ميلاد الكون..../ المحامي شادي خليل أبو عيسى

 


   

رئيس مركز فِكر                     

رئيس مؤسسة المطران ميخائيل الجَميل للحوار والثقافة


الملائكة يسبحون والرعاة يهتفون وينشدون أناشيد السلام. الرب يسوع ولد انساناً على الأرض وإلهاً ليُخلّص البشر وينشر المحبة والإيمان والعطاء في نفوس كل الناس.

فلنتأمل حمل الله الرافع خطايا العالم، آتياً من أجل الإنسان. وهو لم يستمد وجوده من ميلاده، ولكنه موجود قبلاً (في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله). فهو موجود منذ الأزل وإلى الأبد. لذلك، ففي ميلاد الرب يسوع المسيح حدثت أمورا كثيرة. فبدلاً من الأقمشة النادرة الفاخرة، ولد مقمطاً بقطعة رخيصة من القماش وليس كثوب وهذه كانت العلامة (تجدون طفلاً مقمطاً مضجعاً في مزود). حدث هذا مع الرب يسوع كحمل وذبيحة. إنه حمل الله، تجسّد لكي يقدم لنا فداءاً كذبيح. وولد أيضاً ليقدم فداءاً أبدياً للبشر وحمل يفدى العالم وينتفع منه من آمن به ومارس الأسرار المقدسة، وحتى من لم يؤمن به.

ولد في أشد الأيام برودة لأن البرد هو دليل لظل الموت. لذلك نسهر في ليالي الميلاد منتظرين إشراقة الفجر ومع أول شعاع يكون المسيح على المذبح في القداس الإلهي.

نحتفل بعيد الميلاد ليلاً، موعد الولادة، ولادة المخلص. ونسهر في البرد طول الليل إشارة لانتظار البشرية آلاف السنين.

في زمن الميلاد، علينا التقرب من الله أكثر فأكثر كما في جميع أيام السنة والإحساس به. أي علينا الالتصاق بوصاياه وتطبيقها مع الغير ومع نفسنا. والعطاء هو أفضل وسيلة للتقرب من الرب يسوع حيث نُنمي حياتنا الروحية من خلال تقديماتنا ومساعداتنا، فنحي هذا المناسبة بفرح وسعادة مع الغير ونم يد العون بابتسامة وغبطة.

إنه عيد الميلاد.. عيد المحبة والعطاء...عيد السيد المسيح الابن الوحيد للآب الذي جاء ليؤسّس معموديتنا ويخلصنا.

جاء ليمسح الدموع عم وجوه البؤساء ولينشر البهجة في قلوب المحزونين والمنبوذين.

جاء ليعيد لنا الأمل في الحياة الأبدية.

فلنعطي لهذا العيد معناه الحقيقي ولنتسامح مع بعضنا البعض ونتكاتف ونتعاون كي تتحقق نعمة الرب علينا ويباركنا.

تعالوا نعيش من خلال عيد الميلاد حياة العطايا والتعاون، نفرح من خلاله بالخلاص الذي منحه الرب لنا.

يا رب، اجعنا نشر بنورك الأبدي لنعيش مع اخوتنا بسعادة سماوية.

يا رب، بكل زخة مطر...وبكل رشة عطر، دعنا نضمك لنتبارك من جميل عطاءاتك.

تعالوا نتهيأ لاستقبال المولود الإلهي بقلوب طاهرة، حتى نكون مستحقين لاستقباله فيولد في نفوسنا.

الكنيسة هي أمنا كما مريم العذراء هي أمنا. فعلينا احترامها وتكريمها. وكما نكرّم الآب الرب يسوع، علينا أن نكرّم اخوتنا وكافة البشر ونساعدهم ونساندهم ليستقبلوا الميلاد بابتسامة وحنان.

إنه زمن الميلاد، فلنفعل الأعمال الخيّرة حيث يكون الفرح عظيماً مع بعضنا البعض. وألاّ نملأ الخزائن بالثروات الطائلة في حين أن ضمائرنا فارغة من العطاء والغير ينام جائعاً محتاجاً.

إن الرب يسوع لا يطلب الزينة الفاخرة، بل نفوساً مخلصة.

هو لا ينظر إلى زينة الجسد، بل إلى القلوب النقيّة.

لا يدهشه لمعان الجواهر بل يبتهج بالعفاف والسلام الذي يتغلب على كل شهوة وأنانية.

فلنسرع إلى الملك السماوي محصنين بالإيمان ومتشحين بالرحمة.

وما تأثير ونفع صلاتنا حينما نطلب قائلين: نجنا من الشرير، ونحن لا نريد أن نرحم نفسنا وإخوتنا. علينا ألاّ نكون غرباء الواحد عن الآخر.

فلنكن أبناء الرب السماوي ولننتسب للعائلة الكبيرة. عائلة الرب يسوع المخلص. آمين.


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق