the Samaritan Pentateuch into Arabic?
يذكر البدوي الملثم (اسم مستعار ليعقوب حنّا العودات ١٩٠٩-١٩٧١) في مقاله الموسوم بـ ”مِن أعلام الفكر والأدب في فلسطين، عصام عاشور، القس إلياس مرمورة، رشاد بيبي“، الأديب ج. ٥ س. ٣١، مايو، ١٩٧٢، ص. ٣١-٣٥، بأن القسّ النصراوي إلياس مرمورة (١٨٨٧-١٩٤٧)، الذي عمل راعيًا للطائفة الإنجيلية في نابلس مدّة خمسة عشر عامًا، كان قد نقل توراة السامريين إلى العربية (ص. ٣١) وفي الصفحة التالية ٣٢ ورد ما يلي:
” ومن الكتب التي خلّفها الفقيد:
(١) السامريون: وهو كتاب طبع على مطابع دار الأيتام الإسلامية بالقدس ١٩٣٤.
(٢) توراة الطائفة السامرية بالكتابة العربية (فقدت مخطوطة هذه الترجمة العربية من بيت الفقيد في القدس بعد ان اغتصب العلج الصهيوني المدن والقرى العربية بفلسطين“.
وهنالك كتاب ثالث لم يُذكَر في المقال قيد البحث، جمعه وطبعه القسّ مرمورة وهو: ترانيم ميلادية رتلت في كنيسة مار بولس ومدرسة صهيون الإنكليزية (مدرسة المطران كوبات) في القدس. مطبعة دار الأيتام السورية، ١٩٣٤؟، (هكذا ورد في كاتالوج مكتبة الجامعة العبرية) ٢٤٠ ص. والكتاب متوفّر في المكتبة الجامعية والوطنية في القدس الغربية. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ يعقوب العودات قد ألّف كتابًا صخمًا بعنوان ”من أعلام الفكر والأدب في فلسطين“، صدر في عمّان عام ١٩٧٦؛ ط. ٣، ١٩٩٢، القدس: دار الإسراء.
إزاء هاتين المعلومتين يُطرح السؤال المتشعّب التالي: هل القسّ إلياس مرمورة قد ”نقل“ بمعنى ”ترجم“ التوراة السامرية إلى العربية ومن أيّة لغة؟ أمن الأصل العبري السامري أم من الترجمة الآرامية السامرية؟ وهذا في تقديرنا من المحتمل البعيد جدّا، إذ أنّنا لم نجد أيّ دليل على ذلك، لا في ما توفّر لدينا من مصادر اطّلعنا عليها في غضون عشرات السنين ابتداءً من عام ١٩٧١ لأبحاثنا في موضوع السامريين، سواء أكانت مكتوبة أم منقولة شفويا. والجدير بالذكر ورود هذه الفقرة في المقال آنف الذكر في ص. ٣١:
”وفي الفترة الطويلة التي عاشها في نابلس (١٥ سنة) اتصل بكهان السامريين وتعلم لغتهم ونقل توراتهم الى العربية ووضع كتابا عن هذه الطائفة طبعه عام ١٩٣٤ وفيه تناول تاريخ السامريين واصولهم ...“ ما المقصود يا تُرى بـ ”لغتهم“ في هذا السياق، أهي عبرية التوراة أم آراميتها (الترجوم) وكلتاهما غير محكيتين منذ قرون؟ أضف إلى ذلك أنّ مثل هذا العمل الضخم كان من المفروض أن يُحدث بعض ”الضجة“ على الأقلّ آنذاك في الإعلام، ويتردّد صداه في التقاليد السامرية الشفوية على الأقلّ، ثم لماذا مثل هذه الترجمة، وقد ترجمت التوراة السامرية في القرون الوسطى، وثمّة عشرات المخطوطات التي كانت متوفّرة في المكتبات ولدى السامريين في نابلس، ولكن بالحرف السامري عادة. أضف إلى ذلك، لا ذكر لمثل هذه التوراة في كتابه عن السامريين المشار إليه وإلى محتوياته لاحقًا. مثل غياب هذا الذكر، لا يعني بالضرورة عدم وجود مثل هذه الترجمة، فمن الممكن أن تكون الترجمة أو النقحرة قد أنجزت بعد طباعة ونشر الكتاب عن السامريين في عام ١٩٣٤.
من المحتمل القريب في تقديرنا، أن يكون القسّ إلياس مرمورة قد نَقْحَر (نقل حروف) الترجمة العربية للتوراة السامرية من الرسم السامري إلى الأبتثية العربية. والسؤال يدور أيضًا حول ما خلّف مرمورة من كتب أو من مخطوطات، أصدرت هذه الترجمة بشكل كتاب ومتى كان ذلك فلا ذكر لذلك، أم أنّها، على الأغلب، مخطوط، ولا ندري بالضبط من سرقها من مكتبة مرمورة في القدس في أعقاب حرب العام ١٩٤٨، مثلها مثل عدد كبير من المؤلّفات العربية الفلسطينية، التي انتقل قسم كبير منها إلى المكتبة العبرية الوطنية والجامعية في القدس الغربية، إلا أنّ هذا المخطوط المذكور لا ذكر له في الكاتالوجات التي فحصتها حتى الآن، ومن المحتمل أن يكون المخطوط المذكور قد وقع في يد أحد المهتمّين بجمع الكتب.
القسّ إلياس مرمورة وُلد في الناصرة، تعلّم في مدرستها الابتدائية، أنهى دراسته الثانوية في مدرسة صهيون المقدسية الإنجليزية، انتسب لكلية الشبّان، درس العربية على المعلّم اللبناني المعروف نخلة جريس زريق (١٨٦١-١٩٢١)، وعلّم في مدرسة صَِهْيون. اختار مرمورة الخدمة الدينية في العام ١٩٠٨، فرُسم شمّاسًا فقسّيسًا في رام الله فنابلس فرام الله فبيت المقدس، وكان راعي كنيسة مار بولس الإنجيلية المقدسية في شارع أسباط إسرائيل في الأعوام ١٩٣٩-١٩٤٣ وتمّ تكريس هذه الكنيسة في ١ ك ١ سنة ١٨٧٤ في أحد الادفنت ورسم القسّ خليل الجمل (أنظر: تاريخ الناصرة من أقدم ازمانها الى ايامنا الحاضرة تأليف القسّ أسعد منصور، مؤسسة الهلال بمصر، ١٩٢٤، ص. ٢٠٠ ملحوظة ١ (الكتاب متوفّر على الشابكة) . عانى القسّ مرمورة الأمريّن من السلطات التركية في خلال الحرب الكونية الأولى فنفي مع عائلته إلى أدرنه بتركيا.
كان القسّ مرمورة متضلعًا من اللغة العربية المعيارية، وتشهد على ذلك خُطَبه الارتجالية وعظاته وشعره الرقيق. كان يدعو المسؤولين من رجال الدين إلى الاهتمام باللغة العربية، والحرص على تعلّمها، بل وفرضها مادّة إجبارية على طلاب اللاهوت في الامتحانات. وكان مرمورة قد أسّس مجلة ”الأخبار الكنسية“ سنة ١٩٢٦ في القدس، وصدرت مدّة أربعة عشر عامًا بدون انقطاع. وكان مرمورة قد انتُخب عام ١٩٣٤ رئيسًا للمجمع الوطني الكنسي في فلسطين والأردن، لغاية عام تقاعده بسبب إصابته بالمرض سنة ١٩٤٤. وفي عام ١٩٣٧ كان ممثّلًا للكنيسة الإنجيلية الوطنية في احتفالات إقامة مطرانية القدس الإنجليكانية في لندن، وأطلع رجال الدين الإنجليز على القضية الفلسطينية، ملبيًا بذلك طلب المفتي الحاج محمد أمين الحسيني (١٨٩٥-١٩٧٤). وقام مرمورة برحلة إلى أدنبرة ممثّلًا للكنيسة العربية الإنجيلية وأبلى هناك بلاء حسنًا لنصرة قضية وطنه.
من خصائص القسّ مرموره افتخاره الدائم بلغة الضاد وبمقاومته للحركة الصهيونية. يأتي اسم القسّ مرمورة في عِداد مثل هذه الشخصيات العربية المسيحية، التي تنبّهت لخطر الحركة الصهيونية وقاومتها: نجيب عازوري، نجيب نصار، غريغوريوس حجّار، عيسى العيسى، توفيق كنعان، عيسى البندك، القسّ حنّا بحّوث، سعيد عودة، شديد باز حدّاد، جورج حبش، وديع حدّاد إلخ.
بناء على المعلومات المتوفّرة لدينا، كان القسّ مرمورة قد خلّف ما ذُكر آنفًا بخصوص التوراة السامرية وثانيًا: كتاب بعنوان: السامريون، والكتاب يتضمّن تاريخ السامريين واصلهم ومنشئهم واعيادهم ومقادسهم (هكذا في الأصل) وتوراتهم والفروق بينهم وبين اليهود وفيه لمح من تاريخ شكيم (نابلوس) والسامرة (سبسطية) وآثارهما. القدس: مطبعة دار الايتام السورية، يطلب من مكتبة فلسطين العلمية، القدس ومن المؤلف بالقدس، ١٩٣٤، ١٠٠ص. نسخة من هذا الكتاب متوفّرة في المكتبة الوطنية والجامعية في القدس وفي مكتبة وزارة الخارجية الإسرائيلية ورقمه 55B 367 في الأولى و 0318 في الثانية (بحسب النسخة المصوّرة التي بحوزتي منذ بداية سبعينات القرن العشرين).
يشار أولًا إلى أنّ هذا الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات، التي كان المؤلِّف مرمورة، ينشرها تباعًا في مجلة ”الأخبار الكنسية“، وقد ساعده في كتابة بعض الفصول، كلّ من المطران نجيب أ. قبعين (مطران: ١٩٥٨-١٩٧٦) والكاهن الأكبر عمران بن إسحق، أبو سلّوم (١٨٨٩-١٩٨٠، كاهن أكبر ١٩٦٠-١٩٨٠ ). يضمّ هذا الكتاب هذه العناوين: أصل السامريين ص. ٢-١٤؛ خلاصة تاريخ السامريين ص. ١٤-١٥؛ خلاصة قصّة يوسيفوس عن سنبلط وصهره منسى الكاهن ص. ١٦-٢٠؛ خراب اورشليم وشكيم ص. ٢٠- ٢٦؛ السامريون تحت حكم المسلمين ص. ٢٦-٢٩؛ السامريون في الوطن وفي الهجرة (هكذا في الأصل) ص. ٢٩-٣٠؛ تواريخ السامريين ص. ٣١-٣٢؛ نبذة من سفر يشوع السامري بلغته الاصلية، نسخة الكتاب، خبر ما كان من نبيح وما اجراه، ص. ٣٢-٣٤؛ عاصمة السامريين، ص. ٣٥-٤٢؛ شكيم وضواحيها، ص. ٤٢-٤٤؛ عيبال ص. ٤٤-٤٥؛ بلوطة مورة، بئر يعقوب ص. ٤٦-٤٧؛ شكيم (سيكم) وسوخار ص. ٤٧-٤٩؛ بلاطة وآثارها، ص. ٤٩-٥١؛ عورتا ص. ٥١-٥٢؛ كفل حارس او كفر حارس ص. ٥٢-٥٢؛ اعياد السامريين ص. ٥٣-٥٤؛ ديانة السامريين ص. ٥٤-٥٧؛ التوراة السامرية ص. ٥٧-٦٢؛ ملحق ١، فصل من رحلة القس هنري موندرل من حلب الى القدس في فصح ١٦٩٧. الاربعاء في ٢٤ اذار ص. ٦٢-٦٥؛ ملحق ٢، آثار مدينة السامرة ص. ٦٦-٧١؛ المدينة التي قبل عصر هيرودس ٧١-٧١-٧٢؛ المدينة الاسرائيلية ص. ٧٣؛ النقوش الاسرائيلية ص. ٧٤-٧٩؛ العاج في السامرة ص. ٨٠-٨٤؛ فهارس الكتاب وإصلاح خطأ ٨٥-١٠٠ (الكتاب متاح على الشابكة بالمجّان).
قد لا نحيد عن جادّة الصواب، إذا قلنا إنّ كتاب مرمورة حول السامريين، يُعتبر من بواكير الكتابات العربية في هذا المضمار، إن لم يكن الباكورة الأولى (أنظر: http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=279573&r=0). ويذكر القسّ مرمورة في الصفحة المرقّمة الأولى، أنّه لم يطالع في العربية شيئًا حول الطائفة السامرية، سوى مقالٍ لجرجي زيدان (١٨٦١-١٩١٤) وهو عبارة عن انطباعاته وما علمه عن السامريين من خلال زيارته لهم في نابلس عام ١٩١٣ برفقة مرمورة. ممّا يجدر ذكره أنّ الطائفة السامرية، عاشت في نابلس منذ القِدم ولم تتركها على مرّ القرون، فجبل جريزيم في جنوب نابلس، هو أقدس مكان بالنسبة لها، وهو أحد أركان العقيدة السامرية الخمسة: إلاه واحد هو شيما أي الاسم؛ أسفار موسى الخمسة، التي تختلف عن التوراة اليهودية في ستّة آلاف اختلاف بالتقريب والسامريون لا يؤمنون بغيرها [مرمورة يكتب في أسفل ص. ٥٨: ”والتوراة السامرية هي اليهودية نفسها لكنها تفترق عنها في بعض القراءات كما تختلف عنها في الحرف“، وهذا القول غير صائب، ويضيف في الصفحة التالية ”والتوراة السامرية محفوظة عند السامريين في خزانة حديدية في الكنيس في صندوق فضي مذهب ولقدمها قد رُقعت في اماكن كثيرة وهي مكتوبة على رق ويدعي السامريون انها من خط ابيشوع بن فينحاس بن هرون الكاهن … في باب الخيمة على جبل جرزيم في السنة الثالثة عشر من حكم الاسرائيليين لارض كنعان … وقد حاول الاروبيون ان يبتاعوها من السامريين فرفضوا ذلك كما ان كثيرين حاولوا سرقتها “]؛ موسى كليم الله هو النبي الذي لا نبي مثله؛ مجيء التاهب أي المسيح العائد في عاقبة الأيام.
أقدم المؤلفات العربية التي تُعنى بالسامريين رأت النور بعد عام صدور باكورة القسّ إلياس مرمورة بثلاثة عقود فأكثر مثل ما ألّفه التالية أسماؤهم: إياد البرغوثي وحسين أحمد شريف، سيّد فرج راشد، أحمد حجازي السقّا، محمد حافظ الشريدة وعمر عبد الخالق غوراني، عدنان حسين عياش، عبد المعين صدقة، إبراهيم الفني (مخطوط في مكتبة نابلس، ١٩٨٧)، إياد هشام محمود الصاحب، حسيب شحادة (أنظر: A.B.-Samaritan News-Weekly, index to Issues no. 959-952, 11/4/2006, pp. 2-27. http://shomron0.tripod.com/2014/septoct.pdf).
وأخيرًا نقتطف بعض الأبيات التي نظمها القسّ إلياس مرمورة الناصري وهي ضمن قصيدة يُحيّي فيها مسقط رأسه الناصرة، في حين أن عشرات القصائد التي نظمها قد فقدت ”مع آثاره القلمية ورياش منزله“ (ص. ٣١ في العامود الأيسر من مقال الملثم آنف الذكر) وهذه القصيدة محفوظة في كتاب: تاريخ الناصرة للقسّ أسعد منصور المذكور آنفًا، ص. ٢٠-٢١، ومن شعراء تلك الحقبة إضافة لمرمورة ننوه بجرجي عطية والشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني والشيخ أبو إقبال اليعقوبي وبشير ياغي.
تراءت لنا من يزرعيل مدينة تزاحم سحب الجو في طلب المجد
تلوح كوشي في مطارف غادة أو الوشم في زند أو الشام في الخد
وقد ركبت متن الجبال وأشرفت على مرجها واليم والغور والنجد
مليكة حسن فوق عرش تربعت محاسنها تبدو على القرب والبعد
تشير إلى تابور طورا وتارة إلى الكرمل اللاهي عن الجزر والمد
وترنو إلى حرمون تلهو بشيبه وجلبوع❅ مشغوف بها فاقد الرشد
ومصعر❅ قد ذاب التياعا وحرقة فلم يلق الا صارم الهجر والصد
ويبدو وميض من أعالي قصورها كإشراق نجم الصبح أو مرهف الحد
لقد شرفت ذكرا بأشرف سيد بمن ذكره يربو على الطيب والند
ومن فضله شمس ومن طيّب اسمه بأفواهنا أحلى من القطر والشهد
هو السيد الأعلى يسوع بن مريم مآثره جلت عن الحصر والعد
نصير النصارى الناصري صانع الفدا بموت وبعث قاهر الموت واللحد
مخلصنا فادي الأنام الذي له على الخلق طرًا واجب الشكر والحمد
نلوذ به في كل خطب ونرتجي شفاعته يوم القيامة والحشد
فكن حافظًا مولاي بلدتك التي نشأت بها يا صادق الود والعهد
مجيرًا لها من كل خطب وناصرا على عاديات الدهر الشرّ والضد
❅جلبوع ومصعر: جبلان يمر بينهما القطار من حيفا شرقًا بعد محطة العفولةجلبوع عن اليمين ومصعر عن الشمال.
وأخيرًا، ما صلة القسّيس إلياس مرمورة بالتوراة السامرية العربية، وأين المخطوط المترجم أو المنقحر آنف الذكر؟
0 comments:
إرسال تعليق