حتى أننا نستطيع أن نكتشف من خلال سنوات الفن الماضية، حقائق عن مصر: مرسومة، ومصورة، ومقروءة، ومغناة!
وكمصري مهاجر، اخترت مسلسلاً، كان يعرض على شاشة تلفازنا الوطني، اسمه: "أوان الورد".. كان ذلك في رمضان عام 2000، ومن خلاله يمكنني، كمصري مسيحي يعيش في أستراليا، توثيق حالة من حالات مصر، التي في تصوري لم تتغير منذ ذلك العهد البائد!
المسلسل كان من أقوى المسلسلات التي انتجت في مصر، وأكثرها شجاعة وصراحة، فقد أظهرت العطب اللامتناهي في كل مجالات الحياة في مصر.. لكن ما يعنيني هنا نظرة المسلسل إلى الوحدة الوطنية، وما أثير حولها في ذلك الوقت!
فقد أثار وزير الإعلام في ذلك الوقت صفوت الشريف، ضجة مفتعلة، وفتح الباب
على مصراعيه؛ لجعل قضية الزوجة المسيحية المتزوجة من مسلم هي حديث المدينة ـ كما يقولون.وأنها ركيزة الوحدة الوطنية في مصر!
بينما التاريخ منذ الغزو العربي، وهو يكتب عن ملايين النساء المسيحيات اللاتي يتزوجن من مسلمين، بعضهن يحتفظن بديانتهن والغالبية العظمى يتحولن الى الإسلام.وتعتبر كل أسرة مسيحية خرجت واحدة من بناتها عن التقاليد والعرف المسيحي، صليب عار، عليها أن تحمله وتسير به الى النهاية. فما هو الجديد والمسيحي وعائلته في مصر وغير مصر من الدول العربية لا يتساوى لا في الحقوق ولا في المواطنه مع غيره من أبناء وطنه من المسلمين؟!
تساءلت، وقتها: هل أراد سيادة الوزير الذي سمح بعرض المسلسل في شهر رمضان، وبعد أن شاهده الملايين من الشعب المصري والعربي أن يتدارك الخطأ الذي وقعت فيه وزارته، وسمحت بالموافقة على عرض المسلسل تحت اسم الحرية، وما كشف عنه المسلسل من "عفن" حقيقي في كل مجالات الحياة في مصر دون مواربة؟، ومحاولة تجميل العمل بمغالطات عن حقيقة الحياة مع الأسف في مصر؟.
كما تساءلت: لماذا بلع الأقباط في مصر وخارج مصر الطعم، وهاجوا وماجوا معترضين على العمل نفسه من ناحية زواج البطلة المسيحية من مسلم ؟ هل يريدون موافقة المجتمع المسلم على زواج المسيحي من مسلمه، اذا وافقوا على زواج المسيحية من مسلم؟ هل هذا ما يريده أقباط مصر؟ فأن كان كذلك فهم مخطئون؛ لأنه حتى زواج المسيحي أو المسيحية من خارج طائفتها الدينية المسيحية غير محبب. أيضا هل نسي الأقباط والمسيحيون في أي مكان على الأرض ما يؤمن به المسلمون أن "لا ولاية لغير مسلم على مسلم"؟ وهذا فكر صريح لا يقبل المناقشة حتى ونحن في هذا الزمن وفي عصر التكنولوجيا الحديثة، التي غاصت في داخل أدق شرايين جسم الإنسان ووصلت به إلى سطح القمر، وما بعد سطح القمر. ومع ذلك يصر المسلمون على انه لا ولاية لغير مسلم على مسلم. أعتقد أنه كما ابتلع الأقباط في مصر الطعم، ابتلع المسلمون أيضا نفس الطعم. لقد ركزوا على هذا الجزء من المسلسل. ونسوا ما يحتويه المسلسل من مآس تدمع لها كل عين وطنية مصرية، ويدمي لها كل قلب مصري مسلم ومسيحي على ما وصلت اليه أحوال البلاد. بل أن المسلمين منهم من أعتقد أن بطلة المسلسل مسيحية حقاً. ومنهم من احتج على أن الفنانة المسلمة كانت تقوم برشم الصليب وهي تصلي.
فهل مفهوم الوحدة الوطنية في ذلك المسلسل تغيّر الآن؟
أم لا يزال مسنوداً على قبول المجتمع زواج مسيحية من مسلم؟
وللحديث بقية
0 comments:
إرسال تعليق