هى: المرجعات الدينية أم الأنظمة الحاكمة فى العالمين العربى والأسلامى/ الدكتور حمدى حمودة

الأسباب كثيرة ومتعددة ، فليست المرجعات الدينية ولا الأنظمة وحدها هى التى كانت سببا فى اقامة هذه الجماعات التكفيرية المتتعددة الفكر والأتجاهات المتشعبة والمتغلغلة فى نسيج وتكوين هذه الشعوب العربية والأسلامية والتى استطاعت أن تصدر بضاعتها الى الدول الغربية بل الى الشمال كله دون استثناء .
هى ليست وليدة اليوم ، حيث كانت بدايتها من خمسة عقود عندما تولى السادات حكم مصر ولا ننكر أن جماعة الأخوان المسلمين كان مضى على تأسيسها أربعون سنة على الأقل ، ولم تكن بهذا العنف التكفيرى الذى نحن نواجهه اليوم فى كل العالم وعلى وجه الخصوص بلدان الوطن العربى خاصة منذ 2011 الذى هبت فيه مايسمى "بثورات الربيع العربى " ولكى لانبعد عن موضوع البحث الذى نحن بصدده ، نقول أن الأرهاب كان موجود فى طور الكمون فى شكل خلايا نائمة حتى ظهر بوجهه الحقيقى عندما استطاعت واشنطون والكيان الصهيونى وبعض الدول العربية أن توظفه بعد تدريب وتسليح جماعاته ، وتوفير كل احتياجاتها من أموال تكفلت بها دول الخليج لتكون بديلة عن جيوشها التى انهكت فى افغانستان والعراق وفقدوا فيها مئات الألافف من الجنود والمعدات الحربية ، الأمر الذى جعلهم يدفعون بهذه الجماعات التى غسل عقولهم ليجلبوا الفوضى العارمة ( أى نظرية الفوضوية التى ظهرت فى القرن التاسع عشر فى القوقاز) لتمكنهم من التدخل المباشر بارادة حكام هذه البلدان للدفاع عنهم من شر هذه الجماعات وبذلك يصبح لهم مقعد قدم يستطيعون من خلاله فرض ما يريدوا فعله وجاءوا من أجله وأولها التخلص من جيوش هذه الدول أو اضعافها ، وانهاك اقتصاده ثم العمل على تقسيم هذه الدول من سبعة الى ثلاثة أقسام حتى يكونوا بذلك حققوا الأمن للكيان الصهيونى المحاط بأقوى جيوش المنطقة للدول الثلاثة ( مصر وسوريا والعراق )                   
اذن الجماعات كانت موجودة ونائمة وليست وليدة 2011 فهل المرجعيات الدينية هى السبب فى انشائها أو الحكومات الديكتاتورية كما يدعون ؟ أم هناك أسباب أخرى ؟                             من المؤكد أن هناك عدة أسباب هى التى سببت فى تكوينها جميعها مشتركة لامنفصلة الواحدة عن الأخرى منها الآتى :
1- الأدارات الحاكمة أولا التى قامت على حكم الفرد فأصبح الحاكم يشرع ويملى مايريد من شرائع عادلة أوظالمة لايعنيه ، فتحكم فى مشيخة الأزهر وفى اختيار شيخها بالتعين واملاء عليه ما يتوافق مع ما يمكنه من البقاء أكبر قدر من التفرد بالحكم ومن أهم هذه الشروط تحكمه فى خطاب الجمعة وفى نوعية الدروس التى يلقيها المشايخ على رواد المساجد فيما بين الصلوات .
2- فتح الباب على مصراعيه للمدارس السلفية بعد أن صرح لها السادات بمزاولة نشاطهم بحرية تحت رقابة الدولة وأمنها لتكون معوقا وصدا منيعا لجماعة الأخوان المسلمين ، هذه الجماعة مستوردة من دول خليجية ظهرت فيها من منتصف الخمسينات وكثرت وترعرعت مزودة بالفقه الوهابى الذى عملت ملوك وأمراء الجزيرة العربية على انتشاره والعمل به فى البلدان العربية والأسلامية والذى أنفقوا عليه ترليونات الدولارات من( شجرتا حتى طنجة ) ، وفى ظل الفساد الذى استشرى مع حكام هذه الدول فى كل المؤسسات اعتبارا من عهد السادات ومن بينها المؤسسة الدينية فى مصر التى يمثلها الأزهر والمرجعيات الدينية فى باقى الدول العربية والأسلامية استطاعوا أن يرسوا بهذا الفقه الوهابى وتغلغله فى المناهج الدراسية برعاية الأنظمة الفاسدة .
3- بالطبع الفساد المستشرى الذى أوجدته هذه الأنظمة فى كل المؤسسات وتبعيتهم للغرب ، تم الأملاءات عليهم ليغيروا من المناهج الدراسية من بداية التعليم الألزامى حتى الجامعى ، فأصبحت مادة الدين لاتدرس ( اسلامى أو مسيحى ) الا بقدر طفيف لايذكر وليس له تأثير كمادة نجاح أو رسوب ، كذلك مادة القومية العربية رفعت من المناهج وتم تخفيف التاريخ الأسلامى ، أما مصيبة المصائب هى تعويم اللغة العربية التى هى جزء لايتجزأ من الهوية العربية ، لتصبح العامية ولهجات أخرى وتكون اللغة الأنجليزية أو الفرنسية هى الأهم والبديلة ، فكان نتاج ذلك كثرة خريجين أميين علما وثقافة وتربية ، وأصبح التسطيح هو العامل الأساسى للتخرج .
4- العامل الأقتصادى المتدنى اعتبارا من منتصف السبعينات والذى تزداد الهوة فيه يوما بعد يوم الى يومنا هذا كان سببا قويا فى البطالة التى لم تشهد لها بلدان هذه المنطقة مثيل ، فعلى سبيل المثال مصر منذ 1982 لم يجد الخريج رعاية من الدولة لتوظيفه ، ففى عهد حسنى أغلق الباب وطلب من الخريجين البحث عن فرص للعمل بأنفسهم ، والبطالة اليوم تعادل عشرون مليونا ان لم يكن أكثر فى العالم العربى فقط مما أدى الى انتاج مثل هذه الجماعات التكفيرية .
5- العامل الأجتماعى والتربوى ، الذى من جرائه تفككت الأسر وأصبح الغلاء المستشرى يضطر الأم الى ترك بيتها الى ساعات متأخرة من اليوم بحجة العمل لكى تساعد الزوج على المعيشة ، فانعدمت الرقابة على الأبناء علاوة على عدم قدرتها على متابعة الدروس وتوجيههم التوجيه السليم خاصة الأناث اللاتى يحتجن الى رعاية وتربية بصفة دائمة مما أدى الى زيادة نسبة الأنحراف لكل من الجنسين والغياب عن المنزل الى مابعد نصف الليل بحجج واهية أدت الى التعاطى بالسموم البيضاء التى انتشرت بعد معاهدة " كمب ديفيد " التى أبرمها السادات ليجلب لنا الأنفتاح الذى أعطى المبرر للكيان الصهيونى ودول الغرب وواشنطن أن تخترق مخابراتها شعوب المنطقة وتمارس فيه لعبة الأمم بازاحة الرؤساء غير التابعين لهم وتنصيب من يجدونه مناسب لأملاآتهم . هذه بعض الأسباب الرئيسة وهناك بعض الأسباب الفرعية التى يمكن أن نتحدث عنها فى مقال آخر 
                                                                             
Dr_hamdy@hotmail.com           
   

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق