الغد الثقافية عن شوقي مسلماني: القامةُ العالية صناعةٌ عالية


ـ نقلاً عن مجلّة "عدن الغد" الثقافيّة. 

"شوقي مسلماني شاعر وكاتب أسترالي من أصل عربي لبناني، كتب ويكتب للعديد من الصحف اللبنانيّة والعربيّة ومنها: "النهار"، "السفير"، "الأنوار" و"الأخبار" البيروتيّة و"القدس العربي" و"الحياة" اللندنيّة و"إيلاف" الباريسيّة. هاجر إلى أستراليا سنة 1977. رئس تحرير ثلاث مجلاّت أستراليّة عربيّة وهي:  "أميرة"، "الدبّور" و"الرابطة". وصدر له العديد من المجاميع الشعريّة منها: "أوراق العزلة"، "حيث الذئب"، "من نزع وجه الوردة؟"، "لكل مسافة سكان أصليّون" و"محور مائل". يقف قلباً وقالباً مع حركة الثورة العربيّة تخلّصاً من أنظمة فاسدة مفسِدة استكبرتْ وتجبّرتْ، كما قال يوم تنحّى الرئيس المصري حسني مبارك، ولكنّه في آن حذّر من التلاقي مع الإمبرياليّة وذراعيها : "الناتو" و"البترو دولار". وفي سيرته شاعراً قوله إن الشعر من تلاوينه أن يكون مناكفاً، ويدعو إلى شعر يفسح حيّزاً كبيراً للعلوم، وأن يستفيد من كلّ الفنون الجميلة، كما كلّها استفادت وتستفيد وستظلّ تستفيد من الشعر.  

كتبتْ عنه الشاعرة والناقدة المعروفة الراحلة عناية جابر في صحيفة السفير البيروتيّة، وذلك بعدما صدرت مجموعته "محور مائل" تقول: "يستمدّ الشاعر شوقي مسلماني قوانينه الأدبية من نفسه، ويطبّق على الفور رؤيته الشعريّة الخاصّة. قصيدةُ النثر التي سبق أن أكّدت على جوهرها الفردي والفوضوي تقدِّم في عمل مسلماني الشكل الأدبي لتمرّد شاعر ضدّ الثوابت". وكتب عنه الشاعر والأديب سامح كعوش في جريدة الغاوون الأدبيّة: "يستحضر الشاعر شوقي مسلماني ذاكرة القتل متسلّحاً بالسوريالية التي تشكّل الصور بكل جنونها وعبثيتها أحياناً وبكائها المضحك أحياناً أخرى. كأنّ للشاعر هذه الريشة السحرية التي تُعيد ترتيب الكون". وكتبتْ عنه الشاعرة والكاتبة سهى شاميّة في القدس العربي: "يغلّف شوقي مسلماني لغته بطابع حِكَميّ في الامكنة التي يمكن اعتبارها مفاصل النصّ، وتحديداً الوقفات فيه، فتصبح الحكمة أو طيفها أشبه بالتقاط النَّفَس بعد سرد طويل مشبع بالتفاصيل والصور الحيّة". وكتب الشاعر والناقد مازن معروف في القدس العربي ذاتها تحت عنوان "هواء ملحمي نظيف في نصّ شوقي مسلماني الشعري"، وذلك بعدما صدرت مجموعة "لكل مسافة سكّان أصليّون"، يقول: "انفتاح نصّ مسلماني على تعدديّة الأسلوب ولاأحاديّة النسيج الشعري يأتي متطابقاً إلى حدّ بعيد مع انفتاح النصّ على محاولات في تأمّل قيم حالات سوسيولوجية وأسطورية وتاريخية كالموت، السلطة، الخطأ، العبث، البشريّة، الطبيعة، السياسة، الصراع، الطائفيّة، وبعض هذه القيم، كالأخيرة مثلا، يمثّل إقحامها في النصّ مجازفة نظراً لبعدها السوسيولوجي غير القابل (كما قد نتصوّر) على التآخي مع المناخ الشعري والمجازي، غير أن السياق الملحمي غير الخاضع لأي إنضباط في تواتر الأزمنة يهيئ النصّ تمهيداً لحمله بعيداً عن الكلاسيكيات الملحميّة / السياسيّة التي درجت في قصائد الستينيات". 

وهنا من نصوص له:  "القامةُ العالية صناعةٌ عالية" \   "إفتحْ أي نافذة على الظاهر وعلى الباطن \ على المظهر، على الجوهر \ على الشكل، على المضمون \ منهم في البدء مَنْ تجاهل \ ثمّ بعدَ فترة سخر ثمّ حقد وناصب العداء \ وكَرَّ قبل أن يفرّ إلى لا رجعة \ الأثبت هو الذي يُحلِّق في سماء العِلم \ الذي في تربة العِلم جذوره أعمق" \ "الشكل يستحقّ الإهتمام" \ "لطالما وبّخوا وأنّبوا وجرّموا \ وحرّقوا أو صلبوا أو شنقوا \ وفي كلّ زمان ومكان \   الشكل يمنح القدرة من أجل التفوّق \ طبعاً مِنْ دون أن يطغى الشكل أو المظهر على المضمون \ الذي يُريد القبض على المعنى يجب أن يفكّ أسر المبنى \ وأن يهبَه الحريّة غير منقوصة \ الحكمة ليس حبّ المعرفة هي اتّزان المعرفة". 

**

"الحقيقة \ منظورٌ إليها مِنَ الجهات كافّة \ هي ذاتها ولا زيادة ولا نقصان \  توازن في الشكل والمضمون، \ في المظهر والجوهر وفي الظاهر والباطن، \ ويومٌ في القلب الكبير والعقل المستنير\ خير مِن عِلم سنة".

**

  "تنفتحُ العينان وتتّسعان أكثر \ غزَلوا الصوفَ، حاكوا الكتّان، \ ونسجوا الحرير \ عملُ أو ترتيبُ صُدْفة، \ وتوالي الصُدَف وانتظامُها \ وبدل ألف رأس في الرأس لم يبقَ رأس \ لا رأسَ في الرأس \ أربدَ وجهُه، وأسرف، لزمَ البيتَ \ "مِنَ الضدّ ما هو مِنْ جنس الضدّ \ وخصوصاً في النتائج المُحصّلة \ ..  منهم، وهو إلى مائدة الطعام، \ كان وطناً على طبق من ذهب \  لكي تبيضَ فراخُه ذهباً ..\ والتَهَمَ الوطنَ مستعيناً عليه بيديه الملطّختين \  ويُشاركُه فيه، مثل الوحوش، شارباه ولحيتُه. \ الحقيقةُ منظورٌ إليها مِنْ كلّ جهة \ وهي ذاتها وحدها الحقيقة. 

**

قالَ وهو يعوم، \ وهو يزحف، وهو يمشي \ وهو يُحلِّق عالياً \ وقالَ البحرَ، النهرَ، الغابةَ، \ الصخورَ، الحقلَ، الحجارةَ، \ القلاعَ، الميادين، الساحات، العمائرَ العالية، \ السماءَ، الداخلَ، الغائرَ، المطعونَ في قلبه. 

**

انتهابُ السيادة على أسباب الحياة \ إنتهابٌ للسيادة على حريّة الخيارات. 

**

قال: "أُشفِقُ على اللواتي يبعن عواطفهنّ لقاء المال \ أحتقرُ الذين يبيعون مواقفهم لقاء وظيفة أو المال \ أكره الذي يشتري العواطف والمواقف بالمال" \ "لا ثقافة من دون التطرّق إلى الفساد \ الذي ينخر في عظام المؤسّسة ويُرهنها لحفنة \ من المهووسين بالمال" \ "كائن موضوعي هي الدولة \ إنّما لا تنمو موضوعيّاً، إنّها من خصائص المجتمع \ الذي تنمو فيه، تتغيّر بتغيُّره وتَغيُّرِ نظامِ إنتاجِه" \ "بشروطِ الدنيا وصناعة بشريّة هو التاريخ" \ "الأسئلة الحقيقيّة المُجدية \ مستحيلة في ثقافة الخطّ على الرمل \ ونفي السؤال إلى قارّة \ مرجعيّتها لا تحتمل المراجعة \ حيث "السيف والنطع"  \ "إن أحسنتُ فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني" \ "الآتي مِنْ مرجعيّات لاهوتيّة \ يجعل مِنْ كارل ماركس نبيّاً ومِنْ لينين وثناً \ ومِنَ الماديّة ميثولوجيا مضادّة" \ "اليقينُ، الشكُّ، الخرافةُ، العلمُ، الفقه، الفلسفة \ وخطْبٌ جسيم، وداهيةٌ دهماء، ونكبةٌ عظيمة".

**

"الطائفيّةُ والعنصريّةُ في الأطراف \ خطّان أماميّان دفاعاً عن المصالح الإمبرياليّة. \ الإنفتاحُ إسم الدلع \ قدْرةٌ على الإيحاء \ لا يُعطيك إلاّ على قدرِ استعدادِك \ الوصلُ، الفصلُ، \ ومقايسةُ الكون بالقامات العالية".

**

"ابتَعَدَ لكنْ لم يرجعْ \ اقتربَ لكنْ لم يدخلْ \ التحمَ بالسلاح الأبيض ولم ينتصرْ \ انكسرَ ولم يستسلم".


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق