..... تعودت من زمن ليس ببعيد على قصة معينه أقصّها فى أوقات كثيرة , فعندما كان يٌطلب منى أن أحكى حدوته للصغار على الفور كنت أرد قائلة وبثقة سوف أحكى حدوتة بنت السلطان ,وكان أجد الفرح والحماس للإستماع حيث قل وجود السلاطين فى زمننا وندر ولذلك كان الكل يرحب بسماعها حتى الأصدقاء عندما يصل الحوار بينى وبينهم لمنحنى لا أرغب فيه وأريد أن أغير مجرى الحديث , على الفور أصيح قائلة هل أحكى لكم حكاية بنت السلطان ؟؟ فيتعجبوا منى ومن حديثى ولكن من باب الفضول كان الرد بالإيجاب والموافقة على الإستماع وعندما أتوقف لإلتقاط الأنفاس أو لتجميع أحداث للقصة أجدهم يحثونى على إكمال الحكاية حيث يكون الشغف قد نال منهم , حتى زوجى عندما تمر لحظة صمت بيننا تسرقنا من الزمن كنت أسرع وأسابق توقف الزمن وأبادره قائلة هل أحكى لك حدوتة بنت السلطان؟ كان فى بادئ الأمر يضحك بحب وحنان من طفولتى ,إلا إنه يجدنى جادة فى سؤالى فيوافق ثم ينبهر وتعلو الدهشة وجهه بعد ذلك فكيف لى أحكى الحكاية كل مرة بأحداث جديدة ومختلفة وبعد أن كانت على شفته جملته التقليدية (لقد حكيتيها من قبل فقد أصبحت مثل الطعام البايت ) إلا إنه لا يقولها إعجابا بما يسمع ..وبنت السلطان هى أنا وأنتى وكل امرأة فى هذا الوجود , بنت السلطان إنسانه عادية مثل بقية البشر وليست بنت سلطان ولا والدتها كانت سلطانه ولا والدها سلطان ولكننا نحلم بها وبحياتها نحلم معها ونحيا حياتها , حياة الملوك والأمراء وما ينعمون به من الرفاهية ورغد الحياة , تنفيساً عن أنفسنا من هجير الحياة , وكنت أشفق دائما على بنت السلطان حيث غدْر البشر سبق غدر الزمان بها , رغم كونها بنت سلطان حيث الأب الظَهر والسند والعز والجاه , وحيث الإخوة الوتد, كلها تجعل أى إمرأة بنت سلطان حتى بدون أن يكون والدها سلطان وبدون أن يكون هناك سلطنه و لكن لعبة الحب والأقدار دائما ما يكون لها رأى آخر بعيدا عن منطق الحياة , فالأب قد يتخلى عن أولاده لكى يتفرغ لحياته وينسى من كانت أميرته الصغيره والزوج والحبيب ينتقصوا من قدرها عندما يهب على قلوبهم رغبة التغير , ويتركوها تصارع فى الحياة وحدها بعد أن كانت أميرة فى حياتها , وفى قلوب من ملّكتهم مفاتيح قلبها وسلّمتهم أقدارها وجعلتها فى أيديهم يقدّروها كيفما شاءوا , تنازلت بنفس راضية وقبعت فى الظل بعيدا عن الأضواء التى كانت , فقد اختارت تلك الحياة واختارت أن تكون ملكة وليست بنت سلطان , اختارت أن تكون ملكة على عرش قلب شريكها فى الحياة و فى مملكتها الصغيرة , بيتها, ولكن لا تأتى الرياح دائماً بما تشتهى السفن وتجد نفسها أخيرا ليس لديها مملكة ولا حتى سلطنه وتصبح فى النهاية بلا شئ فى الحياة, قد تحمل لقب يتيمة أو مطلقة أو أرملة أو تعُول ويضيع منها الظَهر والسند والعز والجاه وكل شئ سواء كان مادى أو معنوى , هذه هى بنت السلطان ضحية كل زمان جريحة , مجرد حطام , حزينه , وإن كانت بنت السلطان الحقيقية تعود إلى سلطنتها وتلبس تاج السلطنه مرة أخرى إلا إن غالبية النساء لا يعُدن لشئ لأنهن بشر عاديين , حتى أنهن لا يستردّن سلامهن النفسى والحياة الطبيعية ولا يصبحن مثل بنت السلطان .
إقرأ أيضاً
-
بحكم أن الجزائر خضعت للحكم العثماني لمدة تفوق 300 سنة ( 1518 - 1830 ) هذه المدة الطويلة كانت كفيلة لانتقال الموروث العثماني إلى المجتمع ...
-
NA VEIA DO AMOR * POEMA DO POETISA BRASILEIRO : MARIA APARECIDA MARQUES SOUZA / BRASIL - * TRADUÇÃO FEITA PELO POETA TUNISIANO : MOHY C...
-
مشاركة : مفيد نبزو ـ مهداة إلى أمي ، وزوجتي ، وكل أمهات العالم . من القصائد المعتبرة عالميا ًمن أفضل ما كتب عن الأم ، فقد كتبها الشا...
-
أولا : الهدف الأساسي : إبراهيم " عليه السلام" هو أبو الأنبياء " عليهم السلام" وهو الجذر الشائع بين الشرائع السماوية (الأ...
-
التكوين القاعدي للباحث خليفة حماش الباحث خليفة حماش من مواليد قرية بوعزيز بمدينة برج زمورة ولاية برج بوعريريج ، هذه المدينة التي أنجبت ...
-
ثديا المرأة أجمل ما فيها، وهما العضوان البارزان اللذان لا تستطيع المرأة - مهما حاولت - إخفاءهما، وهما من أكثر أعضائها شهوة وإثارة للرجل،...
-
قال تعالى في مُحكم التنزيل : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَ...
-
(ملاحظة : لقد كتبت هذه المقالة التحليليَّة لكتاب (أيام فلسطينيَّة ) قبل وفاة الصديق الكاتب والمؤرح خالد الذكر الدكتور تميم منصور بعدة سنوات ...
-
جئتكم على عجل بلا وجل أقدم لكم عرفاني على كفن يلف جسدي الممزق اشلاءأ على حلم كان يراودني سقط بين الركام أقدم لكم عرفاني على جديلة أمي المنتش...
-
على مائدة النقد، أقام منتدى السرديات باتحاد كُتّاب مصر – فرع الشرقية ومحافظات القناة وسيناء ندوة لمناقشة المجموعة القصصية " شدو الكازور...
0 comments:
إرسال تعليق