لم يكن متوقعًا حجم المفاجآت التي تلاحق إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى البطولية لقد أماطت هذه العملية اللثام عن أذرع إسرائيل وأدواتها السياسية والعسكرية وأظهرت هشاشة وضعف لم يسبق لهما من مثيل
هو السقوط الأول من نوعه خسارة بطعم الهزيمة حطمت أسطورة الدولة الديمقراطية المزعومة
لطالما سوقت إسرائيل لنفسها كدولة راعية لحقوق الإنسان ودولة المؤسسات وانها رائدة في العمل الإنساني حتى جاء الوقت تكشف الوجه الحقيقي
لقد عملت إسرائيل على تطبيع علاقاتها من خلال حليفها الأمريكي الذي قدم كل الدعم اللازم لذلك
واستطاعت الترويج لنفسها عن طريق مايعرف بالهاسبارا
لمن لايعرف الهاسبارا هي الذراع السياسية والأمنية للكيان الصهيوني اذ ارتبط اسمها بقيام الكيان على أرض فلسطين التاريخية وبل قبل ذلك منذ تأسيس الحركة الصهيونية على يد الصهيوني ناحوم سوكلوف أحد زعماء الحركة الصهيونية
فالهاسبارا حاضرة في كل الميادين عند قيام ( إسرائيل ) بعدوان على الفلسطينيين أو على أحد الدول العربية يطفو إلى السطح مجددًا مصطلح الهاسبارا
الهاسبارا كلمة تعني بالعبرية (الشرح أو التفسير)
ِ:أي تفسير ماتقوم به إسرائيل وتبريره ضمن دائرة المصلحة الإسرائيلية الخاصة
بمعنى أصح ؛تبرير
تبرير السلوك البربري والهمجي الذي تنتهجه حكومة الكيان في حروبها ضد الفلسطينيين أي أنها بمثابة حرب مفتوحة على جميع الجبهات لخلق مناخ سياسي يتلائم ويتوافق مع وجود إسرائيل كدولة لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد أي إعتداء من الفلسطينيين أو من أي دولة على حدٍ سواء
كما أنها واجهة إعلامية ودبلوماسية تواجه الانتقادات وخاصة الغربية منذ الإعلان عن قيام (إسرائيل ) عام ١٩٨٤
وهي جبهة حرب مستقلة بل هي حائط الصد التي تعتمد عليه إسرائيل في تكميم الأفواه المناهضة لوجودها في وطننا العربي بل في العالم أجمع وإن السلوك اللا أخلاقي (لإسرائيل) مبرر حسب طبيعة الظروف التي تخلقها الهاسبارا
فهي تضم وزارت ومراكز أبحاث ومنظمات غير حكومية يضم الجهاز قسمًافي مكتب الوزراء وقسم الإعلام والدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية وقسم المتحدث باِسم الجيش الإسرائيلي
كتقنية معتمدة على التكنولوجيا والماكينة الإعلامية الغربية والإمكانات والتمويل الضخم لتكون رافعة لتبرير القتل والإرهاب والاقتحامات لمخيمات الضفة الغربية وتدمير البنية التحتية في غزة والمشافي ودور العبادة وقتل الصحفيين واقتحام بيوت المواطنين تحت عنوان الدفاع عن النفس وإن أي رواية تخالف السردية الصهيونية تكون الهاسبارا بالمرصاد
إذن هي القناع الدبلوماسي التي ترتديه إسرائيل ومجرميها من قياداتها المتغطرسة على مدى إجرامها طوال هذه السنين لإيقاف الانتقاد الخارجي وخاصة الدول الأوروبية والشعب الأمريكي الذي تعتبره الفئة المهمة من أجل إستمرار الدعم العسكري والسياسي فالولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الساحات التي تنشط بها الهاسبارا وتستثمر كل قواها المادية والمكينة الإعلامية للتأثير والإقناع من أجل الترويج لسرديات كل وجه من وجوه الإبادة الجماعية كما فعلت بعد عملية طوفان الأقصى إذ اتبعت سياسية تزوير الحقائق وقلب الوقائع وشن حملة إشاعات وتكذيب حيث قامت بشيطنة حماس وصورت للغرب أن حماس هي شبيه لداعش فهي قطعت رؤوس الأطفال واغتصبت النساء وقتلت المسنين اليهود في مستوطناتهم الآمنة وخطفت العشرات من المواطنين اليهود لا لأنهم يهود محاولة تضليل الرأي العام وتغيير مواقف الدول لصالح إسرائيل وتأليب الرأي العام العالمي على الفلسطينيين التي صورتهم بالمجرمين والمتوحشين فر حين صورت المستعمرين والجنود الإسرائيليين محبين للحياة وأنهم يستحقون العيش على هذه الأرض
لكن سرعان ما دحضت الولايات المتحدة الأمريكية الرواية الصهيونية وكذبتها حول قطع الفلسطينيين لرؤوس الأطفال بحجة أن إسرائيل لاتملك أدلة كافية لم تستطع توثيق الإدعاءات بفيديوهات وتصوير الوقائع الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية رفض الرواية لا للوقوف ضدها لكن خوفًا من إثارة الشارع الأمريكي ضدها لأنها تعلم أن حكومة نتنياهو ستقوم بعمليات انتقاميةفي ستوثق بالصوت والصورة
إن الهاسبارا كمنظمة لم تقف عند ذلك الحد لقد ازداد نشاطها وعدد افرادها واستقطبت متطوعين من غير اليهود عبر رأس المال القوي والشركات اليهودية واللوبي الصهيوني
الذي سخر لها كل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والإعلان والخوارزميات وطلاب الجامعات والمعاهد وعمادة الكليات في العالم لدحض أي رواية تخالف الرواية الصهيونية
قامت بفصل وإقصاء كل من يخالف السردية الصهيونية بل اتهمته بمعادة السامية من الجدير بذكره أن الهاسبارا بدأ نشاطها الفعلي بشكل واضح في عام ١٩٨٢ حين قامت حكومة العدو الصهيونية بمجزرة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا جنوبي بيروت
في ذلك العام قتلت إسرائيل عدد كبير من الفلسطينيين الذي تجاوز عدد الشهداء ١٣٠٠ شخص في هذا الحدث الجلل الذي أظهر إسرائيل على حقيقتها الدموية وظهرت لاول مرة كدولة معتدية أضطرت لتكوين بروبغندا إعلامية لتبرير ماحدث لتغطية جرائمها والاختباء خلف نفسها مرة أخرى فهذا السلاح من شأنه أن يغسل أدمغة العالم وتغيير الحقائق وخاصة أنها تضم مختصين في العلاقات العامة والإعلام وخبراء وصحفيين وأكادميين وقادة جماعات كبرى
لمحو صورة الوحشية في الأذهان وتبيض الصفحة الملطخة بدماء الأطفال وإحلال محلها الصورة النمطية للشعب اليهودي
الذي سوقت على مدار القرن الماضي لنظرية الظلم والاضطهاد وصورته بالبؤس والشقاء وترجع الألم لما لاقى من صنوف العذاب من النازية وهتلر على حسب إدعاءاتهم
لقد إستطاع الكيان الصهيوني تحقيق نجاحات لامتلاكه أدوات حديثة متطورة وأموال طائلة وشركات كبرى تعمل لصالحه وبعض الممثلين والتجار واعتماده المباشر على ظاهره المثليين والترويج لها كداعم أساسي له
لذلك تعد الدعاية الصهيونية من أنجح الدعايات اقواها لامتلاكها ناصية الإعلام الغربي والعربي وقد ساعدها في ذلك
١ - غياب سردية عربية موحدة تواجه المشروع الصهيوني وتدحض كل إدعاءاته
٢- الظروف السياسية الاقتصادية التي تعيشها المجتمعات العربية والواقع الجديد بعد الربيع العربي
٣- لغة الإقناع التي تجيدها فاستمالت رجالات الدولة الكبار والمتنفذين وأصحاب القرار في أوروبا لأنها فهي تعلم طبيعة المجتمعات الغربية فأغلب الهجرات قد جاءت من الغرب
٤ 'رأس المال اليهودي الذي جمعه التجار مابين الحربين العالمية الأولى والثانية
هذا كله شجع العدو الصهيوني لتحقيق أهدافه في إفراغ فلسطين التاريخية من سكانها وجلب اليهود من أصقاع الأرض بل دأبت على إثارة التفرقة في صفوف الفلسطينيين عبر إثارة النعرات العشائرية وتقسيم المناطق لاجئين ومواطنين ١٩٤٨
كما عمدت لسياسة الإغتيال السياسي وبث الإشاعات وتلفيق التهم والأكاذيب التي طالت الشخصيات الوطنية التي تقاوم المشروع الصهيوني عبر أدواتها الرخيصة عن طريق الابتزاز والتقرب من الأشخاص سييءالسمعة واستمالتهم الهدف بث روح الخلاف والتفرقة وشرذمة الحالة الفلسطينية ككل
إن حكومة العدو تعلم علم اليقين أن وجودها غي شرعي وأنها دولة عنصرية وكل الروايات التي تصدر عنها ملفقة مزورة وهي دولة غير عادلة كان لابد من وجود كتف تستند عليه لتحقيق هذه الغاية كجبهة حرب إعلامية مساندة وبالتالي كانت مهمة الهاسبارا
التلاعب بالرأي العام الداخلي والخارجي
كما فعلت في عدوانها على قطاع غزة منذ أكثر من ٢٠٠ يوم ومازالت الحرب مستمرة اعطتها هامش للمناورة وإطالة مدة الحرب وخاصة عندما اقتحمت مشفى الشفاء بحجة وجود أنفاق للمقاومة وغرفة عمليات من شأنه تبرير هذا النهج الإجرامي
لولا وجود البروبغندا الإعلامية لتوقفت الحرب منذ زمن لقد استطاعت المقاومة من خلال صمودها والتعامل الإنساني والأخلاقي للاسرى الصهاينة إرسال رسالة للغرب أن المقاومة شعب يدافع وأن إسرائيل معتدية منذ ١٩٨٤ وأنها تمارس التمييز العنصري وهناك قضية شعب وأسرى يقبع في زنزانات المحتل
جعلت حكومة العدو تخسر المعركة على عدة جبهات أهمها الجبهة الإعلامية وإعادة القضية الفلسطينية للواجهة والاحتجاجات والمظاهرات التي تعم العالم خير شاهد على ذلك وآخرها بل أهمها الجامعات الأمريكية التي خرجت عن سيطرة اللوبي الصهيوني حيث توعدت الأكاديميين والطلاب المشاركين بالاحتجاجات في الجامعات الأميركية أنه سيتم التعرف عليهم من خلال خاصيات الذكاء الصناعي وسيجعل فرص توظيفهم ضئيلة كوسيلة ضغط أخيرة بعد خروج الأمور عن السيطرة حيث خرجت ٨٠٠٠ مسيرة حاشدة مؤيدة لغزة ووقف إطلاق النار في غضون أسبوع على مستوى الولايات المتحدة ومازالت مصرة على حربها في غزة رغم خسارة الأهداف وعلم الولايات المتحدة بعدم نجاح نتنياهو في تحقيق غايته لم تستطع تقبل فكرة إجتياح رفح وإقناعه بضرورة إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل القطاع وأن هذه المساعدات لا
دخل لها بالحرب ولن غرسة نتنياهو حالت دون ذلك نتظر سقوط آخر للسياسة الصهيونية المتغطرسة في العالم وخاصة أمريكة في غضون الأيام القادمة
0 comments:
إرسال تعليق