قرأت مقالة في موقع أيوان 24 بقلم محمد جمال نشرت في 3 شباط 2016 عنوانها: "وثيقة اسرائيلية صدرت 1982 ... معالم استراتيجية "تفتيت" الدول العربية".
يقول الكاتب ان هذه الدراسة نشرت في شباط سنة 1982 في مجلة "كيفونيم" التي تصدر في اورشليم القدس وهي برأيه تشرح كيفية تفتيت الدول العربية لكي تبقى اسرائيل وحدها قادرة على الصمود.
يرتكز البحث المذكور على أن البقاء سيكون للقوي في غابة العالم الجديد الذي سقط معه "المنظور العقلاني الأنسي" وعليه فاسرائيل يجب أن تلغي الدول العربية أو تفتتها إلى كيانات متقاتلة لكي تبقى وحدها قادرة. والكاتب يستند على رأي المفكر المصري "شفيق مقار" الذي اكتشف البحث و"الدكتور نادر فرجاني" الذي أعاد نشره منتقدا المغفور له "محمد حسنين هيكل" المتخصص في "تحليل المصائب بعد وقوعها، ولكنه يلزم الصمت قبلها".
ما يلفت هنا بأن مقالا سياسيا نشر سنة 1982 (أي قبل 34 سنة) يحاول الكاتب أن يجعله نبوءة أو خطة استراتيجية توصل البلاد العربية إلى التفتيت، وقد يكون صحيحا أن تسعى اسرائيل وكل مواطن فيها إلى العمل على حماية مصالحه ولو أدى ذلك إلى الغاء "العدو" المتمثل بالدول العربية المحيطة، أوليس هذا ما تفعله كل الدول والأنظمة العربية منذ أوائل القرن الماضي أقله بالخطابات الرنانة؟ ولكن ماذا يفعل العرب بالمقابل لمنع تفتيت دولهم أو بالأحرى لبناء دول قابلة للحياة لا يمكنها التأثر بخطط "الأعداء"؟ والجواب بسيط أن العرب كلهم يكتشفون متأخرين سبب وقوعهم بالمصائب ودوما هم يلقون باللآئمة على الغير، وهو هنا العدو الصهيوني وقبله الاستعمار والامبريالية وما إلى هنالك من أعداء، ولكن هل هناك أمل بمحاولة النقد الذاتي واعادة الحسابات لمعرفة مكامن الضعف ومراكز الخلل التي تجعل العرب كدول قابلة للانهيار عند أول عاصفة؟
إذا ما قمنا بدراسة حول الثورة الفرنسية مثلا وتنائجها على صعيد المجتمع الفرنسي نجد بأنها كانت كارثة على فرنسا كدولة ولكن الفرنسيين تعلموا من مشاكلم الداخلية وقاموا بمحاولة تصحيح الخلل في نظام الحكم والادارة فأعادوا بناء دولتهم ولو بعد حروب وخسائر. وماذا فعل الروس بعد الثورة البلشفية التي قضت على كل شيء، لقد قاموا ببناء دولتهم من جديد بالرغم من كل المآسي وعادوا إلى خارطة الدول، وما حدث معهم مؤخرا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي جعلهم يمرون أيضا بتجربة خراب الدولة، ولكنهم اليوم ينهضون من جديد ويعودون لتزعم العالم. وماذا فعل الأمريكيون في الحرب الأهلية أواخر القرن التاسع عشر والتي قسمت البلاد وشتت القوى، ولكنهم عادوا أيضا ليضمدوا جراحهم ويبنوا دولتهم على قاعدة ديمقراطية الولايات واتحادها الطوعي في نظام فدرالي أثبت أنه يصلح للتنوع. وماذا عن المانيا واليابان وما إلى هنالك من أمثلة في هذا العالم الذي لم يتم البناء فيه بسهولة وبالتمني وانتظار الفرج من عند الله، عز وجل، بل بالعمل والنقد والتعلم من الاخطاء وقبول الآخر بفكره ومشاكله والتمرس على التعاون معه.
مشكلة العرب المزمنة أنهم يفتشون دوما عن جهة يرمون عليها سبب مشاكلهم فيستريحون من عناء التفتيش عن الحلول وينتظرون أن يقوم أحد ما بفرض حل لكي يبدأوا بمعارضته وأيجاد الاسباب لخربطته. فإذا قامت دولة وتنظمت فانها بالتأكيد وليدة الاستعمار وعميلة للصهيونية، وإذا نجح أحد القادة فهو أيضا عميل للامبريالية. فقد فشل عبد الناصر بالحرب (1967) لأنه حاول ارضاء الشارع الغبي الذي قبل بالخسارة، وربح السادات الحرب (1973) لأنه عمل بصمت واستعمل قدرات مصر الحقيقية بدون تبجح ولا أحلام وتخيلات، ولكنه لم يرضي الشارع بالرغم من انتصاره المدوي وانتهى مغدورا برصاص المتعصبين الذين لا يزالون يغتالون كل فكر جدي وكل عمل ناجح وكل تفاهم بين فئات المجتمع ومركباته. ولا نريد أن نكمل الحديث عن عبقرية القذافي أو انفتاح الأسد وتساهل صدام حسين وطوباوية جزاري الجزائر أو مناضلي داعش...
الاسرائيليون مثل العرب تماما يخافون على دولتهم من التفتت حال انتهاء العداوة مع الجيران ويستندون إلى عدم قبول العرب من حولهم بأي حل يعطي أملا لأجيالهم بالحلم بمستقبل أفضل من التعاون والانفتاح. ورهان العرب يبقى دوما على قيام دولة موحدة قادرة أن تحكم العالم قبل البدء يتنظيم حياتهم اليومية. الاسرائيليون يسقطون كل قائد يقترب من النجاح بالتفاهم مع الجيران لأنهم يعتقدون بأن الانفتاح مضر للعصبية المطلوبة (نظرية أبن خلدون؟) تماما كما يعتقد العرب بأن اي تعاون بين الفئات المختلفة التي تشكل دولهم هو ضعف لقوة الدولة واستمراريتها. وإلى أن يكتشف العرب والعبريون (عرب وعبر) ما يجمع بينهم ويدعوهم إلى التعاون مع كل الآخرين سيبقى الشرق الأوسط لعنة من عند الله على سكانه أولا وعلى العالم بدون شك...
يقول الكاتب ان هذه الدراسة نشرت في شباط سنة 1982 في مجلة "كيفونيم" التي تصدر في اورشليم القدس وهي برأيه تشرح كيفية تفتيت الدول العربية لكي تبقى اسرائيل وحدها قادرة على الصمود.
يرتكز البحث المذكور على أن البقاء سيكون للقوي في غابة العالم الجديد الذي سقط معه "المنظور العقلاني الأنسي" وعليه فاسرائيل يجب أن تلغي الدول العربية أو تفتتها إلى كيانات متقاتلة لكي تبقى وحدها قادرة. والكاتب يستند على رأي المفكر المصري "شفيق مقار" الذي اكتشف البحث و"الدكتور نادر فرجاني" الذي أعاد نشره منتقدا المغفور له "محمد حسنين هيكل" المتخصص في "تحليل المصائب بعد وقوعها، ولكنه يلزم الصمت قبلها".
ما يلفت هنا بأن مقالا سياسيا نشر سنة 1982 (أي قبل 34 سنة) يحاول الكاتب أن يجعله نبوءة أو خطة استراتيجية توصل البلاد العربية إلى التفتيت، وقد يكون صحيحا أن تسعى اسرائيل وكل مواطن فيها إلى العمل على حماية مصالحه ولو أدى ذلك إلى الغاء "العدو" المتمثل بالدول العربية المحيطة، أوليس هذا ما تفعله كل الدول والأنظمة العربية منذ أوائل القرن الماضي أقله بالخطابات الرنانة؟ ولكن ماذا يفعل العرب بالمقابل لمنع تفتيت دولهم أو بالأحرى لبناء دول قابلة للحياة لا يمكنها التأثر بخطط "الأعداء"؟ والجواب بسيط أن العرب كلهم يكتشفون متأخرين سبب وقوعهم بالمصائب ودوما هم يلقون باللآئمة على الغير، وهو هنا العدو الصهيوني وقبله الاستعمار والامبريالية وما إلى هنالك من أعداء، ولكن هل هناك أمل بمحاولة النقد الذاتي واعادة الحسابات لمعرفة مكامن الضعف ومراكز الخلل التي تجعل العرب كدول قابلة للانهيار عند أول عاصفة؟
إذا ما قمنا بدراسة حول الثورة الفرنسية مثلا وتنائجها على صعيد المجتمع الفرنسي نجد بأنها كانت كارثة على فرنسا كدولة ولكن الفرنسيين تعلموا من مشاكلم الداخلية وقاموا بمحاولة تصحيح الخلل في نظام الحكم والادارة فأعادوا بناء دولتهم ولو بعد حروب وخسائر. وماذا فعل الروس بعد الثورة البلشفية التي قضت على كل شيء، لقد قاموا ببناء دولتهم من جديد بالرغم من كل المآسي وعادوا إلى خارطة الدول، وما حدث معهم مؤخرا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي جعلهم يمرون أيضا بتجربة خراب الدولة، ولكنهم اليوم ينهضون من جديد ويعودون لتزعم العالم. وماذا فعل الأمريكيون في الحرب الأهلية أواخر القرن التاسع عشر والتي قسمت البلاد وشتت القوى، ولكنهم عادوا أيضا ليضمدوا جراحهم ويبنوا دولتهم على قاعدة ديمقراطية الولايات واتحادها الطوعي في نظام فدرالي أثبت أنه يصلح للتنوع. وماذا عن المانيا واليابان وما إلى هنالك من أمثلة في هذا العالم الذي لم يتم البناء فيه بسهولة وبالتمني وانتظار الفرج من عند الله، عز وجل، بل بالعمل والنقد والتعلم من الاخطاء وقبول الآخر بفكره ومشاكله والتمرس على التعاون معه.
مشكلة العرب المزمنة أنهم يفتشون دوما عن جهة يرمون عليها سبب مشاكلهم فيستريحون من عناء التفتيش عن الحلول وينتظرون أن يقوم أحد ما بفرض حل لكي يبدأوا بمعارضته وأيجاد الاسباب لخربطته. فإذا قامت دولة وتنظمت فانها بالتأكيد وليدة الاستعمار وعميلة للصهيونية، وإذا نجح أحد القادة فهو أيضا عميل للامبريالية. فقد فشل عبد الناصر بالحرب (1967) لأنه حاول ارضاء الشارع الغبي الذي قبل بالخسارة، وربح السادات الحرب (1973) لأنه عمل بصمت واستعمل قدرات مصر الحقيقية بدون تبجح ولا أحلام وتخيلات، ولكنه لم يرضي الشارع بالرغم من انتصاره المدوي وانتهى مغدورا برصاص المتعصبين الذين لا يزالون يغتالون كل فكر جدي وكل عمل ناجح وكل تفاهم بين فئات المجتمع ومركباته. ولا نريد أن نكمل الحديث عن عبقرية القذافي أو انفتاح الأسد وتساهل صدام حسين وطوباوية جزاري الجزائر أو مناضلي داعش...
الاسرائيليون مثل العرب تماما يخافون على دولتهم من التفتت حال انتهاء العداوة مع الجيران ويستندون إلى عدم قبول العرب من حولهم بأي حل يعطي أملا لأجيالهم بالحلم بمستقبل أفضل من التعاون والانفتاح. ورهان العرب يبقى دوما على قيام دولة موحدة قادرة أن تحكم العالم قبل البدء يتنظيم حياتهم اليومية. الاسرائيليون يسقطون كل قائد يقترب من النجاح بالتفاهم مع الجيران لأنهم يعتقدون بأن الانفتاح مضر للعصبية المطلوبة (نظرية أبن خلدون؟) تماما كما يعتقد العرب بأن اي تعاون بين الفئات المختلفة التي تشكل دولهم هو ضعف لقوة الدولة واستمراريتها. وإلى أن يكتشف العرب والعبريون (عرب وعبر) ما يجمع بينهم ويدعوهم إلى التعاون مع كل الآخرين سيبقى الشرق الأوسط لعنة من عند الله على سكانه أولا وعلى العالم بدون شك...
0 comments:
إرسال تعليق