا استفيد من ثرثرتهن فكنت أجيب باني أحب خالتي ميرة...
فالمرأة مثل الرجل ، وخالتي رحمة أو ميرة مثل معلمي لخضر أو بن علي كان لهن دور في صياغة حياتي وصورهن رافقتني وأنا طفل ومراهق .. ومن خلال أحاديثها عرفت أن حلم أي امرأة رجل يحبها ويحتضنها، بينما أحلامنا نحن الرجال كثيرة جدا ...
كنت أعرض عن الجلوس مع والدي أو عمي وجدي فهم لا يسألون إلا عن علامات الفروض والاختبارات ، وفي أي مادة أنا متفوق و من الأستاذ الذي لا يحسن التدريس..
كنت أتخيّر الجلوس وسط النسوة من جارات ، قريبات أو صديقات قديمات لجدتي أتعلم منهن ما لا أجده في المدرسة أو في نصوص المطالعة ، وأجمل شيء تعلمته منهن هو الاحترام المتبادل ... وأحاديثهن متنوعة ومتشعبة ، عن الزوج ، وعن الأولاد ، وعن الأوانس وعن المتزوجات ونادرا ما سمعتهن يتحدثن عن أحوال مدينتنا الصغيرة أو عن البلد...
وكانت خالتي ميرة أحبهن إلي ، فهي تحكي عن تجربة في الحياة ، وكثيرا ما سمعتها توجه أمي أو تنصح زوجة عمي بأن تصبرا وأن لا تناقشا زوجيهما الند للند...
فكل عجوز إلا وصبرت لأجل أولادها حتى تصنع منهم رجالاً... على المرأة أن تصبر ، فالصبر يحل جميع المشاكل ويزيح جميع العقبات ، على المرأة أن تعرف أن الصبر والعشرة أهم من الحب ، الحب يجلب السعادة لكن الصبر يصون تلك السعادة ، فيصمد الحب ويثبت البيت ويتحدد نجاح الأولاد في المستقبل..
كل امرأة إلا وتتقن الحب ، وكل امرأة إلا وتتفوّق في البكاء والإغراق في الحزن إذ فقدت حبيباً...
0 comments:
إرسال تعليق