فارسُ الطوفان/ الدكتور عدنان الظاهر



( كلكامش سومر)

آهٍ لو تدري !

كم عانى المقتولُ بحُبِّ جمالِ التمثالِ العصري

كمْ أنفقَ من باقي عُمْرِ الدهرِ

كمْ فُلْكاً أبحرَ في دمعِ العينِ ولم يغرقْ

حاولَ أنْ يستلقي في وادٍ أجوفَ للرملِ ..

أغلقْ بابَ الرحمةِ في وجهِ الطوفانِ الآتي

جهّزْ أخشابكَ لليمِّ

السفرُ الصعبُ طويلُ

النجمُ الثاقبُ ظلُّ الساقطِ في الوحلِ

وظلامُ الكونِ خيامُ

فترّجلْ يا فارسَ نجمِ الطوفانِ

صوتُكَ في البحرِ زعانفُ تجديفِ الحيتانِ

وذراعُكَ في المدِّ عبورٌ للبحرِ الثاني

فكّرْ .. لا ترحلْ

رحلَ الأهلُ وطفّوا نيرانَ الدارِ الفاني

ما قيمةُ مَن يبقى حيّا ؟

المعنى في قلبِ الغائبِ قَسْرا

ينتظرُ الإعلانَ بصبرِ الماشي للفوضى ليلا

يحملُ أمطارَ الدُنيا فوقَ رؤوسِ المرضى 

ماذا لو دارَ الدارُ وقلّبَ أوراقَ اللُعبةِ في حظِّ المنكوبِ

إلعبْ ما شئتَ ولامسْ 

أحجارَ القلبِ المحمولِ على أكتافِ النجمِ الهاوي

يضربُ أرضاً كرّتْ فرّتْ مِحورَ إيقاعِ الناسِ

فانشّقَ البحرُ وغاضَ الماءُ وحاقَ البدرُ فلا يدري 

ما يصنعُ مصعوقُ عصاةِ السِحْرِ

مخنوقاً معصوباً بأكاليلِ الجمرِ

ماذا لو عادتْ من قبري أُمّي

هل أرفعُ رأسا

أو أنصبُ شاراتِ الضربِ على ناقصِ أوتارِ العُمْرِ

الغائبُ لا يأتي

لا يحملُ للحاضرِ أخبارَ أفولِ الأقمارِ

حُزني حُزنُ الموتى في صيفٍ أو مشتى

الدربُ تُرابٌ صخريُّ الممشى

والزائرُ يمشي معصوبَ العينينِ يفورُ ويغلي

فالشمسُ الفُرنُ غطاءٌ للرأسِ.


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق