صرخة أطلقها القذافى لمن خرجوا عليه من تحت الأرض وأمامه وخلفه ولم يكن يراهم بل كانوا موجودين ولم تدركهم حواسه ولكنهم كانوا أقوى منه فحطموه وقتلوه ثم مثلوا بجثته فى مشهد مأساوى غريب.
ونحن أيضا فى مصر نصرخ بكل ألم بعد كل حادثة للإرهابيين من أنتم ؟ وهذا ليس سؤالا إستنكاريا تعبير عن الغضب من ذلك الفكر ولكنه سؤالا للبحث عن هؤلاء الأشخاص ورؤيتهم بشكل مادى وليس معنوى بمعنى أن أرى الإرهابى أمامى أعرفه ويعرفنى ويقول لى أنا هو الإرهابى الذى يريد قتلك وترويعك أنا هو بلحمه ودمه ولكن هل تستطيع أن تراه أو تميزه؟
الحقيقة أننا لن نراه ولن نتعرف عليه ليس لأنه خارق للطبيعى وغير مرأى ولكن لأنه إنسان مثلى ومثلك يعيش فى المجتمع بشكل طبيعى وأتوقع أن يكون هذا الإرهابى الذى يضمر لى كل شر واقف أمامى أو أتعامل معه كل يوم ينتظر الفرصة التى يقضى على دون أن يكتشفه أحد.
قد يكون هذا الشرير هو طبيبك الخاص الذى يكتب لك روشتته بإحترافية ويستقبلك هاشا باشا ولكنك لن تعرف ولن يفصح عن هويته وقد يكون جارك الذى تسهر معه على المقهى تلعبون النرد وتتبارون فى لعبة الكوتشينة وقد يكون بواب العمارة وقد يكون البقال أو مديرك فى العمل والذى منحك علاوة إستثنائية لمزيد من التموية ويقول فى سره بالسم الهارى وقد يكون سائق القطار الذى يجتهد ليصل القطار فى موعده وهو يتمنى أن ينقلب القطار بمن فيه وقد يكون من تعتقد أنه أقرب أصدقاءك تقضون السهرة تلعنون معا مسبب الفتنة ويعزيك بحرارة فى ضحايا الإرهاب اللعين وأنت ترى فى عينيه دمعه ولكنها دموع التماسيح.
فالإرهابى وسطنا يعيش بيننا لا تستطيع أن تلمحه العين أو تميزه فهو مثل نسمة العليل التى تلفحك على شاطئ النيل ولكنها تحمل معها فيروسا قاتلا ليس له طعم أو رائحة وهو مثل الوجبة الأنيقة الفاخرة الشهية والمملوءة بالجراثيم التى تسبب لك الكوليرا أو النزلة المعوية الشديدة وهو أيضا مثل السيارة الفاخرة الجميلة والتى تبدو فى أحسن حال ولكنها بدون فرامل أو وضعت فى داخلها قنبلة موقوتة تنفجر بك وسط الزحام.
نعم هناك إرهابى وسطنا ولكنه يلعب دوره بإمتياز بل قد يشاركنا فى الحرب على الإرهاب وستخطئه العين ويخطئه الأمن ويستمر يلعب لعبته القذرة فى تحطيم المجتمع ونحن نغنى ونسأل من أنتم ونقول مع الشاعر
أكَادُ أَشُكُّ فى نَفْسِي لأَنِّي
أَكَادُ أَشُكُّ فيكَ وأَنْتَ مِنِّي
يَقُولُ النَّاسُ إنَّكَ خِنْتَ عَهْدِي
وَلَمْ تَحْفَظْ هَوَاىَ وَلَمْ تَصُنِّي
0 comments:
إرسال تعليق