لا شك ان الاحداث المروعة التي وقعت في باريس ستزيد من الدعوة الى قوانين أكثر صرامة لمحاربة الارهاب.
في مثل هذه الاحوال، هذا الأمر مفهوم، ، فتتركز افكارنا على سلامة العائلة والمجتمع، وان المواطنون يريدون معرفة ان المسؤولين لا يوفرون جهداً ووسيلة ممكنة للحد وقوع اعتداءات جديدة.
للأسف، ان هذا الوقت هو الأسوء لوضع قوانين جديدة لمكافحة الأرهاب.
إن هذا الشعور الكبير بالخوف والحزن لا يترك اي مجال لعملية تقييم هادئة لهذا التهديد او فهم الى اي مدى يجب ان نذهب.
اننا نخاطر باتخاذ اجراءات قد تقوض الحريات التي نريد الدفاع عنها من الارهاب. بهذا نكون كمن يهدي الذين يريدون الاساءة لنا نصراً مجانياً.
ان قوانين مكافحة الارهاب الأسترالية سوف تُقر قريباً، وستشمل تغييرات عدة من اهمها قانون الجنسية الذي وضع عام 1948، وهذه القوانين سترسخ فئتين من المواطنين مما تخالف مفهموم ان كل الأستراليين سواسية امام القانون. فالأشخاص الذين يحملون الجنسية الاسترالية فقط سيكونون مخولون البقاء في البلاد مهما كانت افعالهم. وبعكس ذلك فإن ما يقارب الخمسة ملايين استرالي من مزدوجي الجنسية سوف يخضعون للقوانين الجديدة، وهذا قد يعني ترحيلهم بعد تجريدهم من جنسيتهم الأسترالية.
بهذا تكون استراليا تسير على خطى المملكة المتحدة بوضع قانون جنسية جديد مرتبط بأفعال حاملي الجنسية حيث بموجب تلك القوانين، فان المملكة المتحدة ورداً على خطر الارهاب منحت وزير الداخلية صلاحيات يكون بمقدوره سحب الجنسية من اي شخص اذا كان ذلك الاجراء يخدم المصلحة الوطنية.
إن مشروع قانون الجنسية الاسترالي الذي وضعته حكومة طوني ابوت صيغ بطريقة سيئة لا بل كان اسوأ قانون عرض على البرلمان الفيدرالي حتى تاريخه.
كان مشروع القانون يتضمن عدة تناقضات واخطاء مطبعية واضحة وفي نفس الوقت يعطي القانون اي موظف في الدوائر الحكومية المختصة صلاحيات استثنائية لتجاوز المحاكم والتقرير بأنفسهم اذا ما كان يجب ترحيل أي شخص. وهذا الامر كان يمكن ان ينطبق ليس فقط على الارهابيين، انما ينطبق ايضاً على العاملين في المنظمات الانسانية لا بل على الاطفال الذين يدانون باعمال تخريب الممتلكات العامة. لكن التعديلات التي ادخلتها حكومة مالكوم تيرنبول على مشروع القانون آزالت العديد من البنود السيئة في مشروع القانون الاساسي، حيث اصبح القانون أكثر تركيزاً على سحب الجنسية من مزدوجي الجنسية الذين يشكلون خطراً على استراليا او المجتمع الدولي.
إن مشروع القانون بحلته الجديدة سوف يشمل الذين ينفذون اعمالاً ارهابية او يدعمون الارهاب سواء كان بالدعم المالي والتدريب والتجنيد، كذلك فالقانون لا يميز بين الارهابين او المقاومة الشرعية والمناضلين من اجل الحرية.
إن هذا يعني، ان مواطناً مزدوج الجنسية، والذي يدعم مثلاً محاربة نيلسون مانديلا للتمييز العنصري في جنوب افريقيا قد يكون عرضة لألغاء الجنسية الاسترالية.
من جهته فقد اوضح المدعي العام الفيدرالي جورج برندس ان مشروع القانون لا ينص على فقدان الجنسية المزدوجة الا للمواطنين المشاركين والداعمين للنشاطات الأرهابية.
للأسف، ما قاله المدعي العام لم يوضح في تفاصيل القانون وان الجنسية سوف تسحب من الاشخاص الذين يشاركون في النشاطات العسكرية في الخارج بمن فيهم الذين يحملون السلاح ضد المنظمات الارهابية مثل داعش. والقانون ينطبق أيضاً على الاشخاص الذين يتم ادانتهم بالدخول الى مناطق تحذّر الحكومة السفر اليها، هكذا شخص قد لا يكون اذى احداً ولكنه دخل تلك المنطقة بخلاف رغبة الحكومة في ذلك فقط لزيارة اصدقاء او القيام بأعمال تجارية.
إن الحكومات سوف تستهدف هؤلاء الاشخاص باستخدامها هذه الصلاحيات الجديدة والاستثنائية وسوف يكون بامكان الوزير المختص سحب الجنسية من حاملي الجنسية المزدوجة بعد إدانتهم بجرائم جنائية محدودة وقد يسري ذلك بمفعول رجعي اي حتى على الجريمة التي وقعت قبل صدور القانون الجديد.
وفي حالات اخرى، سيكون بمقدور الحكومة ان تتصرف من جانب واحد وبدون امر من المحكمة وحرمان الشخص المعني من اي فرصة للدفاع عن نفسه.
إن هذه المغالطات قد تؤدي الى الطعن بالقانون امام المحكمة العليا. إن هذه الاشكاليات تظهر عدم تقديم مبررات سليمة للقانون، فليس واضحاً لماذا نريد ترحيل مزدوجي الجنسية من استراليا حيث صلتهم بالارهاب قليلة او حتى معدومة.
كما انه ليس من الواضح، ما هو تأثير وضع قانون يعتمد فئتين من المواطنين على الانسجام في المجتمع لبناء الوحدة الوطنية والتي نحن بأشد الحاجة اليها لمكافحة الارهاب.
اعتقد في انه لا يجب ان تنتهي الامور بهذه الطريقة، فبدلا من اتباع خطى المملكة المتحدة في سياستها هذه فقد كان من الاجدى لأستراليا النظر الى الانموذج الكندي حيث ينوي رئيس الحكومة الكندية الليبرالية الجديدة جاستن ترودوالذي انتخب بعد ان قدم وعداً في حملته الانتخابية بالغاء القانون الكندي الذي يؤسس لفئتين من المواطنة ويمنح الصلاحيات للسياسيين بسحب الجنسية بدون محاكمة. ولقد صرح ترودو اننا نرفض هكذا قانون ،" لأن الجنسية ليست هبة تمنح وتسحب بقرار من السياسيين".
جورج وليامز
استاذ مادة القانون في جامعة نيو سوث ويلز
عن ذي سدني مورننغ هيرالد 16/11/2015
0 comments:
إرسال تعليق