هُـويّـتُـنا ... ومحلّنا من "الأَعْـراب" الحلقة الثانية/ محمود شباط

كلبنانيين .. أين محلنا من الأعراب 
في جلستهم الثانية مع المؤرخ الدكتور ابراهيم أبو مهاب،كان الأعضاء الثلاثة في الجمعية الشبابية الجديدة "بدّك وطن ؟ كون مواطن" يجلسون معه في مكتبة منزله حيث طرحت الصحفيّة الشابة والناشطة الاجتماعية جوليانا سؤالها: 
- في ردِّك على زميلنا زياد بخصوص القوى التي تواجدت على أرض لبنان بعد الفتح العربي لم تذكر الأمارتين المعنية والشهابية ؟
- صحيح ، ذلك لأن سؤال زياد كان عن الدول، وليس عن الحكام المحليين الذين كان وضعهم أقرب إلى وضع وكلاء أمنٍ وملتزمي جباية الضرائب. أعدك بالتطرق إلى ذلك الجانب، ولكن، قبل ذلك، دعونا نتلمّس المشهد عن قرب أكثر،  بحيث نرى المتغيرات التي كانت تطرأ على مكونات التركيبة السكانية عبر نزوح أُسَرٍ مارونية من سوريا إلى لبنان، حين كان أول الوافدين الموارنة آل الخازن، في العام 1545، وأقاموا في قرية بَـلُّـونة في جبل لبنان، والذين لعبوا دوراً مهماً في رسم خطوط سياسة جبل لبنان خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. تلاهم آل الجميل في العام نفسه وأقاموا في بكفيا، والذين لم يسجل لهم أي نشاط سياسي إلا في بدايات القرن العشرين. إضف إلى ذلك آل عساف التركمان السنَّة الذين استقدمهم العثمانيون ووطنوهم في كسروان التي كان الشيعة يقيمون فيها، وذلك بعد هزيمة المماليك أمام العثمانيين في معركة مرج دابق في العام 1516 ، ورحيلهم عن المنطقة. 
- سأل حارث : كيف بدأت الإمارتان اللبنانيتان؟ (المعنية والشهابية) وكيف انتهتا؟
- حسناً ! لنبدأ بالمعنيين إذن. بينما كان آل عساف يحكمون كسروان كانت الفوضى تذر بقرنيها في بلاد الدروز، حيث حدّد مجيء العثمانيين نهاية هيمنة الأمراء الدروز من آل بحتر، وبدأ حكم أمراء آل معن حسب الترتيب التسلسلي الزمني التالي: 
1- الأمير فخر الدين المعني الأول: عَـيَّـنَـه العثمانيون عام 1516 أميراً على الإمارة الدرزية. وأنعم عليه السلطان العثماني بلقب سلطان البر. لم يطل الوقت كثيراً كي تستيقظ تطلعات وطموحات الأمير الاستقلالية عن العثمانيين، نتيجة عاملين: الأول – انشغال العثمانيين في حروبهم مع الصفويين. الأمر الثاني هو دخول إمارة البندقية على خط دعم الأمير سراً وتشجيعه على الإستقلال، وحين اكتشف العثمانيون الأمر كانت نهاية فخر الدين المعني الأول على يدهم في العام 1544  . 
2- الأمير قرقماز (ابن فخر الدين المعني الأول): كان لفخرالدين المعني الأول ولدان هما منذر وقرقماز، تلاه في كرسي الإمارة بعد مقتله ابنه قرقماز من عام 1544 إلى أن قتله العثمانيون في العام 1586.
3- الأمير فخر الدين المعني الثاني: كان لدى قرقماز ولدان هما يونس وفخر الدين،الأخير حكم من العام 1586 إلى عام 1633. والذي أعدمه العثمانيون أثناء أسْرِه في تركيا هو وزوجاته وأبناءه حسن وحسين وحيدر وعلي. أسباب إعدام الأمير فخر الدين الثاني هي تقريبا نفس الأسباب التي قُتِلَ بسببها سلفاه (جدُّه لأبيه فخر الدين المعني الأول، ووالده قرقماز)، جرَّاء تطلعاتهم الاستقلالية عن العثمانيين، وبسبب إقامة علاقات تجارية وأمنية سرّية مع البندقية وتوسكانه ونابولي. من ذلك تزويد فخرالدين المعني الثاني من قبل إمارة البندقية بسلاح جديد متطور بمقاييس تلك الأيام، أسهم في انتصاره على العثمانيين في معركة عنجر عام 1623 ، ومنذ ذلك الحين صار "للبارودة" اسماً آخر هو "البندقية"، تيمنا بمصدر صناعتها كما قيل.
4- الأمير ملحم المعني : وهو ابن الأمير يونس شقيق فخر الدين المعني الثاني. حكم من العام 1633 لغاية العام 1658.
5- الأمير أحمد المعني: كان لدى الأمير ملحم ولدان هما قرقماز وأحمد، حكم الأمير أحمد من العام 1658 ولغاية وفاته في العام 1697 دون وريثٍ ذَكَرٍ. حيث انتقلت الإمارة إلى الشهابيين. 
ملاحظة : في الحلقة القادمة (رقم 3) سوف يتحدث الدكتور المؤرخ، إلى أعضاء الجمعية الشبابية،  عن الأمراء الشهابيين وعن الآلية التي اتُّـبعَتْ في نقل الإمارة من المعنيين الدروز إلى الشهابيين السنَّة. 
يتبع    
محمود شباط
الخبر في 02 / 11 / 2019

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق