البصّة المتلألئة/ شوقي مسلماني

الأستاذ كامل حبيب وعقيلته الأستاذة الجامعيّة الدكتورة نجمة خليل حبيب فلسطينيّان عاشا سنوات في لبنان قبل أن ينتقلا إلى سيدني ـ أستراليا. ربطتني بالدكتورة نجمة علاقة صداقة أدبيّة وثقافيّة. سألتُ الأستاذ كامل أخيراً من أين هو في فلسطين المحتلّة؟. قال إنّه من قريةِ "البصّة". 
وبأسرع من البرق لفتتني كلمة "البصّة"، ارتسمت ابتسامةٌ حقيقيّة على ثغري، فكم ردّدتُ، شابّاً يافعاً، كلمة "البصّة" وأنا "أدلعن": "يا طيرِ الْطَايِرْ مِنْ فوْقِ الْبَصَّهْ". قلتُ له مسروراً إنّي أحفظ السطر الأوّل من دلعونيّة تذكر البصّة: 
"يا طيرِ الطايرْ منْ فوقِ البصّهْ 
سلّمْ ع الْبيْضَا السمْرا شُو خصّا"؟. 
ووعدته أن أبحث عن باقي الدلعونيّة وأن أنقل الدلعونيّة كاملةً إليه. بحثتُ في الإنترنت، علمتُ أنّ البصّة هي بلدة فلسطينيّة تقع على الحدود اللبنانيّة ـ 19 كلم شمالي عكّا، يعتبرها مؤرّخون إنّها بلدة "عامليّة" ـ "جنوبيّة لبنانيّة"، أي واحدة من قرى جبل عامل، ولكنّها وقعت مع عكّا تحت الإنتداب البريطاني على فلسطين، وارتكب فيها البريطانيّون مذبحة عامَ 1938 متذرّعين أنّ القرية يحتشد فيها مسلّحون، ومن ثمّ دمّرتها العصابات الصهيونيّة تدميراً أيضاً في سنة 1948. وأيضاً لم أعثر على الدلعونيّة. 
أرسلتُ إلى الصديق عبّاس حيدر في لبنان طالباً التحرّي، ولحسن الحظّ علمتُ أنّه يحفظها منّي. أرسلها إليّ، وها أنا أنقلها إليكم وإلى الصديق كامل مع الحبّ له ولأسرته ولأهل البصّة الخالدة في القلب والذاكرة، والبصّة بالمناسبة تعني "المتلألئة"، ولفلسطين الحبيبة:
"يا طيرِ اْلطايرْ منْ فوقِ اْلبصَّهْ
سلّمْ ع البيْضَا الْسَمْرا شُو خَصّا؟ 
 إمّكْ يا حلوي يبْعتْلا غصَّهْ 
 اللي فرّقتْ بيني وْبينِكْ يا عْيونا". 
ـ ملاحظة: سترجع البصّة إلى أهلها في يومٍ نحنُ نراه قريباً، ولو يراه الصهيوني الغاصب بعيداً.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق