تحية للزعيم الصينى : لى كه تشاينغ/ دكتور حمدى حمودة

لقد أزهل هذا الرجل العالم عندما أعلن منذ اسبوع مضى بقوة وحزم شديدين تحديه للولايات المتحدة الأمريكية والمهاترات التى يتشدق بها "ترامب" ، عندما وقف أمامه منذ شهر مضى متحديا قراراته التجارية الأقتصادية وكان له الند بالند ، الا أن المدهش جدا هو اعلانه القريب عن منحه الشعب اليمنى والفلسطينى (غزة على وجه الخصوص) وسوريا كل منهم 135 مليون دولار منحة لاترد من الشعب الصينى الى شعوب طريق الحرير .
من لايعرف طريق الحرير من سنة ألف قبل الميلاد الذى يوصل الصين قديما بشعوب المنطقة العربية خاصة سوريا أو بلاد الشام وصولا الى الهند مخترقا البلاد الصحراوية للتبادل التجارى وعلى قمتة هذه السلع ، الحرير الصينى ،حيث أن الصين هى أول الدول التى عرفت صناعة الحرير لأكتشافهم دودة القز التى تعيش على ورق التوت ، الذى يوجد بكثرة فى الصين وكان أول مكتشف لهذه الدودة التى صنع منها الحرير، هو عالم سورى من بلاد الشام ، ثم انتقلت هذه الصناعة الى دمشق بعد أن عاد هذا العالم الى الشام ، لذلك أطلقوا على الطريق الموصل بينهما طريق الحرير . فمن يحب التعرف أكثر على هذا الطريق الذى كان يقطعه الصينيون بالجمال والخيول والبغال مخترقين الصحراء الشاسعة ليلا ونهارا ، وما يقابلوه من أهوال أثناء مرورهم بالسهول والوديان من وحوش مفترسة وحشرات وحياة سامة تهلك الأنسان والحيوان ، وأسماء البلاد والقرى والنجوع التى تقابلهم فى الذهاب والعودة لمدة عام كامل ، عليهم بقرائة كتاب 
طريق الحرير ، تأليف :ايرين فرانك وديفيد برانستون وترجممة أحمد محمود ، المشروع القومى للترجمة بالمجلس الأعلى للفنون والآداب / مصر 
شدنى جدا هذا الزعيم الصينى تحديه لواشنطن وكل القرارات المجنونة التى تصدر على لسان رئيسها ، كما شدنى جدا تلاحمه مع سوريا من أول يوم اشتعلت فيه هذه الحرب القذرة فبراير 2011 ، هو وبوتين والمرشد الأيرانى والرئيس روحانى الذين تكاتفوا جميعا ضد المخطط الأمريكى الشرق اوسطى من أجل هيمنة الكيان الصهيونى على المنطقة ، اتحدت هذه الدول الثلاث أمام الغطرسة الأمريكية بتشهيرهم الفيتو فى مجلس الأمن والأمم المتحدة تسع مرات حتى لايعطوا المتآمرين على سوريا امكانية الحرب عليها لتقسيمها .
لكن المذهل فى الأمر أن يعلن هذا الزعيم لى تشى بالأمس 11 يوليو على الملأ أنه سيقوم بانفاق احدى عشر مليارا من أجل السرعة فى اعادة طريق الحرير الذى سيعمل بتكنولوجيا العصر من الصين الى الهند مارا بسوريا ، وسيمنح كل هذه البلدان التى يعبرها الطريق كل الأمكانات التى تكفل لها السرعة فى انهاء المشروع وهذا معناه سرعة انهيار الولايات المتحدة اقتصاديا ، حيث سيوفر هذا الطريق سرعة نقل البضائع لكل بلدان الشرق الأوسط علاوة على تخفيف الجمارك أو انعدامها ، وغزو الصناعات الصينية من الأبرة للطيارة لهذه البلدان التى كانت تعتمد على واشنطن والأتحاد الأوروبى فى الأستيراد منها والأعتماد على صناعاتها .
تعتبر هذه الخطوة الجريئة التى ستكلف الصين عشرات المليارات ، خطوة صائبة أودت بترامب ، مما جعله يعلن اليوم بكل جنون انه سيجعل الصين تسف التراب بعد فرض العقوبات عليها مثلما أنهك طهران اقتصاديا ، علما بأن طهران فى أفضل أحوالها الصناعية والتجارية والأقتصادية مهما فرض عليها من عقوبات وعلى الدول التى تتعامل معها ولا تقاطعها ، وقد شاهدنا تحدى الأتحاد الأوروبى الى قراراته بأنها غير ملتزمة بما يفرضه عليها ، أما انه يتجرأ بالأمس ويطلب من ألمانيا التى وصفها بالغنية وعليها أن تدفع للناتو وتتحمل مصاريف الأتحاد الأوروبى ، فقد ردت عليه على الفور رئيسة الوزراء ميركل بأن برلين غير ملتزمة بهذه الأملاءات وأنها تأخذ قرارتها من نفسها .
هذا هو الفرق بين الزعيم الصينى وبين هذا الرئيس المملوء بالنواقص والعقد النفسية ، فهو يظن أنه يمتلك مصير العالم بقراره الحرب أو السلم ، مازال لايعى أن بوتين استطاع بذكائه أن يسحب من تحت قدمه البساط فأصبح العالم متعدد الأقطاب ، أصبح هناك موسكو وبكين وبعد سنوات قليلة ستعود برلين قطبا منافسا لكونها أغنى دول الأتحاد الأوروبى ومميزة باقتصادها القوى ، أما بالنسبة لأولية الأحتياطى النقدى فى العالم ، فتعتبر الصين هى الأولى ويليها الهند ، وهذه هى المفاجأة ، وثالثها واشنطن ثم تأتى موسكو فى المرتبة السادسة ، وهكذا أصبح واضحا للبيان أن واشنطن فى طريقها للأنهيار الأقتصادى خلال السنوات القادمة ، فالجميع يعرف لولا تسلط وجبروت وبلطجة ترامب على دول الخليج خاصة الرياض ، بعد فرض وسحب هذه المليارات منهم ، وبعد اتهام الرياض بأنهم هم من قاموا بضرب البرجين فى 2001 ، والزامهم بدفع ست ترليونات تعويضا الجريمة التى أصبح لايخفى على أحد أن الصهاينة الجدد هم من دبروا وأعدوا لها  ومع ذلك من أجل تنصيب محمد بن سلمان العرش والحفاظ على كراسيهم جميعا مضرين للدفع دون تردد .
فى اعتقادى الشخصى ، أنهم لو دفعوا لواشنطن أضعاف هذه الترليونات فلن يستقيم الأمر فى واشنطن ، ولن تسعفهم فى الحفاظ على عروشهم فالهلاك قادم ، قادم بأمر الله ولقد خاب من استعلى .                                                              
   
  

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق