خواطر تبحث عن عنوان/ الاب يوسف جزراوي

إنه الليل،
وعادت السماء تمطر،
فتخشى التسكع بلا مظلة.
تقرر الجلوس بقرب نافذتك
تنظر وتسرق السمع إلى ترانيم العصافير.
بعد شد وجذب مع ذاتك
تستسلم اخيرا لرغبة طيور السماء
وهي تنقر نافذة قلبك لتسير بصحبتها
في دروب الليل على أرصفة مبتلة
 بدموع وريقات الأشجار.
تسير مع ظلك ومظلتك؛
تلاحق الفراشات،
ونوارس الحدائق تركض إليك
وأنت ترمي لها ما تجود به يديك من طعام،
إذ جميل أن تترك في الدروب آثار خطاك،
وتجد صداك يصدح هنا وهناك.

تطالعك ثمة بركة في ساحة عامة،
يرمي بها الناس نقودهم المعدنية
أو اوراق مغلفة باكياس صغيرة
وهم يهمسون بأمنياتهم.
وعرفت أنها بركة الامنيات.
فجأة اختفت وداعة الليل؛
لحظة وجدت  متسولا يستعطي المارة؛
وآخر على الرصيف المحاذي ينبش
في برميل القمامة
 عن لقمة عشاء يسد بها الرمق.
مناظر وكأنها زهرة في بستان شوك
أو دمعة منهمرة من عين فؤاد موجوع!.

تحت اشجار تأنفها الغربان
هناك عازف يعزف باحاسيس
خارجة من قعر الذات؛
تتوقف؛ تنظر؛ وتتأمل انفعالاته الوجدانية؛
فتحلق في مدارات الورد الجوري
وتتذكر بديهيات القلب المنسية،
فتتساءل:
 متى  ستغرد البلابل في صدري؟.

اخذت الرياح تكنس الشوارع
وراح القمر يتأملني بهدوئه المعتاد
وأنا اعود ادراجي بعد توهان في الطبيعة،
إنها حالة استرخاء،
اسقطت الشتاء في قلبي.

اسير في طريق العودة فوق حبل الأمنيات،
للوصول إلى منجم الأعوام،
لا اتنهد كي لا اجرح بهاء الليل الممطر،
فثمة اوقات يتمنى فيها المرء لو يتوقف الزمن.

عدت لأجد نفسي مكوما
 في شرفة تطل على البحر،
ارتشف قهوة المساء ودخان الاوراق،
بكى البحر امواجا من دموع غزيرة
لكي لا تلبط الاسماك على ساحل جاف.
هاج البحر وانقلب الفنجان
امواج تصرخ وجعا في أذن الايام،
تكشف جرحا ازداد عمقا
كتبته اوراق تحتضر  دون ان تتعطل
 فيها لغة الحياة.

من كتاب النورس المغترب ....للأب يوسف جزراوي.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق