ثلاث أوراق من دراسة للباحث د. صقر أبو فخر:
1 ـ
قال المؤرّخ د. كمال الصليبي: "كنتُ في السابق أتكلم عن الإمارة اللبنانية وأتّبع غيري في الاعتقاد بأن هذه الإمارة ظهرت وتوطّدت أركانها للمرة الأولى في عهد فخر الدين بن معن، فلما تَوسّعَتْ معلوماتي عن طريق البحث وممارسة المنهج التاريخي العلمي تبيّن لي بما لا يقبل الشك أن ما كنتُ اعتبره، في البداية، إمارةً لبنانية، حسب التقليد المألوف، لم يكن في أساسه إلا التزامًا سنويًا قابلاً للتجديد لجباية الضرائب للدولة العثمانية في بعض المناطق من جبل لبنان، فتاريخ لبنان هو تاريخ توافقي أو تاريخ تواطؤي".
2 ـ
قال المؤرخ د. إسكندر رياشي: "جميع المؤرّخين الذين كتبوا للبنان تاريخًا قبل المسيح بألف سنة، وبعد المسيح بألف سنة، كانوا مُخْتَلِقِين، فلكيين ابتدعوا سِيَراً وأبحاثًا وروايات أملتها عليهم تخيلاتهم وبعض القرائن المبهمة التي لا يمكن أن تكون قاعدة صحيحة لكتابة التاريخ. ما كانت الشعوب التي حول لبنان تجد فيه من الخيرات والسعة لتطمع فيه وتخاطر بالقتال لأجله فتحاول اكتساحه وامتلاكه، إذ إنه كان جبلاً ليس فيه مراعٍ لغير الماعز، وليس فيه قطعان غير الدببة والذئاب. وما كان الفاتحون الآتون من الغرب للشرق أو من الشرق للغرب يمرّون بسواحله إلا مرور طريق، وإذا أقاموا فيه لم يكن ذلك طويلاً، ولم يكونوا بأجمعهم يطمئنون إليه، لا من جهة الإعاشة ولا من جهة الطمأنينة من عصاباته المتحصّنة في مغاوره وأغلبها مؤلّف من قطّاع طرق لا يعرفون شريعة ولا شفقة".
3 ـ
ومن الحقائق العلمية التاريخية التي استقرّت اليوم تؤكد أن "أبجدية جبيل هي أبجدية أوغاريت ذاتها لكنّها معدّلة أو مختصرة من 30 حرفًا إلى 22 حرفًا. وكل ما فعله قدموس ـ وهو على الأرجح نكديموس الثاني ملك أوغاريت الذي غادر مملكته إلى بلاد اليونان من ميناء جبيل بعد الزلزال الذي أحرقها وخرّبها في عام 1365 ق. م ـ هو أنه نقل تلك الأبجدية من أوغاريت إلى اليونان، وكانت جبيل تقع في النطاق الحضاري لأوغاريت. ولا ننسى أن أوغاريت هي Gublo، أي جبل، وجبيل هي Gubla، وكان يُعتقد، إلى عهد قريب، أن مدينة "بيروتي" الواردة في النصوص الأوغاريتية هي نفسها بيروت الحالية، وقد تبيّن أن "بيروتي" هي مدينة مجاورة لأوغاريت وتبعد عنها أربعة كيلومترات. وقد بُنيت "بيروتي" ـ مدينة الآبار ـ عند رأس خليج بحري ـ مثل بيروت تمامًا يؤمّن رسوّاً آمناً للسفن التجارية ـ عدنان البنيّ ـ "قصر الملكة في بيروت الأوغاريتية" ـ صحيفة الحياة ـ 24/11/1998 ـ وفي هذه الحال تجب إعادة النظر في تاريخ بيروت كي لا يختلط تاريخ المدينتين وكي لا يذهب سدى جهد الآثاريين في لبنان وهم يفتشون عبثًا عن السور الفينيقي لمدينة بيروت وعن مدرسة الشرائع الرومانية اللذين لم يعثر عليهما قط، على الرغم من الحفريات المكثفة بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في سنة 1990، وبعد الشروع في إزالة ركام الأتربة في وسط بيروت" .
0 comments:
إرسال تعليق