أمي/ جورج عازار



من طِيب خُبزِ التنور

ونَكهة الجُبنة البلديَّة

المُزينة بحبَّات البركةِ

السُّوداء الشهيّة

***

من طعم الزيتون

وشطيرة الزعتر

وخوابي المونة

وسنابل الحنطة الذهبيّة

***

من لون الحنَّة

التي تعانق بشوقٍ

أصابع تلك الصبية

ومن شذى الأرض

بعد أن لثمتها 

قطرات المطر السخيّة

من الفجر المُنتصر

حين يفرُّ منه لُونُ الليل

على حين غِرَّة

في انبعاثات الشفق الأولية

***

من نسمةٍ هاربةٍ

من حرائق الصيف الَّلاهبة

من بوح الهيل

في فنجان القهوة

في ظِلِّ حديقتنا السخيَّة

***

من صباحات أيلول

ومن دفاتر تلميذٍ

على مقعدٍ خشبيٍ

في أول حصةٍ مدرسية

***

من نواقيس العيد

في يوم الميلاد

من تَضرُعات خُشوعٍ

في عصر يوم

 الجُمعة الحزينة

***

من زقزقات العصافير

وجيشٍ من عنادلَ

فوق شجرة توتٍ عتيقة

ترنَّم ألحانها الشجيَّة

***

من رسوم العجين

المُشكل بإتقانٍ

وهو يعبر بيت النار

ليصير كعك العيد

لوجبة إفطارٍ شهية

***

من خيراتٍ لا تفرغ أبداً

وأنعامٍ تزيدُ وتَكثُر

من زُلال عينِ آزخ

وسلسبيل النَّبع النقيَّة


من سماءٍ زيَّنتها

آلاف النجوم

فوق سطح بيتنا العتيق

من زمنٍ لم يقوَ

يوماً أن يكسر لها

عزيمةً أو يُحطمَ فيها

 إرادةً أبيَّة

***

من عبقِ البَخُور

وترانيم الكاروبيم

وقُدسية مسبحةِ

 الصَّلاة الوردية

***

من كُلِّ الأيام

 الحُلوة فيها والمُرَّة

من زغاريد الفرحِ

ودمعةِ الحُزن السخيَّة


في كلِّ ذلك كانت

وعلى حنايا الروح فاءت

ومن كل ذلك صارت

***

وكانت هي

صوتي وصمتي ونحيبي

ولونَ الضوءِ في عيوني

وكانت فوق كُلِّ هذا وذاك

كانت هي أُمي


ستوكهولم-السويد


CONVERSATION

1 comments:

  1. هكذا الأوصاف للأم لكل أم تسعى في اسعاد اسرتها فتعد الأكلات اللذيذة وتكون اول من يستيقظ وآخر من ينام .
    اسعد الله كل ام في حياتها ورحم الله كل أم رحلت عنا وتركت ذكراها عبقا عبر السنين

    ردحذف