الشاعر شوقي مسلماني في مركب الغربة/ د. محمّد مسلم جمعة


يطلعنا على معاناته في الغربة، وهي المعاناة التي تختصر معاناة جالية.  ولم تكن الهجرة قدراً محتوماً، إنما هي مأساة الوطن الغارق في صراعات ذات ألوان طائفيّة توّجتها حرب أهليّة، ثمّ الإحتلال الإسرائيلي ومعه المتعاونون أو العملاء .ركب شوقي مسلماني السفينة التي مخرت عباب البحر الأبيض المتوسّط إلى مصر ومنها إلى ألمانيا ليحط به الرحال أخيراً في أستراليا حيث الجالية اللبنانية والعربية وقد شكّلت كل فئة أو مجموعة متجانسة منها رابطة أو إتّحاداً لتنهض المنابر الثقافية والصحف والكتب العربيّة، حفاظاً على اللغة والهوية  والشعر العربي الذي يغرف من التراث والمنفتح في آن على ثقافة غربيّة تعيش الحداثة. وفي ما يلي بعض من مجموعته "أوراق العزلة": 


(غبار)    

كلّما فتحتُ عينيّ 

اصطفّوا أكثر مِنْ عشرة حولي 

يشبهونني جميعاً لكنّهم أكثر نحولاً 

إسمك؟ "شوقي"، إسمك؟ "شوقي"  


في هذه الغرفة الدوّارة أجلسُ في الوسط 

تحاصرُني عيونٌ كثيرة ووجوه صارمة 


لستُ لصّاً، لستم قطّاع طرق 

أملكُ وحدتي وحصاركم 

هذا الفراغ في يدي 


مشيتُ كلّ الطريق 

أحملُ ذكريات على عجل 

لم ألتفت إلى الوراء، لم أبكِ 

فقط تباطأَ قلبي 


وجوهُكم ميّتة 

صفائحُ رصاص 

سنواتُ غبار. 


(مدنٌ)     

سأعبّئ في عينَيّ مدناً 

تنهضُ مِنْ حرائقِها وتصهل 


سأصافح الذين هزمتُهم 

والذين هزموني والذين سيضحكون 


مِنْ كلّ حانة سأقطف صخباً 

ضحكةً، وردةً، كأساً صغيرة 


وغيركِ 

سأعانق في الليل 

مرتعِشاً لاكتشافات المرتحل 

في المدنِ الحقيقيّة. 


(دخان)    

لم تقلْ كلمة بعد 

ليست لكَ خطوة 

لا غيمة تظلّلُك 

لا يتبعُك غزال، لاحظْ 

كلّ الأسماء التي تعرفها 

تلمع وتختفي 

تظلّ وحدكَ في الليل 

تراقب أسماء تهوي 

إلى غبارِها الكوني 


لاحظْ 

كلّ عمرك سيجارة 

أدقّ مِنْ إبرة، يحرقها عابر. 


(مجنون)   

الغريبُ 

يمسّد شعرَ الوحدة 

يظنّ أنّ الله قريب 

فيقصّ القصص 


يظنّه العابرون مجنوناً 

فيصمت. 


(صراخ)    

أفضّل لو تصرخ 

لكنّكَ حتى في جحيمِك 

مهذّب جدّاً. 


(حجر)   

كيف صار 

كلّ شيء، في عينيك   

حجراً؟. 


(رحيل)    

المدينة التي آوتنا 

نحن مَنْ نزفتْهم الجبال 

رسمنا على شواطئها أحلاماً فضيّةً ونمنا 

لم نكن ندري أنّ السفينةَ 

التي لوّحنا لها 

نقلتْنا. 


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق