صفقة القرن قائمة علي دعم الاستيطان وتكريس الاحتلال/ سري القدوة


لقد كانت منطلقات العمل الوطني والمحتوى التكويني للثورة الفلسطينية أساساً لترسيخ منهج الكفاح الفلسطيني على مدار حقبة تاريخية هامة، فمنذ انطلاقة الثورة الفلسطينية من واقع المعاناة والآلام لترسيخ مفهوم التحرر الوطني على مدار أكثر من خمسين عاماً، قدم خلالها شعبنا وما زال يقدم الشهداء تلو الشهداء من أجل نيل الحرية والاستقلال وتقرير المصير، وان شعب فلسطين استمر في تقديم التضحيات الجسام وهو شعب مناضل يستحق الحياة ويستحق العيش بحرية وكرامة على أراضيه التي احتلت بالقوة والغطرسة من قبل الكيان الغاصب الاسرائيلي، ولقد عملت القيادة الفلسطينية وضمن دبلوماسيتها على تحديد الملامح النضالية للشعب الفلسطيني، وكانت فلسطين حاضرةً دوماً في كل المحافل الدولية، لقد عرف العالم الشعب الفلسطيني من خلال الكوفية السمراء، كوفية الرئيس ياسر عرفات، وقد استمرت المسيرة وبنفس النهج لتتواصل مسيرة النضال التحرري وبرئاسة الرئيس محمود عباس لتحقق العديد من الإنجازات الدبلوماسية الهامة لتكريس صورة الفلسطيني المناضل الذي يسعى إلى العيش بحرية على أرضه ويعمل على  تحقيق تطلعات وأماني وأهداف شعبنا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها.

في ظل ذلك يستمر العدوان الاسرائيلي علي شعب فلسطين وتستمر الادارة الامريكية في دعمها للاحتلال الاسرائيلي وتشجيعها لمواصلة الاستيطان في الاراضي المحتلة وخاصة في مدينة القدس والتنكر للحقوق الفلسطينية، ولقد شهدت مدينة القدس المحتلة تصعيدا اسرائيليا ممنهجا وتوسيع بؤر الاستيطان حيث تشهد مخططات تهويدية متواصلة تشترك فيها كل من حكومة الاحتلال وبلدية الاحتلال في القدس والجمعيات الاستيطانية وبدعم من قبل ديفيد فريدمان السفير الامريكي في القدس، بهدف تحجيم الوجود الفلسطيني في المدينة، والاستمرار في تطبيق غير معلن لما يسمى بصفقة القرن من خلال شن سلطات الاحتلال الاسرائيلي حربا شاملة على المقدسيين خاصة بالتوسع في عمليات الطرد والتهجير القسري الجماعي.

إن حكومة الاحتلال تتحمل المسؤولية المطلقة في إفشال القيادة الفلسطينية ومحاصرتها من خلال استمرارها في سياسة مصادرة اموال المقاصة وعائدات الضرائب واستمرار سياسة الاستيطان الضاربة بالأرض المحتلة وسرقة ومصادرة الاراضي، وفي توجيه ضربة قاتلة لعملية السلام والعودة لمربع الصفر، لاستمرار العدوان علي شعبنا واستهداف الشباب الفلسطيني، واستمرار سياسة الاعتقالات ومحاصرة شعبنا في قطاع غزة، وتكريس الاستيطان لحكومة نتيناهو وخاصة كونه يخوض سباق الانتخابات المبكرة القادمة، حيث يمارس التحريض ضد شعبنا وبكل عنجهية معتمدا على سياسة القتل والحصار والتجويع والعربدة وغير مبال بأي نتائج وخاصة في ظل الدعم المطلق والمساندة من قبل الادارة الامريكية برئاسة ترامب للتطبيق التدريجي لصفقة العصر، حيث لا يوجد أي شخص يمكنه كبح مخطط حكومة الاحتلال أو التدخل لإيقافه، بل نلاحظ حالة الضعف العربي والصمت على جرائم الاحتلال والانحياز الأمريكي الواضح للسياسة الإسرائيلية، وهذا بالتأكيد سيعيد شعبنا وقيادتنا إلى المربع الأول؛ ما يهدد بانهيار عملية السلام برمتها وتكريس لغة القتل التي يعشقها نتنياهو وحكومته، فمن الواضح أن حكومة الاحتلال لا تعرف إلا لغة الدم والعربدة والقتل.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، كيف لعملية السلام أن تستمر في ظل مواصلة حكومة الاحتلال في سياسة الاستطيان والقتل والعربدة ومصادرة الاراضي الفلسطينية؟ وكيف للسلام ان ينطلق والحصار يشتد على الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية وعلى المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، والقدس تتعرض لأكبر تهويد لها والاستيطان يبتلع أراضي الضفة الغربية؟!.

إننا نقف بالتأكيد أمام مفترق طرق حيث تتحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة أمام هذا التطاول السافر على الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، حيث يرفض شعبنا وقيادتنا العيش تحت وطأة الاحتلال ولا يمكن لأي فلسطيني أن يرضى أو بوسعه أن يتحمل هذه السياسة الحمقاء التي لا تخدم إلا المصلحة الإسرائيلية، فشعبنا اليوم أحوج إلى تكريس وحدته الوطنية ووحدة موقفه من أجل التصدي للمخطط الإسرائيلي؛ فالوحدة الوطنية الفلسطينية هي صمام أمان المستقبل.

فالمطلوب من فصائل ومنظمات العمل الفلسطيني أن تنطلق لتعزز الوحدة الوطنية الداخلية وتقوية أوصالها وتوحيد لغة الخطاب السياسي الفلسطيني ضمن منهج واضح يكرس رفض الاحتلال ويعبر عن لغة الوحدة ويكفل التصدي للاحتلال ومخططاته العدوانية.

ان دول العالم اجمع باستثناء الولايات المتحدة الامريكية وحليفتها اسرائيل يؤكدون وبكل المناسبات والمواقف ادانتهم وبشكل واضح لسياسات الاحتلال الاسرائيلي المتمادية والمستمرة في الأراضي الفلسطينية ولسياساتها العنصرية ضد أبناء فلسطين وأراضيها ومقدساتها ومقدراتها الطبيعية والبشرية، وان دول العالم برفضها لصفقة القرن تؤكد مجددا أن الشعب الفلسطيني مع قيادته الوطنية الحكيمة عصي على الإذعان والانكسار وقادر على الصمود في مواجهة أعتى التحديات حتى تحقيق اهدافه الوطنية المشروعة، وإننا هنا ندعو أحرار العالم الى مضاعفة الجهود واتخاذ الإجراءات اللازمة من اجل دعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ومواصلة دعم القضية الفلسطينية العادلة من اجل تحقيق السلام الدائم في المنطقة وفًقا لقرارات القمم العربية، والقائمة على إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على الأراضي الفلسطينية الُمحتلة عام 1967م وعاصمتها القدس، وإنجاز حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرار الاممي  194 لسنة 1948 وتنفيذ بقية قرارات الشرعية الدولية الكفيلة بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية كآخر احتلال على وجه الارض.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق