مقالات لشاكر فريد حسن

تحية  وضمة حبق الى الصحفية لطيفة اغبارية في يوم ميلادها 
توقد الصديقة والزميلة الصحفية والمربية لطيفة اغبارية شمعة جديدة في عمرها المديد العريض العامر بالعطاء والكتابة الصحفية التي تثلج الصدر .
لقد عهدنا لطيفة وعرفناها صحفية متميزة ومرموقة في صحيفة " حديث الناس " وفي " رأي اليوم " اللندنية لمؤسسها الصحفي والكاتب السياسي المعروف عبد الباري عطوان .
كذلك عرفناها معلمة ناجحة ومثقفة منفتحة ذات 
رأي سديد ، وعقل راجح ، وانسانة طيبة وحيية ، احببنا فيها التواضع وخفة الظل وسمو الأخلاق والحس الانساني والرقة والحياء والرفعة وحب الحياة وعشق لغة الضاد لغتنا العربية ، وغيرتها على مجتمعها ومستقبله .
وعرفنا فيها المواقف السياسية والاجتماعية والانسانية النبيلة المشرفة ، فهي تعزف على قيثارتها سمفونية المخيمات الحزينة النازفة ، وجرح شعبنا تحت الاحتلال ، والوجع العربي ، والبؤس الاجتماعي ، وتمقت العنف المستشري في حياتنا ، وتنافح عن حق شعبنا ، وتدعو للسلام العادل الثابت الذي يحقق طموحات واحلام وأماني شعبنا في الحرية والاستقلال ، وهي تحلم بغد مشرق لها ولشعبنا وامتنا العربية وللانسانية جمعاء .
لطيفة اغبارية انسانة اصيلة وصحفية قديرة ومتمكنة ، ترى ان هنالك ما يستحق الحياة على الارض رغم الحزن والأسى وقتامة المرحلة ، والانتماء الوطني والانساني والطبقي الصادق ديدنها ، وكلمة الحق والموضوعية مبدأها ودربها .

انني اذ ازجي التهاني القلبية المعطرة والعابقة بشذا الحبق والريحان ، للصديقة الصحفية الكاتبة لطيفة اغبارية ، في يوم ميلادها اتمنى لها عمراً عريضاً بالسعادة والفرح ، مع دوام العطاء وتحقيق النجاح في مسيرتها الصحفية والاعلامية واداء رسالتها التعليمية والتربوية ، ولها مني صدق الود وأجمل التحيات ، وكل سنة وانت بخير يا لطيفتنا .
**
الشاعر السوري محمد بشير العاني شهيداً على ضفاف نهر بردى ..!
محمد بشير العاني شاعر سوري غنائي جميل كتب على ضفاف نهر بردى ثلاثة دواوين من الشعر العذب العفوي الصادق ، وهي : " رماد السير ، وردة الفيحة ، حوذي الجهات " ،التي جعلت كل من يقرأ قصائده الا أن يعشق هذا النبض الانساني الدافىء المنساب المتدفق فيها ، والذي يحمل نكهة الزمن ورائحة التاريخ وصور العذاب والجرح العميق وعذوبة النهر .
انتمى محمد بشير العاني لادب الالتزام الطبقي ، والفكر الشيوعي التقدمي ، منحازاً لقضايا الفقراء وغلابى الوطن وجياع الارض .
كان عضواً في جمعية الشعر وفي اتحاد الكتاب العرب في سوريا .
العاني شاعر جارح ورافض ومتمرد جسد في اشعاره التجربة الانسانية ، وعبر عن مأساة  ووجع الانسان السوري والعربي وفي كل مكان ، وعكس معاناته وهمومه ، وبشر بالغد الزاهر المشرق لكل البؤساء والمسحوقين والكادحين ، وامتازت اشعاره بالصدق والحرارة والعفوية .
انه شاعر حالم ، وحلمه منبعاً من منابع الهامه الشعري والفكري ، وكان هذا الحلم دافعاً الى التزامه والى الثورة والتمرد ، ونصوصه تتسم بهذه اللهفة ، وبهذا الحنين الى خلق عالم جديد في الواقع العربي .
محمد بشير العاني شاعر ينبض باحساس عارم بالانتماء ، ينسج كلماته وحروفه من وجدان الوطن والانسان والأرض السورية التي أحبها ولم يستغن عنها . 
كان يغزل من الشعر عباءة وثوباً مزركشاً لدير الزور وغوطة دمشق ونهر بردى وياسمين الشام ولسوريا الجريحة المخضبة بالدماء ، وكان يحلم ويريد لهذا الثوب أن يكون أحلى وأجمل من ثوب الحزن الذي ارتدته منذ اكثر من ست سنوات ، ثوباً ملائكياً مطمئناً الى وطن آمن مستقر ، ولكن قتلوه الدواعش بعد ان رفض مغادرة مدينته دير الزور ليبقى يحرس ضريح زوجته التي ماتت بالمرض العضال ، فاقتادوه مع ابنه اياس الى ساحة الاعدام وحبل المشنقة ونفذوا حكم الاعدام بحقهما بتهمة الردة (!) فبكت دير الزور وتوشحت بالسواد وانتفضت غضباً على السفاحين وقتلة العصر ، الذين ارتكبوا جريمة كبرى . فلماذا نقتل الشعراء ونغتال المبدعين ؟!
ان الحضارات لا تزدهر ولا تنمو الا اذا كان عناية واهتمام باصحاب المواهب ، لأن الموهبة في اي مجتمع هي ثروة مثل سائر الثروات ،بل اثمنها وبدونها فان الامم تكون فقيرة ، حتى لو كانت غنية بكل الخيرات ، ونحن بعكس الغرب والاوروبيين الذين أول من يقدرون ويحترمون النوابغ ، ببنما في مجتمعاتنا العربية فيغتالون الموهبة ويقتلون المبدع ويصادرون الابداع .
جريمة داعش باعدام الشاعر الانسان محمد العاني لن تغتفر ، وسيبقى دمه يطارد اعداء القلم واعداء الكلمة المقاومة المقاتلة ، وكل السفاحين والارهابيبن في كل زمان ومكان .
لقد اغتالوا حلم العاني وهو يبكي زوجته ويحرس قبرها وينشد للوطن اغاني الحب والأمل ، ولكنه سيبقى  خالداً على ضفاف بردى رمزاً للاصالة والوفاء والنقاء والالتزام الوطني والطبقي والانساني ، ونصيراً للمقاومة وفكرالثورة وثقافة التنوير .
**
بغداد ترقص فرحاً وزهواً بانتصار الموصل ..!
بغداد عاصمة الرشيد ، والف ليلة وليلة ، وبغداد السياب والبياتي والجواهري والكاظمي والركابي ولميعة عباس عمارة ، التي انجبت الثقافة والحضارة ، وانجبت اسماء ومنارات أدبية مضيئة ، واشتهرت بمكتبتها العظيمة التي دمرها واحرقها هولاكو التتري ، وهي من اشهر المدائن الثقافية والاجتماعية والسياسية ، ومن اسمائها مدينة السلام .
وبغداد هي فينيسيا الشعر المنكوبة التي تلملم وتضمد وتلعق جراحها .
بغداد اليوم من حقها أن تفرح وتزغرد وهي تتقدم بجيوشها الى النصر المؤزر والحاسم على جحافل وقطعان داعش السائبة ، بعد انتصار عاصمة الشمال الموصل بالكامل على الدواعش ،  الذين احتلوها قبل ثلاث سنوات ونيف ، فزلزلت عظام العراق كله ، خصوصاً بغداد ، وها هي تعلن الانتصار على هؤلاء الاشرار الاوغاد ، وهو نصر بنكهة الجنوب والفرات ، فيا اهلاً بالنصر .
انتصار الموصل هو مكسب تاريخي لاهلها ولشعب العراق وللانسانية جمعاء ، ذلك ان هذا التنظيم الظلامي حين أسس " دولة الخلافة " واختار الموصل عاصمة له ، اراد أن يتوج سيادة الطائفية في ابشع صورها ، وهو التطرف الارهابي واهانة العراقيين ووضعهم تحت احتلال جديد ، واحتراب طويل الامد بين مكونات الشعب العراقي .
لقد وضع أهل الموصل تحت اغلال هذا التنظيم الوحشي المتطرف الذي ارتكب افظع الجرائم ضد مواقع المدينة الدينية والتاريخية ونسائها ، ودمر مكتبتها التاريخية واحرقها سيراً على خطى المغول ، الذين عبروا نهر دجلة على جسر من الكتب على خطى النازي في المانيا ، واكلت الكتب نيران الجهل القاتل والتعصب الاعمى والحقد الدفين .
ويندرج حرق الكتب في خط الهجوم على المعرفة والثقافة والذاكرة ، وتمثل خطوة في التطهير الثقافي والتدمير المنهجي للتراث واضطهاد الاقليات سعياً للقضاء على التنوع الثقافي والسياسي الذي هو روح الشعب العراقي .
ان اهم ما في انتصار الموصل على علوج الدواعش هو انحسار الغلواء الطائفية والمذهبية ، وهو انتصار كتب بدماء جميع العراقيين دون استثناء ، وبهذا النصر يستعيد العراقيون هويتهم التي لم يتمكن سيف الارهاب من شطبها والغائها .
اما التهنئة فهي مؤجلة لحين يكتمل النصر الكبير في كل المدن العراقية ، وتنطوي صفحة سوداء في تاريخ الارهاب الداعشي في العراق ، ويعود هذا القطر العربي الذي نعتز بتاريخه العريق سالماً موحداً بكل طوائفه ومكوناته وشرائحه وقواه ونخبه السياسية والفكرية ، نحو بناء عراق مدني ديمقراطي تعددي .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق