وافقت جميع القوى السياسية الفلسطينية بما فيها حركتيْ "حماس" والجهاد الإسلامي على إنعقاد إجتماعات تحضيرية لإنتخاب أعضاء مجلس وطني جديد يوميْ الثلاثاء والأربعاء 10 و 11/1/2017. تأتي اللقاءات التي ستستضيفها سفارة دولة فلسطين في بيروت بعد مرور 21 سنة على إنعقاد آخر دورة للمجلس في قطاع غزة بتاريخ 22-25/4/1996، وفي ظل ما تتعرض له القضية الفلسطينية عموماً من تحديات. يُشكل إنتخاب أعضاء مجلس وطني جديد رغبة فلسطينية سياسية وشعبية ملحة يسعى لإنتخاب أعضاء جدد للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويكون قادر على إصلاح وإعادة تفعيل وتطوير المنظمة. فما هو المجلس الوطني الذي سيمثل أكثر من 12 مليون فلسطيني، حوالي 72% منهم لاجئين؟.
يُعتبر المجلس الوطني الهيئة التمثيلية التشريعية للشعب الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة (الضفة وغزة وأراضي 48)، وخارجها والذي يعد حسب نص المادة 7 – أ من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية "السلطة العليا لمنظمة التحرير وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها". يشكل المجلس المرجعية العليا لكل هيئات ومؤسسات المنظمة ويختص بكافة المسائل الدستورية والقانونية والسياسية العامة المتعلقة بالقضايا المصيرية للشعب الفلسطيني وكل ما يتعلق بمصالحه الحيوية العليا. وحسب النظام الأساسي لمنظمة التحرير فإن لكل فلسطيني حق المشاركة في إنتخاب المجلس الوطني إذا أكمل الثامنة عشرة من عمره وكان مسجلاً في أحد جداول الإنتخاب النهائية وكان عاقلاً غير محكوم بجناية أو جريمة تمس الشرف الوطني.
حسب النظام الأساسي فإن مدة المجلس الوطني ثلاث سنوات وينعقد دورياً بدعوة من رئيسه مرة كل سنة، أو ينعقد في دورات غير عادية بدعوة من رئيسه بناءً على طلب من اللجنة التنفيذية، أو من ربع أعضاء المجلس، ويكون النصاب مكتملاً بحضور ثلثيْ أعضاء المجلس وتُتخذ القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين. انعقد المجلس الوطني الأول الذي نشأت عنه منظمة التحرير الفلسطينية في 28/5 – 2/6/1964 في القدس حيث وجهت الدعوة إلى 397 شخصاً منهم 249 عن الأردن التي كانت تضم الضفة الغربية. ينبثق مجلس مركزي عن المجلس الوطني وهو هيئة وسيطة تشكلت سنة 1973 وينص نظامه على الإجتماع مرة كل شهرين على الأقل وتقرر أن يكون عدد أعضائه 32 عضواً لتحقيق مزيد من الفعالية والمرونة وتسهيل عقد الإجتماعات واتخاذ القرارات في غياب المجلس الوطني، إلا أن عدد أعضائه قد وصل إلى 128 عضواً في إجتماع 9-10/9/2000 .
يقوم المجلس الوطني بإنتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وتكون دائمة الإنعقاد. ويبلغ عدد أعضاء اللجنة التنفيذية رسمياً 18 عضواً. وقد انتخبت آخر لجنة تنفيذية في نيسان/ابريل عام 1996. وقد توفي حتى الآن خمسة من أعضائها: ياسر عرفات وفيصل الحسيني وياسر عمرو وسليمان النجاب وسمير غوشة (رحمهم الله). النصاب القانوني لانعقاد اللجنة التنفيذية هو حضور ثلثيْ الأعضاء (12 عضوا) ويشير النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى أنه إذا شغرت ثلث مقاعد اللجنة التنفيذية (6 مقاعد) فأكثر، فإنه يتم ملؤها من قبل المجلس الوطني في جلسة خاصة يدعى لها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما.
انعقد المجلس الوطني الفلسطيني في 21 دورة بمعدل دورة واحدة كل حوالي سنتين ونصف بخلاف النظام الأساسي الذي ينص على إنعقاد دورة واحدة سنويا. في السنوات العشر الأولى من عمر المجلس (1964 – 1973) انعقدت 11 دورة، وفي السنوات العشر الثانية (1974-1983) انعقدت خمسة دورات، وفي السنوات العشر الثالثة (1984-1993) انعقدت أربع دورات، ثم لم تنعقد في السنوات (1993-2017)، سوى دورة واحدة عقدت في نيسان/ابريل عام 1996 لإلغاء بنود الميثاق الوطني الفلسطيني المعادية لـ "إسرائيل" والصهيونية. واجتمع أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني في غزة في 14/12/1998 بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلنتون حيث صادقوا على إلغاء بنود الميثاق التي تدعو للقضاء على "إسرائيل".
انعقد المجلس الوطني الفلسطيني الأول في القدس سنة 1964 بمشاركة 422 عضواً (رغم أن الدعوة وجهت أساساً إلى 397 شخصاً). وفي الدورة الثالثة للمجلس في غزة في 4/5/1966 بلغ عدد الأعضاء 466 عضواً. وبعد إنطلاق حركة "فتح" في 1/1/1965 تم إعادة تنظيم المجلس الوطني وبشكل موضوعي فتكوَّن مجلس جديد من مائة عضو فقط في الدورة الرابعة التي انعقدت في القاهرة في 10/7/1968. غير أن عدد أعضاء المجلس ما لبث أن أخذ بالتزايد التدريجي فوصل إلى 155 عضواً سنة 1971 ثم ارتفع الى 293 عضواً سنة 1977 ثم بلغ 450 عضواً سنة 1988. أما عدد أعضاء دورة المجلس الوطني الحادي والعشرين المنعقد سنة 1996 فهو واحد من القضايا المحيرة، إذ لا يوجد رقماً رسمياً متفقاً عليه وإن كان هناك شبه إجماع أنه تجاوز 700 عضو. تحدثت رواية عن أن العدد 787 عضواً ورواية أخرى أنه 738 عضواً. وحول الدورة الواحدة والعشرين لانعقاد المجلس في العام 1996 اعترف رئيس المجلس الوطني وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح سليم الزعنون بأن هناك سجلات متباينة ومتفاوتة لأعضاء المجلس "فسجل غزة يختلف عن سجل رام الله وكلاهما يختلفان عن السجل الموجود في رئاسة المجلس الوطني بعمَّان". تناوب على رئاسة المجلس الوطني خمسة أعضاء (احمد الشقيري، عبد المحسن قطان، يحيى حمودة، خالد الفاهوم، عبد الحميد السائح، أطولها مدة كانت مع سليم الزعنون من العام 1996 حتى الآن).
اتفقت الفصائل الفلسطينية في القاهرة في 17 آذار 2005 وبشكل شبه إجماع على عدد أعضاء المجلس الوطني بأن يكون بحدود 300 عضواً نصفهم 150 من الضفة وغزة يشمل 132 أعضاء المجلس التشريعي، والنصف الثاني من الشتات، وأعلن عن ذلك سليم الزعنون ونائبه المرحوم تيسير قبعة في أكثر من مناسبة. بعد فوز حركة "حماس" بالإنتخابات التشريعية في 25/1/2006، صرح الزعنون في إفتتاح أعمال المجلس التشريعي الفلسطيني في 16/2/2006 أن أعضاء المجلس التشريعي الـ 132 سيتم إضافتهم إلى أعضاء المجلس الوطني البالغ 783 عضواً..، الأمر الذي عطَّل الإستمرار في إجراءات عملية الإنتخاب..
يتطلع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج إلى محطة فلسطينية جديدة تبدأ بلقاءات التحضيرات وتنتهي بتحقيق الأهداف بترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، ليشكل منطلق توافقي يلبي طموح ورؤى الشعب الفلسطيني وأحرار العالم بتحرير فلسطين وتحقيق العودة.
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
0 comments:
إرسال تعليق