ندوة لقاء الأربعاء 16 آب 2017
أرشفة وتوثيق الحدث
قبل البدء بعرض الموضوع الأساسي الذي أود التحدث عنه تحت عنوان " الشؤون الأستراليّة في صحف سيدني العربيّة" لا بد من الأشارة الى حاجتنا الماسة الى المؤسساتية كآلية عمل تتبعها "مؤسسات" جاليتنا، ولا بد من معالجة النقص الهائل في أرشفة تاريخ جاليتنا ونشاطاتها وأخبارها التي لها علاقة وثيقة بتطور دورها وحضورها وأرتباطها بالوطن الأم وبوطننا استراليا. وهذا الأمر الحيوي يحتاج الى عمل جماعي لم نر منه سوى محاولات قيمة تحققت من خلال مبادرات فردية.
وهنا أتمنى على الأديب شوقي مسلماني ولقاء الأربعاء ان يتم أرشفة الندوات التي أقيمت من ضمن هذا اللقاء لما تضمنته من ابحاث ومواضيع هي في غاية الأهمية، ومن ثم نشرها كجزء من ذاكرة الحركة الثقافية العربية في استراليا.
الفكر المؤسساتي والحاجة الى الخبر الأسترالي
يبدو وكأن ابتعاد الجالية كجماعة، وبصورة شبه شاملة بأستثناء بعض الحالات، عن الفكر المؤسساتي المؤثر والصحيح أدى الى إبعادها عن التواجد الفعال في صلب الحدث والشؤون الأسترالية الرئيسية، ولا سيما الحدث الإيجابي بإنعكاسته عليها وعلى المجتمع الأسترالي، وبالتالي الى الحد من دورها المفترض قياساً الى حجمها، في تركيبة المجتمع الأسترالي الأوسع. فتغطية الحدث ونشره باللغة العربية كخبر ليس بالأمر الهامشي في هذه الأيام كونه يتعلق بالدرجة الأولى بأبناء جاليتنا الذين لا يجيدون الأنكليزية، وهو حاجة ضرورية للغاية لما له من تأثيره المباشر في مجالات متعددة ومختلفة تطال الجالية ودورها وشؤونها العامة أولها القدرة على التواصل والمعرفة التي لا تحدها عوائق عدم إتقان اللغة.
ولذا من الصعب التطرق الى تطور أهمية الخبر الأسترالي في الصحف العربية بمعزل عن تطور مكانة الجالية وفعاليتها المؤسساتية والأعلامية، وايضا بمعزل عن تطور الدور الأسترالي نفسه، حكومة ومعارضة وشعباً، في الحدث الدولي بشكل عام والعربي بشكل خاص.
تحديات نقل الخبر التي تواجهها الصحافة العربية في عصر الأنترنيت
لدى استعراض المشاكل والتحديات التي تعاني منها الصحافة العربية في استراليا بعدما بذلت جهودا مضنية في السنوات الأخيرة في سبيل تطوير امكانياتها الأخبارية والتسويقية، فضلا عن تناقص عدد قراء اللغة العربية والنقص في الأعلانات، تبرز الأنترنيت بصورة عامة ووسائل التواصل الأجتماعي بصورة خاصة بمثابة التحدي الأقوى و"الأخطر". فمن مميزات المواقع الألكترونية انها جعلت الكرة الأرضية فعليا وممارسة "قرية صغيرة" كونها قادرة على نقل الخبر لحظة وقوعه في أي مكان من العالم الى الآلاف من الناس في جميع انحاء المعمورة مرفقا بنقل مباشر وبالصور وغالبا بشريط فيديو، بالإضافة الى التعليقات الصوتية والكتابية المباشرة من قبل المراسل والقراء على حد سواء. من هنا يتجه القارىء في عصر الأجهزة الألكترونية من "الموبايل" الى "الآي باد" الى "اللابتوب" الى متابعة الأخبار أينما كان وحيثما شاء وساعة شاء. يشار الى انه في الثمانينات وما سبق، أي قبل الأنتشار الواسع النطاق للأنترنيت والكمبيوتر، كان معظم ركاب القطارات مثلا يشترون الجريدة اليومية ويقرأونها اثناء انتقالهم الى العمل. اما اليوم فمعظم الركاب يستعينون بهواتفهم النقالة لهذه الغاية.
سرعة نقل الخبر
ليست سرعة نقل الخبر وحدها التي تلعب الدور الاساسي في استقطاب القارىء هذه الأيام، وانما ايضا الأسلوب "السريع" والمقتضب في نقله. فالقاريء ابتعد الى حد كبير عن قراءة الخبر الطويل نظرا الى "ضيق الوقت"، والى حب متابعة العدد الأكبر من الأخبار المثيرة للأهتمام في أسرع وقت ممكن، حتى بات الخبر بالنسبة الى كثيرين مجرد عنوان مع بعض التفاصيل. كما ان القارىء لا يرّكز على مجالات معينة من الأحداث من حيث انه ينتقل من السياسة الى الفن الى الرياضة الى اخبار الفضائح الى الأقتصاد بحسب العناوين "الجذابة" وحجم المضمون وليس بالضرورة نوعيته او جودته.
تطلعات القارىء العربي
ونجد ان تطلعات القارىء العربي تختلف بشكل كبير عن متطلبات القارىء الأسترالي. فالقارىء العربي يرغب بالدرجة الأولى بمتابعة اخبار واحداث الوطن الأم وهو بات لا يتكل على الجريدة وحدها كما في الماضي القريب، بل انه أخذ يستعين اليوم بالأخبار التلفزيونية المنقولة مباشرة عبر العديد من قنوات التلفزة التي تبث عبر الأشتراك مع شركات مختصة، وعبر الأذاعات التي تبث من الوطن الأم على الأنترنيت، وكذلك عبر الأذاعات العربية المحلية، وهذا الأمر يضاف الى القطاعات المنافسة للصحيفة العربية المطبوعة.
اما الصحافة العربية في استراليا وعالم الأنتشار فتواجه كذلك تحدي نشر ما يميزها عن الصحافة العربية الصادرة في الدول العربية التي تنشر أخبار الوطن العربي في اللحظة عينها على مواقعها الألكترونية (الأنوار، الديار، الحياة، وغيرها _ النهار اللبنانية عبر الأشتراك) الذي تعود وتنقله صحف المهجر، مما يؤكد ان ما بات يميز الصحف المهجرية ويمنحها نوعاً من الفرادة هو تغطية الشؤون المحلية وفي حالتنا الشؤون الأسترالية على أنواعها.
نوعية الخبر
أقتصر الخبر الأسترالي في الصحف العربية في السبعينات وبالإجمال على تغطية نشاطات الجالية الأجتماعية من أعراس وسهرات وحفلات، ولم يشمل تغطية الحدث الأسترالي السياسي سوى في بعض الحلات الأستثنائية. فالخبر الأسترالي يعني تغطية كل ما يحدث في استراليا ولذلك نصنف اخبار الجالية من ضمن اطار الخبر الأسترالي بالرغم من محدوديته الأعلامية وتفاوت أهميته عند الرأي العام لأن الخبر الأجتماعي يستقطب أهتمام المعنيين بالحدث الأجتماعي أكثر بكثير من سائر ابناء المجتمع. واللافت ان التغطية الأجتماعية كانت وما زالت تترافق مع نشر الكثير من الصور. ولن ننسى ان تلك التغطية للخبر الأجتماعي كان يقوم بها "المصور" وفي كثير من الحالات كان السيد عفيف نقفور "آراكس"، او "صاحب الدعوة" بمعظم الحالات وليس الأعلامي او الصحفي، وهذا الأمر لم يتغير كثيرا اليوم وقد تسبب بخلق من الأتكالية عند أهل الصحافة على اساس انهم لا يحتاجون الى كتابة الخبر حتى ولو كانوا من الضيوف في تلك المناسبات.
أختلاف حجم تغطية الخبر السياسي بين لبنان واستراليا
يشمل الخبر تغطية الأحداث السياسية والعسكرية والعلمية والأجتماعية والدينية والأدبية والرياضية وغيرها، لكن اللافت ان السياسة في الدول العربية وبالتالي في الصحافة العربية هي المهيمنة على مجمل وسائل الإعلام، لذلك نرى الصحف في الوطن العربي تخصص مساحات واسعة جدا للخبر السياسي، وليس غريبا ان نرى الصحف المهجرية في بداياتها وخاصة في استراليا تتتبع ذات النهج كونها تنقل صورة الوطن الأم سياسياً أكثر مما تهتم في نقل ما يحصل في المجالات الاخرى التي ذكرناها. من هنا فرضت التغطية السياسية نفسها في استراليا ولكن في ظل تغييب الحدث السياسي الأسترالي وكأنه من الأحداث الثانوية الروتينية التي لا تستحق عناء نشرها.
الأولوية للخبر اللبناني والعربي على حساب الخبر الأسترالي
ولم يكن غريباُ في السبعينات مثلا رؤية الجريدة العربية الصادرة في سيدني مليئة بأخبار لبنان حين كان يمر بحرب مدمرة ولا بد من التركيز على ما يحصل فيه من تطورات خاصة وان الجالية اللبنانية كانت تكبر بشكل مطرد مع قدوم اللبنانيين بأعداد كبيرة منذ اندلاع الحرب في 1975 وحتى أواخر الثمانينات. هنا يبدو واضحاً ان الأولوية عند الصحف كان الخبر اللبناني، ولن ننسى معاناة تلك الصحف في زمن كان يفتقر الى وسائل التكنولوجيا الحديثة حيث كانت الصحيفة تنقل الأخبار مستعينة بالهاتف خصيصا للخبر الرئيسي (اذا توافرت الخطوط الهاتفية مع لبنان) وبالصحف المرسلة من لبنان مع الوافدين الى استراليا. وأستمرت "هيمنة" الخبر اللبناني والعربي الى حد ما حتى أوائل التسعينات.
نقل الخبر العربي الى الأنكليزية
وأولوية الخبر اللبناني في الصحف الأسترالية تجسدت ايضا في محاولات قام بها البعض بتخصيص صفحات بالأنكليزية تنشر الخبر اللبناني المترجم ظناُ ان ذلك يساعد "الأسترالي" على معرفة "حقيقة" ما يجري في لبنان. ولم يستمر هذا الأمر طويلا حتى تحولت الصفحات الأنكليزية التي بقيت تنشر الى تلك التي تشمل تغطيتها أخبار لبنانية وعربية واسترالية.
تطور تغطية الخبر الأسترالي
الأسباب التي أدت الى تطور تغطية الحدث الأسترالي كخبر بارز و"مرغوب" في الصحافة العربية منذ التسعينات من القرن الماضي حتى اليوم يعود الى عدة عوامل، أبرزها:
- دخول استراليا بصورة مباشرة في السياسة الدولية وفي النزاعات والصراعات الدولية والأقليمية والعربية (تيمور الشرقية- اندونيسيا، افغانستان، كمبوديا، صوماليا، العراق، سوريا...)
- تزايد عدد المهاجرين ومن ثم اللاجئين من الدول العربية
- تصاعد حدة الخطر الأرهابي
- التحول الواضح في سياسة حزب العمال الأسترالي بما يخص تأييد الدولة الفلسطينية
- ارتفاع حجم التبادل التجاري بين استراليا والدول العربية
- زيارات المسؤولين والسياسيين اللبنانيين على وجه الخصوص في السنوات الأخيرة
- زيارات الأدباء والكتاب والشعراء والفنانين العرب
- الصداقات التي تبنى بين المؤسسات العربية والمسؤولين الأستراليين
- زيارة المسؤولين الأستراليين الى الدول العربية
- توصية الحكومة الأسترالية للصحف العربية بتخصيص مساحات دائمة للخبر الأسترالي على صفحاتها، لا سيما وان الدوائر الحكومية هي من أهم الزبائن عبر نشر الأعلانات...
- تزايد حاجة القاريء العربي المهاجر الأطلاع على مجريات السياسة الأسترالية وسياسات الحكومة والمعارضة ومدى تأثيرها على وضعه من مختلف النواحي.
- حيوية السلك الدبلوماسي الأسترالي (نشاطات السفير الأسترالي لدى لبنان غلين مايلز والسفير الأسترالي لدى القاهرة نيل هوكينز...).
ولذلك نجد الصحف العربية تخصص منذ منتصف التسعينات صفحتين على الأقل للخبر الأسترالي على انواعه وباللغة العربية. كما تفرد احد الأخبار الرئيسية على صفحتها الأولى لخبر أسترالي بارز.
صياغة الخبر وسرعة نشره ودقته
لم يعد الخبر بشكل عام والأسترالي بشكل خاص مجرد خبر عادي ننشره ساعة نشاء في الصحف العربية، وربما بعد ايام من حصول الحدث، وانما بات من الضرورات القصوى العمل على تغطية الحدث بأسرع ما يمكن نظرا الى وفرة الوسائل الأخرى من محطات تلفزة وراديو ومواقع انترنيت وتواصل اجتماعي التي تسبق الجريدة المطبوعة بسبب سهولة صدورها كل دقيقة فيما الجريدة تحتاج الى الكثير من الوقت لتصدر. ويشار الى ان الخبر الأسترالي بات يحتل موقعا لافتا في الصحف العالمية والعربية، وتقوم وكالات الأنباء العالمية بنشر أخبار استرالية بارزة بشكل شبه يومي. بناء على ذلك تأتي صياغة الخبر الأسترالي ودقته لتميز تغطية الصحف مما يعني عدم الأتكال فقط على ترجمة حرفية من الأنكليزية الى العربية، أو الإعتماد غير المدروس على نقل الخبر من وكالات أنباء عالمية تقع بدورها بأخطاء كثيرة جراء الترجمة التي تعتمدها من خلال مراسليها. وعلى سبيل المثال، لا يدرك حتى الساعة بعض مراسليها ان سيدني هي ليست عاصمة استراليا... وإليكم هذا النموذج عن بعض الأخطاء الفادحة، فقد أصدر مؤتمر حزب الأحرار الوطني في كوينزلاند منذ شهر تقريبا توصية تطالب بمنح الحجاب في مدارس الولاية، فقامت احدى وكالات الأنباء بنشر الخبر كالتالي "الحكومة الأسترالية تمنع الحجاب في المدارس". وهكذا تم تداول الخبر غير الدقيق. وعند الحديث عن وكالات الأنباء ودقة نقلها للخبر الأوسترالي أود ان أشيد بدقة ومهنية الأخبار الأسترالية وشموليتها التي تنشرها الوكالة الوطنية اللبنانية للأنباء بفضل مندوبها في استراليا الزميل سايد مخايل.
كما لا بد من الأشارة الى ان صياغة الخبر تختلف بمفرداتها وتعابيرها والوصف الذي يتم أعتماده، وافضل مثال على ذلك التمايز الواضح في الخبر الرياضي الذي تلزمه تعابير خاصة به لا تستعمل عادة في صياغة اخبار اخرى سياسية واجتماعية. وهذا ينطبق ايضا على الخبر العلمي والديني...
نوعية التغطية الميدانية
تعاني معظم الصحف العربية من شح في الموارد المالية التي تضمن أستمراريتها وهذا ما يسفر عنه السعي الى إيجاد الوسائل التي تقلص تلك النفقات ومن بينها شبه انعدام التغطية الميدانية بما في ذلك التغطية الأجتماعية. فمن النادر ان تغطي الصحافة العربية في استراليا أي حدث من خلال صناعة ذاتية، مع التنويه بقيام بعض الصحف بإجراء مقابلات مع مسؤولين استراليين وايضا بنشر مقالات وتحاليل سياسية قيمة حيال التطورات السياسية في هذه البلاد.
تأثير الخبر على المهاجر
كما ذكرنا يساعد نشر الخبر الأسترالي بالعربية المهاجر العربي الجيد بما يتضمن من احداث، تطورات أمنية، سياسات، اصلاحات، قوانين، تحاليل، مقالات، مقابلات، منشورات وأعلانات حكومية... ليس الى معرفة ما يجري في وطنه الجديد وحسب، وانما الى التكيف مع نمط الحياة والمجتمع الى أن يتقن الأنكليزية ويصبح بوسعه متابعة الأخبار عبر الوسائل الأسترالية. ومن أبرز المواضيع التي تهم المهاجر العربي اليوم: التغييرات على قوانين الحصول على الجنسية، التدابير الأمنية، "ألأسلاموفابية"، قوانين الهجرة، تأشيرات العمل، التعددية الثقافية، فرص العمل، المؤسسات والدوائر التي توفر المساعدة على الأستقرار، غلاء الكهرباء والمعيشة، مسألة زواج المثليين، أمة واحدة، العلاقة مع الدول العربية، أزمة كوريا الشمالية....
المقالات التحليلية وتوثيق الحدث
مما لا شك فيه ان المقالات والأفتتاحيات التحليلة للشأن الأسترالي التي تنشرها العديد من الصحف تساهم في تسليط الضوء على أهم الأحداث في استراليا والمتعلقة بها. وهذه المقالات تميّز الى حد كبير الصحيفة عن سواها نظراُ الى دخولها في صميم القضايا المطروحة. وتجدر الأشارة هنا الى أسماء تكتب بأستمرار في الصحف العربية المقالات التحليلية المختصة بالسياسة والتطورات الأسترالية من بينها الأساتذة هاني الترك وهو قد يكون الأكثر غزارة في معالجة الشأن الأسترالي من خلال مئات المقالات والمقابلات والأخبار طوال عقود من الزمن، وعباس علي مراد وبيار سمعان وسام نان وسايد مخايل وممدوح سكرية... ولن ننسى الكبير بطرس عنداري ومقالاته التي تناولت الشؤون الأسترالية بصورة منتظمة وتشجيعه للأقلام المحلية في استراليا، وكذلك الأساتذة انور حرب، وانطوان قزي، وجوزيف خوري، و ممدوح سكرية، و د. جميل الدويهي، وأنيس غانم، انطانيوس بورزق... كما تناول الشأن الأسترالي بصورة غير منتظمة الأساتذة طنوس فرنسيس وميرنا عبد الكريم الشعار ومرسيل منصور وجورج الهاشم وشوقي العيسى وغيرهم... ويجدر التنويه بمن قاموا بمبادرات فردية بنشر الكتب التوثيقية المتعلقة بجاليتنا في استراليا التي كان من المفترض ان تصدر عن مؤسسات وهم الأساتذة انطوان القزي، وسايد مخايل، والدكتور بول الطبر، وهاني الترك، فؤاد الحاج، جوج الهاشم وشربل بعيني وكلارك بعيني والسيدة نجاة فخري مرسي...
ولا بد كذلك من الأشارة الى التغطية الأجتماعية والفنية التي أتقنها منذ سنوات ألأساتذة أحمد سليم، ووديع شامخ، وأكرم المغوش...
أهمية أستمرارية الصحف المطبوعة
المفارقة الحاصلة اليوم ان الصحف الأسترالية الصادرة طبعا بالأنكليزية، ومع انها تعاني ايضا من تحديات عدة، استطاعت تأمين الأستمرارية الورقية عبر تأسيس مواقع الكترونية خاصة بها تنشر فيها بعض محتويات عدد الصحيفة وليس كلها ترغيبا للقارىء لكي يعود ويشتري الجريدة المطبوعة، وبادرت كذلك الى اصدار عدة طبعات من العدد نفسه الصادر في ذات اليوم تتضمن آخر الأخبار المستجدة بهدف مواكبة الأحداث ونقلها بصورة متواصلة وسريعة الى القارىء.
الخبر من ضمن أستراتجية شاملة
من هنا على الصجف العربية الورقية في استراليا اعداد وتبّني استراتيجية شاملة تأخذ بعين الأعتبار "حاجات" القارىء العربي، وتضمن بالتالي استمراريتها. فالصحف التي نجحت حتى الساعة في البقاء على الساحة، بالرغم من كل المصاعب، ستكون قادرة على تجاوز بعض تلك المصاعب المتزايدة الى حد ما بمواصلة العمل على اتخذا الخطوات العملية التي تؤدي الى مواكبة عصر السرعة، والسعي الى نشر الخبر القادر على استقطاب اهتمام القاريء من خلال محاولة جعله يرغب بمتابعة أخبار وشؤون الوطن الأسترالي الذي يعيش فيه بما ان هذه الأخبار والأحداث تؤثر على حياته اليومية بشكل او بآخر. وكذلك حمله على متابعة أخبار الأجتماعيات المحلية، والنشاطات الأدبية والفكرية والثقافية والطلابية المحلية، والرياضة المحلية، والمقالات التي تعالج الشؤون المحلية، والتقارير والدراسات المحلية. فهذه المواضيع المحلية غير متوافرة باللغة العربية بكثرة على المواقع الأكترونية وشاشات التلفزة والأذاعات. وهكذا بات يتعين على الصحف أكثر من السابق السعي الى نشر ما يجذب القارىء الى الصحيفة الورقية ولا يجده إلا فيها. كما على الصحف اختصار الشرح المطول، والأستعانة بأقلام شابة تعالج شؤون الشبيبة من منظارها، وايضا نشر الخطوط العريضة والعناوين في وسائل التواصل الأجتماعي، وتشجيع تواصل القارىء مع الجريدة، وتحديث الأخراج والتبويب واعتماد الصور الملونة التي تعطي انطباعا شكليا عصريا ذات رونق يختلف تماما عن "الأبيض والأسود".
التغطية الوافية والشاملة للخبرالأسترالي
ان التغطية الوافية والشاملة للخبرالأسترالي باللغة العربية باتت من المتطلبات الأساسية والملحّة للصحف العربية في استراليا، وللمهاجر العربي الجديد على وجه الخصوص. وهنا لا أكشف سرا عندما أقول ان الدوائر الحكومية الأسترالية والمعارضة والنواب والسياسيين الأستراليين يدركون الحاجة الى نشر أخبارهم بالعربية ويسعون الى ذلك من خلال البيانات والأعلانات والتواصل الشخصي، وما يشجعهم على ذلك هو توافر الخبر الأسترالي في الصحف العربية. كما أنهم يتابعون بصوؤة متواصلة ما تنشره الصحف العربية عن السياسية الأسترالية. وهذا الأمر يساعد الصحف على توظيف الخبر الأسترالي في سبيل تأمين الأستمرارية لكي تظل رسالة الكلمة المكتوبة حية كونها تبقى الأجمل. فالكلمة التي ترتاح على الورق هي تلك التي ما زلنا نستطيع ان نحضنها ونتنشق أريج حبرها ونحفظها في أرشيفنا ووجداننا.
سركيس كرم
0 comments:
إرسال تعليق