
وهنا علينا التساؤل ما هي المستجدات التي دفعت السلطة الوطنية والرئيس محمود عباس لإتخاذ خطوات أو التهديد بإتخاذ خطوات بعد عقد من الزمن؟! هناك العديد من الدوافع والإحداثيات التي يمكن البناء عليها في هذا الصدد، أولها محاولة الرئيس محمود عباس إنهاء حالة الشد والجذب الداخلية سواء في داخل حركة فتح ومواجهة مشروع النائب محمد دحلان كبديل لقيادة فتح وقيادة السلطة من خلال مباغتته في كسر حالة التجاذب مع النظام المصري من ناحية، وإلزام حماس للحد من عملية التنسيق مع دحلان من ناحية أخرى، إضافة لتدخلات عربية بعد قمة عمان كمحاولة لكسر حالة اللاوضوح في الشأن الفلسطيني، وإخضاع حماس لعملية تدوير سياسي تعيد من خلالها حساباتها، وإعادة الرئيس محمود عباس لواجهة الممثل الشرعي والرسمي لطرفي الوطن كعنوان محدد وواضح يتم من خلاله ترميم عملة السلام الفلسطينية - الإسرائيلية ودمج حماس بقيادتها الراديكالية الجديدة في اطار هذه العملية من خلال خطوات ضغط تمهيدية لا يمكن الحكم عليها بشيء من التقدير العشوائي، فهناك أيضًا مؤشرات كانت على حياء تؤكد أن حركة حماس ربما تتخذ العديد من الخطوات إلى الخلف في الشأن السياسي على وجه التحديد، فكلّ تصريحات قادة الحركة ومسؤوليها بعد انتخاب القيادة الجديدة في غزة تؤكد استعدادية الحركة لتسليم زمام الأمور لحكومة وحدة وطنية، وربما حل معضلة جامعة الأقصى أحد هذه المؤشرات، وهو خيار يبدو تكتيكي من حركة حماس تحاول أن تمرره لإقناع عناصرها به، وبضرورة العودة والتغيير في الفهم السياسي بعدما أصبحت الحركة تمتلك مؤسسات كاملة ومصادر يمكن من خلالها تسيير أمورها، ولكن هذه المصادر لا يمكن لها أن تخرج عن ضرورة الإستجابة لبعض المتطلبات السياسية على المستوى السياسي الفلسطيني والإقليمي، كذلك لا يمكن أن تسلم حماس بإلقاء الشعب الفلسطيني بالبحر لأنها ستغرق معه. في كلّ الحالات أن الحالة الفلسطينية السياسية في مشهدها الحالي تتجه صوب اتجاه واحد هو اتخاذ خطوات للخلف، وليس للأمام وهذه الخطوات لا يجب أن تحاصر قوة معينة بالزاوية بل يجب أن يتخذ كلّ الفرقاء خطوات للخلف وهو ما سيحدث كتقدير أولي إن توفرت حقيقة التوحد والتوافق، وهو المتوقع من حركتي فتح وحماس رغم ضبابية المشهد، ولكنه مؤشر قوي في العديد من الملفات، وخاصة مع تطور الأحداث الإقليمية والدولية التي فيما يبدو أن الرئيس الأمريكي ترامب يحاول حسم بعض الملفات في المنطقة، وتحريك حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية العرب وإرشادهم نحو هذه التحركات بدقة وتروي، بعدما تنتهي معركة (داعش) في العراق وسوريا.
في ظلّ هذه الحالة يقفز سؤال آخر في غاية الأهمية غزة إلى أين؟! في معرض استعراض جملة التصريحات والتحركات السياسية على كلِّ المحاور، ومن كلِّ ى يمكن استخلاص أن غزة رغم سوداوية المستقبل التي يلوح في الأفق، إلَّا أن هناك انفراجه قادمة وحلحلة في العديد من المشاهد والملفات المعقدة، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتهور السلطة الوطنية الفلسطينية وإعلان غزة اقليم متمرد، وتقديمها على طبق من ذهب للاحتلال والقوى العدوانية، ولكن ربما التحركات تأتي من باب استعادة الروح في غزة مع عدم إخراج أي قوة منكسرة وعلى وجه التحديد وربما مع وثيقة حركة حماس المسربة_ وغير المؤكدة- تتلاقى في العديد من النقاط مع مشروع السلطلة السياسي والتوافق على دولة في حدود 1967، وهي النقطة التي عليها اجماع فلسطيني وإن حاولت بعض القوى الفلسطينية عدم الجهر إلَّا أنها تتوافق وتتفق مع هذا الأمر، وهذه القوى عليها تحديد ورسم سياساتها بشيء من الوضوح والصراحة، ولعب دور مؤثر في مستقبل السياسات الفلسطينية، ورسم الحالة السياسية المستقبلية وعلى وجه التحديد قوى اليسار الفلسطيني وحركة الجهاد الإسلامي.
إذن فالأمر توتر وحالة ترقب، وحديث الساعة لدى الشعب الفلسطيني عامة، وأهل التحليل والإفتاء السياسي، ولدي قناعة أن الأمور لن تصل حد الإنكسار، لأن الإنكسار يعني تقويض المشروع الوطني وهو مسؤولية لا يمكن أن يتحمل عبئها التاريخي شخص أو قوة فالتاريخ يسأل ويجيب ولا يرحم أحد.
samiakras@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق