مِحْنَةُ النَّخْيلِ/ الأب يوسف جزراوي

 


فِي ذَلِكَ الْمَسَاءِ


صَمَتَتِ البَسَاتِينُ وتَوَقَّفَ هَدِيرُ الأَصْوَاتِ


فعَادَ البُسْتَانِيُّ إِلَى مَخْدَعهِ


لَكِنَّ ثَمَّةَ حَمَائمٌ بَقِيَتْ


عَلَى ضَفَّتيْ نَهْرٍ عِراقيٍّ


غَيْرَ أَنَّهَا تَابَت عَنْ الهَدِيلِ 


عَلَى غِرَارِ البَلابِلِ


 الَّتِي اِعتَزلَتِ الْغِنَاءَ 


قَبْلَ أَنْ تذهَبَ للنَّوْمِ بَقيّةَ عُمْرُها!


بَيْنَما الْعَصَافِيرُ اِعتَكَفَت 


وعَزَفتْ عَنِ التَّحْلِيقِ


لَكِنَّ ثَمَّةَ نَوارَسًا  


كَانَتْ تتنقّلُ خُلْسَةً


مِنْ عُشٍّ إِلى عُشٍّ


فَوْقَ نَخِيلٍ


وَجْههُ يَشِي بِالحُزْنِ


لاَ بِسَبَبِ فَأسٍ أو فَلاَّحٍ


بِل جَرَّاءَ نَوارَسٍ  


هيّأتْ هِجْرَتَهِا!


فكُلَّمَا لَمَحَ  النّخلُ نَورَسًا 


اِسْتَرقَ النَّظَرَ إلَيْهِ


مُذّكِرًا إِيَّاهُ بِعُشّهِ!


لَكِنَّ النّوارَسَ بَاعَت أجْنِحتَها


وَرَكِبَت مَوْجَ الرَّافِدَيْنِ وهَاجَرَت


عَلَى مَتْنِ  كَلَكٍ* بِلا رُبّانٍ


واضَعَةً سَاقًا عَلَى سَاقٍ!!


 والْمُدْهِشُ فِي الأمْرِ


أنَّ كُلِّ نَورَسٍ  


حَملَ فِي مِنْقَارهِ فَسِيلَةً وهَاجَرَ


إلَى بُلْدَانٍ  بِلا نَخِيلٍ


رَيْثَمَا يَضِلُّ الْمَوْتُ الطَّرِيقَ


إلَى بَلَدِ النَّخْيلِ!.

**

*كَلَك: في اللهجة العراقيّةِ واسطة نقل نهريّة.



CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق