مشهد آثم/ رحال لحسيني



صراخ متردد يظهر أقل مما يحدث فعلا، لا يخلف نفس الصدى في المكان وفي المدى. غبار متناثر بين ما تبقى من الجموع، أجساد تتلاحم وتفترق بمرونة فائقة، تشابك الأيادي المرتفعة الملطخة بالرماد.

ركض وركض مضاد، طفلة تموء كقطة محاصرة في زاوية زقاق مغلق، منازل خجولة متقابلة كأنها تهوي قليلا لتقبل بعضها البعض، لم يغادر أبوابها تراب داكن تحمله أوجاع القسوة.

ضجيج أطفال بلا ملامح يصرخون ويتقاذفون نعل الطفلة القمحية مشعتة الشعر. وجهها المكور يشع من حمرة الدهشة.

كانت تقفز خلف امراة تفر من ذكريات دامية تجري أمامها. 

ربما ليست أمها. 

رمقتها بنظرة غامضة وغادرت، لم يعد لها أثر.

تركته خلفها حين حاولت اللحاق برجل يضع لثاما من الشوق على عينيه العسليتين، توارى حين أرادت كشف ملامحه.

غالبها الدمع زلالا من شدة البرد والسقم، خدودها معبر ماء مالح ينبع من عيون هائجة.

كيف لهذا الظل أن يحمل خفقان قلبها الصغير.

الوجل لا ينتهي منذ مدة، الريح صرصرا عاتية.



CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق