لن أرثيك يا غسان حريري وما نفع الرثاء؟ / د. بهية ابو حمد


البارحة غابت شمس المسرح ونوره، وغاب الوجه الملائكي الخجول والرقيق والصديق الشهم الذي يعرف جيدا ما هي قيمة الوفاء والاخلاص. 

غاب الصديق الوفي الذي رافقني في مشواري الثقافي وكان عضوا فعالاً في جمعية إنماء الشعر والتراث، وقدم لي عصارة أفكاره وارائه وإبداعه بغية الحفاظ على الثقافة والتراث ونشرها في اصقاع العالم.  

تركنا ودمعة الألم لم تفارقه. 

مات حزينا، كئيبا، ثائرا على الدنيا وظلم المجتمع . 

مات حاملا بين حنايا صدره نقمة مريرة على هذا الكون غير العادل. 

مات صارخا للعدل ولكلمة الحق، رافضا الظلم والإهمال وقلة الوفاء. 

كم كنت سعيدة عندما تحدثنا الاسبوع الفائت على الهاتف، وابلغتني عن نيتك بزيارة صالوني الثقافي مع الصديق ملحم حلاوي بغية رسم خطة عمل وبرنامج للمسرحية التي كنا ننوي القيام بها "البؤساء - لفيكتور اوغو"، وكنت استمع بدقة لمبدع هندس سيناريو المسرحية، 

ورنم مفرداتها، 

ورسم خطتها، 

وانتقى الممثلين والموسيقى 

والديكور والأضاءة 

والألوان والملابس 

والحوارات الأدبية 

وهو طريح الفراش يصارع المرض الذي انهك جسده ويصارع جاهدا ليبقى على قيد الحياة. 

لقد كان الموت يا صديقي اسرع واقوى من أحلامنا واختطفك إلى عالمه بأنانية مطلقة. 

ماذا تريد بعد ايها الموت؟ الم تكتفِ؟ 

تحرمنا من اقرب الناس الينا، وتحصد غدراً نخبة البشر . لا تأبه لحزن او ظلم او دمع يسيل على فراقهم. 

كفى ايها الموت ! كفى. 

المسرح شامخاً ينتظر . 

العرض سيبداء بعد قليل. 

الممثلون يستعدون للقيام بأدوارهم.

الأضواء انسابت برقة في ارجاء المسرح . 

انه هنا، لقد ارتجل عن صهوة فنه ودخل إلى ارجاء مسرحه لينشر الثقافة والإبداع . 

الجمهور يقف ويصفق بقوة . 

انه غسان الحريري أيقونة المسرح، والسينما والفن .

 انه الفنان الذي ترك بصماته الثرية في أعمال فنية ومسرحية عدة. 

انه المبدع الذي خلد اسمه بين عواميد المسارح التي شهدت على نجاحاته الجمة. 

نم قرير العين يا صديقي الوفي، انك الآن في مكان افضل وارحم. 

سأشتاق لك ولقصصك القديمة التي كنت ترويها لي والتي تختصر ماضيك المفعم بالتعب والشقاء والمزين بفنك وأمجادك وإبداعك. 

اطّلع علينا من السماء يا صديقي وصلي لاجلنا.

رحمك الله يا غسان حريري واسكنك فسيح جناته.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق