سيدة لا تريد العودة/ رحال لحسيني



كانت تتجول في ساحة وسط عاصمة بلد تسمى بالحرية.

خاطبته من خلف نظارتيها الشمسيتين:

- هل تستطيع أن تقطع كل هذا المسار الطويل، وتواصل مسيرتك هناك؟

عاد متخفيا، ذهبت بعده لتشاهد وتصور كيف يعيش نصف شعب في مساحة أقل من كعب قدم عشيرة تسمى دولة، تحت أنظار أبراج مزينة بكاشفات ضوئية.

علمت انه لم يعد له وجود، وجدت نفسها تمشي بين جثث تملأ الطرقات وبوابات المستشفيات وسيارات الإسعاف وحطام المباني المدمرة عن آخرها...

تكرر في ذهنها نفس السؤال، تخيلته يجيبها ب:

- نعم... وبين آلاف الموتى،، نواصل المسير.

نظر إلى لب عينيها، ثم ابتسم قليلا وأضاف:

نصل أو نسقط على مشارف المدى،،

صاحت حتى عاد إليها صوتها من شدة الصدى:

- العالم لا يكترث لنا. وأضافت:

- ما يقع هنا... وصمة عار فوق جبين الأشقاء والأصدقاء قبل الأعداء.

من شدة آلام فراق أناس عاشرتهم أيام فقط، منذ قدومها إلى حيث لم يعد، لم تستطع المغادرة. 

لم تعد تهوى أن تصور أو تصف شيئا. 

تعبت من المشي كالتائهة، جلست قرب ما تبقى من جدار بناية شامخة كانت تعج جنباتها بالحركة وضجيج حياة بسيطة لأناس بسطاء. 

ضمت رأسها بين ذراعيها، تكومت فوق حقيبتها الخفيفة، وهمست لنفسها:

- ليثني أرتقى هذا المساء !.

***

حديث متواصل

كلما قلت لن أراك ولن أفكر فيك اليوم تأتين إلي في تفاصيل الفرح العابرة وتملئين القلب بالألم.

لماذا أنتِ هكذا،، لا تستريحين كالمدن؟.

- أيها المارد الشقي، قالت له ثم تساءلت: لماذا عطر دمائك يملأ العالم بكل هذا الخزي الفاقع، يسافر في أجساد أطفال ونساء وشيوخ هائمة في شوارع اليوم الجديد؟

- أنتِ لا تريدين الحياة من بوابة الموت، كأنه قال لها ثم واصل: لا زلتِ تريدين الخبز والماء والدواء وفك أغلال الحرية.


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق