باغتني نبأ وفاة الصديق الاعلامي والكاتب السياسي والقيادي في الحركة الاسلامية الشمالية قبل حظرها ، عبد الحكيم مفيد اغبارية " أبو عمر " ، اثر نوبة قلبية حادة ، وقد عم الحزن والاسى قريتنا الحبيبة " مصمص " التي شغفها حباً ، بعد شيوع وفاته ، وجزع لرحيله كل من عرفه من أبناء شعبنا ومجتمعنا العربي الفلسطيني .
عبد الحكيم مفيد من الشخصيات السياسية الحزبية المعروفة بعلاقاتها الاجتماعية الطيبة مع جميع القوى والتيارات السياسية والاتجاهات الفكرية في الداخل .
انخرط عبد الحكيم مفيد في العمل السياسي والاهلي والاجتماعي منذ شبابه المبكر ، فكان احد نشطاء لجنة الطلاب العرب في جامعة بئر السبع ، واحد نشطاء حركة " أبناء البلد " ، وعضواً فعالاً في لجنة العمل التطوعي في مصمص ، التي بادر الى تأسيسها الاديب والشاعر الراحل احمد حسين ، وعضواً في اللجان الشعبية في المنطقة .
كان اعلاميا بارزاً وكاتباً رصيناً ومحللاً سياسياً عميقاً ، تمتع برجاحة العقل والفكر الواعي ، ونشر بواكير كتاباته في مجلة " الشراع " المقدسية لمؤسسها الكاتب المرحوم مروان العسلي ، ثم في صحيفة " الراية " لسان حال حركة " أبناء البلد " ، فالميدان .
ونتيجة الخلافات والانشقاقات والانقسامات التي دبت في صفوف حركة " أبناء البلد " وتصاعد المد الاسلامي وجد عبد الحكيم نفسه في صفوف الحركة الاسلامية ، فعمل في صحافتها وتبوأ مراكز ومناصب قيادية فيها ، وكان ينشر كتاباته في صحيفة " صوت الحق والحرية " قبل اغلاقها ، ثم راح ينشر في معظم الصحف المحلية والقطرية ومواقع الشبكة الالكترونية .
وكان مرشحاً لرئاسة لجنة المتابعة العليا لقضايا جماهيرنا العربية . وله عدة كتب عن الذاكرة الجمعية لشعبنا الفلسطيني .
عندما كنا شباباً في عمر الورود كان الراحل عبد الحكيم مفيد واحداً ممن كنت التقي فيهم اكثر من مرة في الاسبوع ، حيث كنا نجتمع مع ثلة من الاصدقاء من عشاق المعرفة ومحبي السياسة والكلمة والكتاب والمطالعة في حلقة اسبوعية ، وكنا نتبادل الكتب والآراء في جميع المواضيع السياسية والاجتماعية والقكرية ، وقضايا وشؤون قريتنا ومجتمعنا واجيالنا الناشئة انطلاقاً من غيرتنا على مستقبلها .
نادانا وكان معنا في كل المناسبات والمنعطفات ، كان في المخيمات ، في قرى ومدن الوطن ، في القرى المهجرة ، في عكا وام الفحم والناصرة وحيفا ويافا واللد والرملة والقدس والنقب ، في باحات الاقصى واروقة المحاكم ، فكان سوطاً وصوتاً استصرخ التمرد والغضب والعصيان فينا .
رحلت باكراً يا أبا عمر ، فخسرك شعبك ، وخسرك مجتمعك ايها القيادي العصامي المعطاء المضحي ، الذي اختلفنا معه في الكثير من المواقف والآراء والطروحات ، ولكن الاحترام بقي متبادلاً وظل سيد الموقف .
انه فقيد الوطن ، وفقيد المجتمع ، وفقيد مصمص ، وفقيد الشعب ، وفقيد حركته الاسلامية ، وفقيد النضال .
عبد الحكيم مفيد جعل من الثقافة والفكر وطناً ، واسهم في نشر خطابه بكل صدق وشفافية ، ووفاته تشكل فاجعة وخسارة بكل المقاييس ، ليس لاهله وعائلته وبلده وحركته السياسية فحسب ، وانما خسارة فادحة لكل مجتمعنا العربي وحركته الجماهيرية والوطنية في الداخل التي رفدها بفكره ونضاله ومواقفه واجتهاداته السياسية ، الني كنا نختلف معها ونتلاقى مع بعضها احياناً .
وداعاً يا أبا عمر ، وداعاً يا صديقي ، يا رفيق الشبوبية ، يا ابن بلدي ووطني وشعبي ، والى جنان الخلد الى جانب الانبياء والصديقين ، وتباً لك يا موت ، ما اقساك ..!!!
0 comments:
إرسال تعليق