لا تقوض الصمت كثيرا/ رحال لحسيني



كانت تبدو فرحة تماما، تلاعب بلسانها شفتاها اللذيذتان، تعيد نظارتاها الشمسية إلى وسط رأسها، تضبط تطاير خصلات شعرها الدسم.


المنخفض بهيج، مياه تتدفق بين صفصافتي حاشية النهر، ينابيع هادرة، شجيرات يافعة الأغصان، أحواض مكتظة بالعشب، أغراس وافرة على تخوم رمان جيران الوادي.


حكايات يبست من شدة التكرار. 

لا تبال بما يقول لها، تريد أن تكون ما تريد. 

ليست هي التي يتحدث عنها، ليس هو من كان معها.


الطريق الطويل الذي مرا منه إلى هنا أتعب بهاء قدميها الصغيرتين، قصر قامتها ورقبتها يعطي وجنتيها سحرا خاصا. تنورتها التي تلعب بها ريح خفيفة، كانت في حجة مناسبة لتتهرب من حديثه الصامت.

تريد أن تغادره، لا ترد أن يكشف الريح بياض ساقيها.


مالت نحوه قليلا، أهدت نصف نظرة شغف إليه، وقالت:

- ماذا تريد مني هذا اليوم.

مال نحوها بدوره قليلا وأجاب: 

- النوم على بساط ظلك.. 

ابتسمت وقالت بمكر ظاهر: 

- كأنك لا تشعر بوجودي الٱن.

أشار بأصابع يده إلى وسط صدره، وأضاف بهدوء:

- كأنك شجرة جوز تحتل جوارح هذا الحقل.


عم بعض الصمت بينهما من جديد.

اتكأت على كتفه ورمت بنسمات خيالها إلى البعيد.


لم تفارق ذهنه لحظة بيع حصان عائلته وهضاب فسيحة تشتبك بمثل هذا النهر. 

كان يركض أمام طفولته، جده لم يتحمل فراقهما، هام فوق سطح إسطبل جريح، تمدد برهة ليسترح. يشم رائحة صهيل قلبه. ولم يستيقظ.


فرت من نبض خياله، طافت فوق جراح روحه التائهة في مدى غيمات تطوف قريبة جدا منهما.

نامت.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق