مكتبة أودي المركزيّة في وسط هلسنكي/ ب. حسيب شحادة



جامعة هلسنكي


اسم هذه المكتبة الفريدة من نوعها بالفنلنديّة Oodi وبالسويديّة وبالإنچليزيّة ode أي قصيدة/أنشودة غِنائيّة، كان قدِ اختير من ضمن أكثرَ من ألف وستّمائة  اسم مُقترح. في فنلندا توجد مكتبة في كلّ بلدة أو مدينة، ويبلغ عدد المكتبات أكثر من ثمانمائة، وبحوزة مليون وتسعمائة ألف من المواطنين بِطاقة مكتبيّة. وعدد مكتبات هلسنكي أربعون تقريبًا.  نُشير إلى وجود مدرسة ومكتبة في كلّ قرية فنلنديّة منذ بداية القرن التاسع عشر، أي قبل قرنين ونيّف من الزمان. ومن المفروغ منه، أنّ توفّر المكتبات المجّانيّة للجميع يعزّز التربية والتعليم ويشجّع على القراءة وحريّة الرأي والشعور الجماعيّ وإثراء الخيال. تتبوّأ فنلندا مكان الصدارة في العالم بخصوص ريادة المكتبات واستعارة الكتب إذ يبلغ معدّل استعارة الكتب للفرد سنويًّا ستّةَ عشرَ كتابا. عند مدخل المكتبة هنالك حجر نُقشت عليه بلغات كثيرة ومنها العربيّة عبارة: ساحة حريّة التعبير، بالفنلنديّة: Sananvapauden aukio وبالإنچليزيّة: Free Speech laza، وبالألمانيّة:  Platz der freien Meinungsäußerung وبالفرنسيّة: place de la liberté d’Expression.


صاحب فكرة بناء هذه المكتبة الفريدة في بابها، الواقعة بجِوار محطّة القطارات المركزيّة ومقابل مبنى البرلمان الفنلنديّ،  كان كلاس أندرسون، وزير الثقافة في العام 1988؛ ولكن في بداية العام 2015 قرّر مجلس هلسنكي البلديُّ إقامةَ المكتبة بمساهمة من الحكومة أيضا. وهكذا أصبح تشييد أودي المشروع المركزّي للذكرى المئويّة لاستقلال فنلندا، وقد كلَّف ذلك ثمانية وتسعين مليون يورو. المكتبة قائمة على مساحة ما يقارب عشرة آلاف متر مربّع، فيها حوالي مائة ألف كتاب معظمها باللغات - الفنلنديّة، والسويديّة، والإنچليزيّة. وقد فُتحت أبواب هذه المكتبة الخاصّة من حيث الهندسة المعماريّة الخلّاقة عشيّة عيد استقلال فنلندا، في الخامس من كانون أوّل سنة 2018. شعار هذه المكتبة كما ورد في منشوراتها: المساواة والاحترام والراحة، يحقّ لكلّ شخص أن يكون في أودي كما يشاء، ولا تساهلَ مع العنصريّة أو التمييز. في هذه المكتبة مِساحة مفتوحة للثقافة والإبداع. المكتبة مفتوحة كلّ أيّام الأسبوع من الثامنة صباحًا حتّى الثامنة أو التاسعة مساءً. بلغ عدد زوّار المكتبة من فنلنديّين وأجانب بعد عام واحد من افتتاحها أكثر من ثلاثة ملايين شخص، إلّا أن معدّل الزوّار السنويّ يصل حوالي المليونين ونصف المليون. أمّا معدّل عدد الزائرين اليوميّ فيقدر بعشرة آلاف شخص (دخول الكلاب ممنوع).  تقام فعّاليّات ثقافيّة واجتماعيّة متنوّعة في رِحاب هذا الصرح الجميل من الخشب والزجاج والفولاذ، فثمّة غرف للاجتماعات والمحاضرات ولقاء كتّاب، وقاعة للسينما تسَع مائتين وخمسين شخصًا. 

البناية بشكل سفينة وهي من تصميم المكتب الهندسيّ المحليّ إيه أَل إيه، مكوّنة من ثلاثة طوابق: الطابق الأوّل  مخصّص للقاءات  وللأفلام،  وهنالك نقطة استعلامات ومطعم بخدمة ذاتيّة/بوفيه وبالفنلنديّة ”الطاولة الواقفة“. أمّا الطابق الثاني فهو للإبداع، وتوجد طابعات ثلاثيّة الأبعاد، وماكينات خياطة وألعاب ڤيديو وغرف ستوديو لإعداد ما يرغب الزائر من موسيقى. كما يستطيع الشخص استعارة آلة موسيقيّة أو القيام بقطع معدن معيّن بواسطة الليزر والتعرّف على معدّات عالية التقنيّة. الطابق الثالث معدّ للقراءة  والاسترخاء ويدعى ”الواحات“/oases، وفيه رفوف الكتب بعشرين لغة تقريبًا، ومنها العربيّة فهنالك عشرات الكتب، وهناك يقرأ الزائر وفوقه سقف شبيه بالغيوم، وثمّة مقهى صغير أيضا. كما يوجد تمثال Divina Oroportione 2012، وكذلك شرفة المواطن، وهي بنفس مستوى مدخل بناية البرلمان المقابل لها،  وهذا يرمز إلى الديموقراطيّة والحوار. وهنالك قسم للأطفال يحتوي على النوتات الموسيقيّة والأفلام والألعاب التي يمكن استعارتها. ولدى طاقم الموظّفين المستعدّ دومًا  للإرشاد والمساعدة ثلاثة روبوتات (أشخاص آليّون) تساعدهم في نقل صناديق الكتب من طابق لآخرَ. ويقول مصمّمو الموقع إنّ هذه الروبوتات المكتبيّة تُستخدم للمرّة الأولى في  مكتبة عامّة في العالم.  وتحمل تلك الروبوتات الأسماء - تَتُو، پَتُو، وڤيرا (Tatu, Patu, Veera)، اختارها زبائنُ أودي، وهي مستمدّة من الأدب الفنلنديّ للصغار. ويقول مسؤول الثقافة والترفيه في بلديّة هلسنكي: أُودي تعرض فكرة معاصرة عن مفهوم المكتبة الحقيقيّ، هذه دار أَدبيّة ودار للتكنولوجيا والموسيقى والسينما والاتّحاد الأوروبيّ أيضا. كلّ هذا يتناغم مع فكرة الأمل والتقدّم. 

صدق القول الشعبيّ الفلسطينيّ ”إلْحَكي مِش متلِ الشّوف“.


https://oodihelsinki.fi/

https://oodihelsinki.fi/en/oodis-services-for-tourists/

https://oodihelsinki.fi/en/what-is-oodi/architecture/

https://www.archdaily.com/907675/oodi-helsinki-central-library-ala-architects

https://en.wikipedia.org/wiki/Helsinki_Central_Library_Oodi

https://www.youtube.com/watch?v=DoRtb-XYjUo

https://www.youtube.com/watch?v=Ij4pt3NIYkQ


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق