لما يموت انسان ، يُشعرنا ذلك بالحزن والألم ، ونبكي لفراقه ، والموت غالبا ما يُحي الفضائل ، إذ نذكر أحسن ما أُتصف به المتوفون ، وأجمل ما تحلوا به من أخلاق ، وبالأخص الاساتذة والمعلمين والأئمة والكُتاب الكبار ....
وإن كان الموت يُحي الفضائل فأنه يُميت المساوئ. كثير من الناس السيئين الذين أذونا ، وكنا نرغب في الانتقام منهم ، و نتمنى أن يُصيبهم مكروه ، وماتوا فجأة ، فلم نفرح لذلك ، ولا تشفينا فيهم، ولم نستطع أن نقول كلمة سوء فيهم ، كما كنا نفعل وهم أحياء ! فالأدب النبوي يفرض علينا بأن نذكر محاسنهم فقط ، وإذ نحن أخطأنا وذكرنا مساوئهم ، فأن ذلك يثير الناس ضدنا ، وينعتوننا باللئم!
كثيرون هم الذين حقدنا عليهم ، وكرهناهم ، وطالما دعونا الله أن ينتقم منهم أو يُميتهم فلما ماتوا نسيناهم ، ونسينا أذيتهم ، وربما فتشنا عن حسناتهم لكي نذكرها ، فقد أحسن من قال : الموت يمحي جميع المساوئ ...
الموت يمحو جميع المساوئ ، لكن التاريخ يُسجلها ، ولا ينسى ولا سوء واحد ، والتاريخ يكمل عمل الموت ،إذ يُحيى أولئك الذين ماتوا بيننا ، ويجعلنا نقرأ سيئاتهم وحسناتهم ، فنحاول جاهدين لكي نحي الحسن والجميل ونُميت السيئ والبشع ...
/الجزائر
0 comments:
إرسال تعليق