الارهاب الفرنسي بالجزائر/ بن سالم صالح

    إن المتتبع اليومي للأحداث الأخيرة في القارة العجوز ولما يعرف بالحرب على الارهاب، لا يستغرق وقتا طويلا للتحليل حتى يدرك فكرة مفادها أن الارهاب مصدره العرب والمسلمين، هدفه المساس بالحضارة الأوروبية الراقية في فرنسا وبلجيكا وبريطانيا العظمى...، وللأسف فان المواطن العربي أو المسلم يسارع للتنديد والتعاطف مع الفرد الأوروبي، لكن عندما يتعلق بالهمجية والعنف والارهاب الذي مارسته هذه الدول التي تعتبر نفسها راقية ومتحضرة في مستعمراتها السابقة فان القليل فقط من يتعاطف ويعترف، وسنعرض في هذه المقالة صورة وحشية قامت بها فرنسا الحضارية في الجزائر البربرية كما يسمونها هم، هذه الجريمة الشنعاء والتي لو قام بها هتلر وجيشه في أحد الأفراد والمواطنين الفرنسيين لأعتبرت قضية عالمية وجب التوقف عندها ودراستها من مختلف الجوانب المادية والمعنوية ولأصبحت قضية دولة بأكملها، هي قطرة من بحر أسود صبته فرنسا طيلة 132 سنة بالجزائر راح ضحيته 1.5 مليون شهيد خلال 08 سنوات فقط ( 1954 - 1962 ) أما الضريبة الاجمالية لهذا المستدمر طيلة بقاءه بالجزائر فتقدر بـ 10 ملايين شهيد مابين ( 1830 - 1962 )، جرت وقائع هذه الجريمة الارهابية بقرية صغيرة تقع بعمق الجزائر تدعى قرية أولاد حسين بلدية تيكستار دائرة عين تاغروت ولاية برج بوعريريج بالجزائر سنة 1960 .

 1/- المولد والنشأة :

    ولد خبيبش مخلوف المدعو الحسين بدوار أولاد حسين بلدية تيكستار ولاية برج بوعريريج بتاريخ 18 جوان 1940، في أسرة محافظة تمتهن الفلاحة أبا عن جد، وبسبب صعوبة العيش تعذر عليه الإلتحاق بمقاعد الدراسة .

2/- نشاطه الثوري :

    بعد إندلاع الثورة التحريرية سنة 1954 قرر خبيبش مخلوف كغيره من الشباب الجزائري الإنخراط والتطوع فيها لتحرير وطنه من المستدمر الغاشم، وقد كلف بعدة مسؤوليات منها التكفل بالاتصال ونقل المعلومات والأخبار وتموين الثوار بما يحتاجونه، كما كان ملازما لمسؤول اللجنة الخماسية لدوار لرباع وصهره بتيش الطاهر والذي كان المبحوث عنه رقم 01 في المنطقة من طرف السلطات الفرنسية،  

    وعلى إثر وشاية من طرف أحد الخونة داهمت قوات العدو قرية أولاد حسين بحثا عن الشهيد بتيش الطاهر، فألقي القبض على المجاهد خبيبش مخلوف بعد إنكاره معرفته بالشهيد بتيش الطاهر، وكان ذلك في صائفة جويلية 1960، فأقتيد إلى الثكنة الفرنسية بتيكستار.

3/- مساره مع التعذيب :

    بعد وصوله إلى الثكنة الفرنسية بتيكستار بدأت أيام خبيبش مخلوف مع التعذيب، أين مورس عليه شتى أنواع التعذيب بضربه بالحجارة على صدره ووجهه، وعرضه على الكلاب التي نهشت جسمه، كما وضع على طاولة ممتلئة بالمسامير، من دون الحديث عن إستعمال الكهرباء.

    كل هذا التعذيب القاسي والرهيب لم يتكلم المجاهد خبيبش مخلوف بأي كلمة عن الثوار، فقام الجنود الفرنسيين بتعليقه من أطرافه الأربعة عن طريق أسلاك حديدية لمدة 08 أيام، معرضين إياه للشمس الحارقة في مشهد رهيب، وبعد مرور مدة أسبوع فقد خلاله الوعي فنقل إلى الثكنة الفرنسية بعين تاغروت ومنها إلى مستشفى برج بوعريريج، وكان ذلك أواخر شهر جويلية 1960، حيث قرر الجراح الفرنسي كرانج (krang) قطع أطرافه الأربعة لاستحالة إنقاذها بعد تعفنها بشكل كبير جدا .

    وبعد إسترجاعه للوعي وإندمال جراحه نقل إلى معتقل الموت بقصر الأبطال ( ديسيبلين ) بولاية سطيف، أين عاش أشهر طويلة من العذاب والمعاناة باعتبار أنه كان معاق من أطرافه الأربعة، فكان يتناول الطعام ويشرب الماء بفمه مباشرة في مشهد غير إنساني، إلى غاية تعرفه على أحد مساجين الثورة من ولاية المسيلة المجاهد جعيجع عبد الرحمن المدعو العربي، والذي أشفق على حاله، فقرر أن يكون بمثابة الخادم له، فهو من كان يتكفل باطعامه وقضاء حاجته، ومكث هناك بالمعتقل على هذه الحالة المزرية إلى غاية 19 مارس 1962.

4/- إطلاق سراحه ووفاته :

    بعد توقيف القتال بين جيش التحرير الوطني والعدو الفرنسي يوم 19 مارس 1962 أطلقت فرنسا سراح المعتقلين من جيش وجبهة التحرير الوطني، وقد عاد خبيبش مخلوف إلى مسقط رأسه بقرية أولاد حسين لبناء حياته من جديد، حيث عانى كثيرا من الاعاقة الجسدية والمعنوية إلى غاية وفاته سنة 2015 .   

CONVERSATION

1 comments:

  1. رحمه الله و اسكنه الجنة مع الشهداء و الصديقين

    ردحذف