استراليا..الميزانية حرب الضرائب والانتخابات/ عباس علي مراد

إقتصاد قوي ومزيد من الوظائف، الإصلاح الذي نقترحه من أجل وضع نظام ضريبي مبسط أكثر "ويجب أن لان نعاقب الأشخاص الذين يعملون بجهد ويحصلون أموالاً أكثر"، "هذا ما تتركز عليه خطة حكومتنا".
 هذه عينة من بعض ما جاء في عرض وزير الخزينة لميزانيته أمام البرلمان الثلاثاء الثامن من أيار، والتي ركز فيها على خفض الضرائب لذوي الدخل المنخفض والمتوسط، حيث سيحصل ذوي الدخل الذي يقل عن 37  الف دولار على 200 دولار، و530 دولار لكل من تتجاوز مداخيلهم 37 الف حتى 90 ألف دولار، وقد شملت التغييرات المقترحة رفع سقف الدخل للذين يدفعون 37 سنتاً من كل دولار من دخلهم من 87 ألف الى 90 ألف، على أن تُلغى هذه الضريبة كلياً بعد 7 سنوات لتصبح 32.5% للذين تتراوح مداخيلهم بين 37 ألف دولارسنوياً الى 200 الف دولار، وستكلف هذه التعديلات الحكومة 13.4 مليار دولار خلال السنوات ألأربع القادمة و140 مليار حتى العام 2028، وقد وعدت الحكومة بإجراءات مالية منها تجميد التقديمات لمؤسسة أي بي سي الإعلامية الرسمية، وبموجب هذا الإجراء ستخسر المؤسسة أكثر من 80 مليون دولار، زيادة فترة إنتظار المهاجرين للحصول على مساعدات الضمان الإجتماعي من 3 سنوات إلى أربع، وزيادة فترة إنتظار الباحثين عن عمل من 13 الى 26 إسبواع للحصول على علاوة البداية الجديدة، وجمدت الحكومة في ميزانيتها المساعدات الخارجية، ووعدت بإنفاق مبلغ 75 على البنى التحتية وخصصت الحكومة مليار و600 مليون دولار لتأمين 1400 ألف مكان جديد لرعاية المسنين هذا القطاع الذي يحتاج الى أكثر من 100 ألف مكان، وهناك إجراءات مالية تتعلق منها بملاحقة مهربي التبغ ومنع التدول النقدي بمبلغ يتجاوز 10000 دولار، بالإضافة الى تخصيص بعض المال لمعالجة أمراض الصحة العقلية، ووعد  موريسن بإعادة الفائض الى الميزانية العام المالي 2019-2020  بفائض 2.2 مليار دولار على ان يزداد هذا الفائض في السنوات التالية.
زعيم المعارضة الفيدرالية بيل شورتن وفي رده على الميزانية الخميس 10 أيار حدد الخطوط العريضة لسياسة حزب العمال الضريبية، ووعد بتخفيضات ضريبية  لذوي الدخ المنخفض والمتوسط بكلفة 19.2 مليار دولار خلال السنوات ألأربع القادمة، أي بزيادة 5.8 مليار عن التخفيضات التي قدمتها الحكومة في ميزانيتها.
بموجب خطة العمال سيحصل الذين يدخلون أقل من 37 ألف دولار على مبلغ 350 دولارسنوياً، والذين يدخلون من37 الف الى 48 الف ما بين 350 الى 928 دولار سنويا، وسيحصل على كامل مبلغ 928 دولار الذين يدخلون أكثر من 48 الف حتى 90 ألف دولار، وأعلن شورتن عن تأييد الحكومة في خطتها لرفع سقف الدخل الضريبي للمواطنين من 87 ألف إلى 90 ألف دولارلتفادي إرتفاع الضريبة الإضافية على مداخيلهم، وشدد شورتن في رده على رفض خطة الحكومة تخفيض الضريبة للشركات التي تدخل أكثر من 50 مليون دولار، والتي ستكلف الخزينة 80 مليار دولار منها 18 مليار دولار للبنوك، ووعد شورتن بالمزيد من ألإنفاق على قطاعي الصحة والتعاليم، وتعهد بدعم مهم للمعاهد المهنية (تايف) من أجل زيادة اليد العاملة المتخصصة للحد من قدوم المهاجرين ذوي المهارات الخاصة، وحول كيفية تأمين حزب العمال الاموال من المعروف أن الحزب أعلن في وقت سابق وقف التخفيضات الضربية للإستثمار السلبي (نيقاتيف غيرنغ) وحصرها بشراء المنازل الجديدة، وتخفيض نسبة الربح على رأس المال الى 25% عوضاً عن 50%، ومن ضمن سياسات العمال الضريبية إلغاء بعض التخيفضات كانت أقرتها حكومة جان هاورد، ويعتقد العمال أنها فقدت صلاحياتها بسبب تغيير الظروف، وينوي العمال إعادة النظر بالضريبة على حسابات الأئتمان العائلية والتي ستؤمن للخزينة مبلغ 4 مليار دولار، بالإضافة الى إلغاء التقديمات  الضريبية بالكامل عن أصحاب الاسهم  والتي قد توفر على الخزينة 10.5 مليار دولار، وتعهد شورتن بعدم تجميد المساعدات لأي بي سي، وأيد حزب العمال الجزء الاول والثاني من التخفيضات الضربية التى أعلنت عنها الحكومة لذوي الدخل المنخفض والمتوسط، ورفض الموافقة على الجزء الثالث، وكان موقف حزب أمة واحدة مشابه لموقف العمال بهذا الخصوص بالإضافة الى بعض النواب المستقلين في مجلس الشيوخ والتي تحتاج الحكومة الى 9 أصوات من أصل 11 لإقرار تلك الاصلاحات.
رئيس الوزراء لم يدخر وقتاً وهاجم خطة العمال ووصفها بالخدعة.
إذاً، ارتسمت ووضعت الخطوط العريضة للسياسة الضريبية لكلا  الحزبين الكبيرين، وأخذت شكلها شبه النهائي، والعين على الإنتخابات والتي حسبما يعتقد المحللون السياسيون ان هذه الإنتخابات سوف تخاض على السياسات الضريبية التي أُعلن عنها.
معلقاً على ذلك، قال روس كيتنغ محرر الشؤون الإقتصادية في صحيفة سدني مورننغ هيرالد: ان تأثير الميزانية على الوضع الإقتصادي ليست واضحة، ومن الواضح أن الهدف الرئيسي للميزانية هو سياسي وليس إقتصادي، وتساءل في مقالته عن نسبة الإنفاق التي تجاهلتها الميزانية بالإضافة الى خدمة الدين العام الذي وصل الى 18.4% من الدخل القومي (سدني مورننغ هيرالد ص 6 12/5/2018 قسم الشؤون الاقتصادية والأعمال).
الملفت للنظر، أن وزير الخزينة الأحراري الأسبق بيتر كوستيلو كان قد انتقد ميزانية الحكومة وقال قد لا نستطيع سداد الديون وان يعود  الفائض في الميزانية في حياته.
من جهته، جان هاورد رئيس الوزراء الأحراري الأسبق عارض ما جاء في الميزانية لجهة تجميد علاوة البحث عن العمل، مضيفاً ان الظروف التي فرضت عليه تجميدها سابقاً قد تغيرت ولم تعد تتناسب مع الوضع اليوم.
ووصف كبير المراسلين السياسيين في (س م ه) دايفيد كرو تقديمات حزب العمال بأنها اهم من تقديمات الحكومة، حيث تشكل الاولى 1.2% بينما تقديمات الحكومة تقدر 0.7% عام 2019-2020.
الخبيرة بالشأن الضريبي من جامعة مالبورن ميرندا ستيوارت رأت ان التغييرات التي اقترحتها الحكومة غير كافية ولا تتماشى مع توصيات لجنة كان هنري سكرتير وزارة  الخزينة الأسبق التي وضعها عام 2010 لإصلاح النظام الضريبي.
حسب معهد الأبحاث والفكر الأسترالي ذو التوجه اليساري، فإن التخفيضات الضريبية الي اقترحتها الحكومة تعتبر " تغييرات جذرية" لصالح الاغنياء وسيستفيد منها 10% من أصحاب الدخل المرتفع بنسبة 40%.
فيليب بن من الجامعة الوطنية الأسترالية يقول: إن الأهداف البعيدة المدى لتعديل النظام الضريبي تجعل من الصعب تقييم تأثير تلك التعديلات. 
المحللون الإقتصاديون أشاروا كما تقدم الى الجوانب السياسية الجذابة في الخطة الحكومية التي تعتمد على المزيد من التفاؤل بالنسبة للتوقعات الإقتصادية.
 هذا في ما يتعلق بالعوامل الداخلية، ولكن يجب أن لا ننسى العوامل الخارجية والتي تؤثر بشكل مباشر على النمو الإقتصادي خصوصاً العلاقات مع الصين، حيث يوجد تخوف من نمو الدين الصيني وتراجع آداء الاقتصاد الصيني والذي يؤثر على التوقعات الحكومية لأن الصين الشريك الإقتصادي الأول لأستراليا.
وكما يقال الأسبوع في السياسة يساوي العام، وخير دليل على ذلك وما حصل نتيجة قرار المحكمة العليا عدم أهلية النائبة كاتي كالاغر البقاء في منصبها بسبب أزدواجية الجنسية التي تتعارض مع المادة 44 من الدستور الذي نقل السجال السياسي والتغطية الاعلامية  ودفع بقضية ازدواجية الجنسية الى الواجهة مجدداً على حساب قضايا الضرائب بعد إستقالة ثلاثة نواب من حزب العمال، ونائبة من مجموعة نيك زينافون. 
تداعيات قرار المحكمة شكلت أرضية خصبة لهجوم الحكومة على زعيم المعارضة بيل شورتن متهمة إياه بعدم الكفاءة، لِأنه كان قد أكد أنه متأكد من النصيحة القانونية التي حصل عليها بهذا الخصوص وان لا خوف على نواب الحزب كما حصل مع بارنيبي جويس وجون ألكسندر من حزب الأحرار العام الماضي والذي أعيد انتخابهما في انتخابات فرعية.
استقالة النواب سوف تقود الى انتخابات فرعية تعتبر الأكبر في تاريخ البلاد وبكلفة مالية تقارب 20 مليون دولار من ضمنها الكلفة القانونية، هذا عدا عن تداعياتها السياسية، حيث بدأت التساؤلات عن مصير زعيم المعارضة في حال خسارة حزب العمال أي من المقاعد الشاغرة، مع العلم ان العمال ربحوا مقعد لونغمان في كوينزلند بهامش 0.79% في إتنخابات عام 2016، وهنا التساؤل هل يعيد التاريخ نفسه وتخسر المعارضة انتخابات فرعية لصالح الحكومة كما حصل عام 1911، ولهذه المخاوف ما يبررها خصوصاً ان حزب أمة واحدة الذي يحتفظ بقوة ناخبة وازنة في مقعد لونغمان سيجير أصواته التفضيلية لصالح الاحرار. 
أخيراً، فإن الحزبين ينظران الى نتائج تلك الإنتخابات الفرعية على أنه إختبار جدي للسياسة الضريبية للحزبين، والتي قد يعتمد على نتائجها رئيس الوزراء ويدعوا الى انتخابات مبكرة قبل نهاية العام، فهل سيقدم رئيس الوزراء على هذه الخطوة؟ علماً ان الميزانية لا تزال تواجه تحديات كبيرة لإقرارها في مجلس الشيوخ حيث يعارض بعض النواب المستقلين إقرارها كاملة والحكومة بحاجة الى أصوات 9 من أصل 11 منهم لإقرار ميزانيتها كما ذكرنا آنفاً.
وهذا اول إستطلاع للرأي بعد الميزانية، والذي نشرته صحيفة ذي أوسترالين الاثنين 14/5/2018 لا تبشر بالخير للحكومة على رغم من تحسن شعبية رئيس الوزراء كمفضل لرئاسة الحكومة، بينما مازال حزب العمال يتقدم على الحكومة بعد الاصوات التفضيلية 51 -49 %. 

Email:abbasmorad@hotmail.com
       

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق