1 (خريطة الطريق!)
احتجاجاً على طيالسِهم يلتحفُ خرقةً ويَحْجُم إلى عزلةٍ. يشعرُ أصحابُ الطيالسِ بالحَرَجِ أمام المواطنين لكن سرعان ما يتداركون لئلاّ يفوتهم كلُّ شيء. يجعلون مِنْ ذواتِهم خيِّرين. يرسلون مساعدات إلى ذوي الخِرَق والعزلةِ متعلّلين إنّه بلغَ أعلى مراتب الإنسانيّة وإنّهم بدأوا يؤمنون به ويسيرون على هديه في رفعِ الحيف. وأوّلُ الغيث قطرة. وعساه بما إنّه مؤتمَن أن يعمل على إيصال هذه القطرة إلى من يستحقّ. ولأنّه سلبي جدّاً يوافق فوراً. وتسمو العلاقة إلى مستوى الشراكة والقسمة المتساوية: له الأرواح يهذّبها بالخِرَقِ التي عليه وبعزلتِه، ولهم الأبدان يهذِّبونَها بقطراتِهم. هكذا ينقلبُ المرفوض إلى عينِ المقبول وتصيرُ له خريطة طريق، ويغدو أيّ خروج على خريطة الطريق هذه عين التمرّد العاقّ والمسّ بالذات المتعالية!.
2 (خذ حذرك)
- كيف الحال أيّها الآب؟.
- سيّئة جدّاً!.
- سلامتك، هل تشكو من شيء؟. آمل أن يكون الأمرُ عارضاً!.
- أنا يا آبوب بصحّةٍ عامرة، لكنّ المكان غدا لا يُطاق.
- هذا صحيح.
(وأردف آبوب، منحنياً فوق مكتبه ومتظاهراً بمسح غبرة عنه)
- الظروف أيّها الآب ليست ملائمة، والتعقيدات كلّما تتكاثر، والأوضاع في غاية الدقّة.
- مَن هو المسؤول؟.
- أيّها الآب أنت أعلم!.
- أنا؟.
- لا يريد آبابا أن يتركنا بحالِنا.
- آه لو تشرح لي مِنْ فضلِك.
- منذ استلمتُ زمام المقام هذا وكلُّ همّي أن أرفع البنيان وأن أوسّع المكان، ولكنّ آبابا لا يريد أن يُسهّل عليّ الأمر، ولذلك يجعل آبوبو إلى جانبي في قمرة القيادة، وهذا عوض أن يجعله في السجن معلّقاً بالسقف من ساقيه!.
- وأنتَ يا آبوب مسؤول أيضاً. جميعكم يقول إنّ الحقّ على آبابا، وكأنّ آبابا مشجب!.
- أحلف بأبيك الذي في السماء إنّي أخيراً حاولتُ ما استطعتُ لاستعادة الزمام، غير إنّ آبابا سرعان ما تدخّل لإعاقتي.
- لماذا يُعيقُك آبابا؟.
- آبابا يُريد كلابَه أن تعضَّ الناسَ الطيّبين.
- آبابا فقط لديه كلاب ويريدها أن تعضّ الناسَ الطيّبين؟.
- آه، ما هذا؟. ماذا تقصد أيّها الآب؟.
- حقّاً لا تعرف يا آبوب ماذا أقصد؟.
- أنت تعلم أيّها الآب إنّ البغال تحمل ما لا تطيقه الخيل!.
- هكذا، وعلى هذا النحو يُلتزَم المكان؟. يحيا البغل لأنّه عتّال، ويُقتل الحصان لأنّه عتّال أقلّ؟. إنّك تجعل المكان مقفِراً، وليس فيه سوى آبابا وكلابه المفترِسة.
- أيّها الآب عندنا أحمال!.
- وعليك يا آبوب أن تلتزم حدودك.
- آبابا يده طويلة..
(قال آبوب بتضرّع، ناهضاً عن كرسيه من خلف المكتب، ومتّجهاً صوب الآب، ومضيفاً مصطنعاً البراءة وتقوية العزيمة في آن)
- يجب أن نصبر.
(ونهض الآب من مقعده عن كرسيّه المواجه في المكتب، ودون أن يُصافح آبوب مودّعاً، وهو يهمّ بالخروج، وقبل أن يغلق الباب خلفه قال لآبوب بحزم)
- اعملْ ما يوافقك يا آبوب، إنّما أنبّهك، خذْ منّي حذرك.
3 (النسِر)
قالت طيور صغيرة وهي في استهزاء: "ما له النسر يحلّق عالياً حتى بالكاد يُرى"؟. وهي لا تدرك إنّه حيث هو إنّما ليراها جميعاً.. وينقضّ على بغيته قضاءً وقدراً.
4 (المحكمة)
- ها ها، ولماذا إذن أبلغَها إنّهم يُحصون أنفاسَه؟.
- لا أعلم.
- ولكنّكِ تعلمين إنّه أسرّ لها إنّهم يُحصون أنفاسَه. هل كان يستشعر خطراً على حياته؟. ماذا فعل بعد ذلك بالضبط؟.
- لا دراية لي.
- إذن لماذا أبلغَها إنّهم يحصون أنفاسَه؟.
- لا أدري.
- يحصون أنفاسه، وأنتِ، ومن موقعك الرفيع، تقولين إنّك لا تدرين؟. فلماذا أعلنتِ حينها غيظك، وما لبثتِ أن لفّك الصمت؟. هل كان يُحقِّق في قضيّة خطيرة ما؟.
- كلّ ذلك مزاعم.
- مزاعم، ويوجد شهود وتسجيلات؟. لماذا اغتظت ثمّ أعلنت الصمت؟.
- أكتفي بما أدليتُ به.
5 (شهوة القرش)
عالِمُ أحياء كشفَ إنّ السمكةَ الضعيفةَ لا أمان لها إلاّ في التواري بين شقوق الصخور، غير إنّ القرش المُزوَّد بما يُعيّن له مكان السمكة الضعيفة يجتاحُها اجتياح عاصفة، إذّاك يجتاحُ القرشَ ذاته جنونُ الشهوة.. فلا تبقى في الجوار سمكة، مهما كانت سليمة، بمأمَن مِنَ الخطرِ المُظلِم.
Shawki1@optusnet.com.au
0 comments:
إرسال تعليق