شاكر فريد حسن يكتب عن اليمن والعراق والوعد المشؤوم

اليمن .. هل سيعود سعيداً ؟!
اليمن السعيد تحول الى اليمن التعيس بفعل حرب ال سعود ، الذين حولوا حياة الشعب اليمني الى جحيم بضرباتهم العسكرية والصاروخية وحربهم القذرة المدمرة .
وفي حقيقة الأمر أن ال سعود توقعوا ان تنتهي هذه الحرب التي شنوها ضد هذا القطر العربي خلال ايام معدودات ، ولكن حساباتهم انقلبت على نحورهم ، فقد صمدت المعارضة اليمنية ودافعت عن اراضيها ، اكثر مما تخيلته السعودية ، ووضعها في موقف محرج ، ادى الى تكفلها بنفقات هذه الحرب المجنونة التي تورطت فيها ، ولن تتمكن من استكمالها ، لان الشعب السعودي سينقلب على من يحكمونه ، لأنه لن يتحمل تكاليف مغامرة غير محسوبة يخوضها ال  سعود للدفاع عن الرئيس اليمني الذي لا يعرف احد أين هو الآن !!!
لقد فتحت الحرب التي تقودها السعودية جبهة جديدة في منطقة بالغة الحساسية على المستويين الاقليمي والدولي ، بعد جمع قطب من تسع دول أخرى في تحالف اقليمي ضد شعب اليمن ، الذي يتلقى نيران " عاصفة الحزم " .
ان اليمن لن يعود الى ما كان عليه سابقاً ، وامسى يمناً تعيساً ومدمراً وفقيراً نتيجة الحرب العبثية التي فرضت عليه من قبل حظيرة ال سعود واتباعهم الخليجيين والامريكيين ، ووصل الحصار الخانق الى حد انتشار المجاعة والأوبئة والامراض المتعددة . 
والسؤال : من ينقذ شعب العراق من محنته ومعاناته وعذابه ..؟؟
باعتقادي لكي يتحقق المستقبل الآمن والناجح ، لا بد من مصالحة صادقة ، ودعوة كل القوى السياسية على اختلاف تشكيلاتها بما فيها الاخوان والحوثيون ومؤسسات الدولة اليمنية للخروج من هذا المأزق بمشروع وطني قابل للتنفيذ ، وفقاً لخريطة طريق تستنذ الى مخرجات الحوار الوطني في اليمن ، مع التأكيد على دعم الدولة الوطنية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية .
**
 " تبغددوا "يا عراقيين !!
بغداد عاصمة الرشيد ، وبيت الحكمة ، ودار العلم ، ومنارة المعارف ، ومنبر التنوير ، ووطن الثقافة والمثقفين  ، والابداع والمبدعين ، والفن والفنانين ، التي أسسها الخليفة أبو جعفر المنصور .
هي أكبر مدينة متعددة الثقافات ، شكلت على الدوام مرتعاً خصباٌ لطلبة العلم ، ومركزاً للآداب والعلوم والفنون .
ازدهرت مدارسها وتفوقت علومها وصدحت قصورها بالغناء والموسيقى تقاطر عليها الشعراء والكتاب والأدباء ورجالات القلم والعلماء وعشاق المعرفة ، وكثر الاجتهاد في مساجدها ، وانصرف الناس الى الانشغال في أمور وقضايا الفلسقة والحياة والموت ، وساد الجدل والسجال الفكري والثقافي الذي أسهم في حركة الابداع والتأليف والترجمة .
امتزجت الثقافات وبرزت خلاصات فلسفية  وعلمية ، وازدهرت فيها الثقافة الكونية ، وقدمت للحضارة الانسانية صفحات ناصعة ومضيئة من التاريخ الثقافي والأدبي ، والتمدن العصري الحضاري .
اعلن عنها في العام ٢٠١٣ عاصمة للثقافة العربية ، وشهدت فعاليات ثقاقية وفنية ومعارض بهذه المناسبة ، ورأى بعض المثقفين والمبدعين العراقيين في حينه ، أن هذه التظاهرة الثقافية اوجدت حراكاً ثقافياً مهماً في بعض المجالات ، لكنها لم تنقذ الوضع الثقافي ، الذي تعيشه نتيجة الظروف الاستثنائية التي يمر فيها العراق ، بفعل الحروب والصراعات الداخلية والاوضاع السياسية العامة .
بغداد التي كانت مصدر اشعاع ثقافي وفكري وأدبي ستنهض من بين الركام من جديد ، بعون وفضل مثقفيها ومفكريها ومبدعيها ورجالاتها الأفذاذ ، وبدعم كل المتنورين والاحرار والشرفاء من عشاق الحرية والثقافة والالتزام الوطني والطبقي في العالم الواسع .
ويحق للعراقيين أن " يتبغددوا " ، فمن رفع راية الحضارة وأنار الدنيا بالعلوم والآداب والوعي التنويري والثقافي طوال قرون ، ومن يملك ينابيع الحضارات والهام الثقافات ، ومن يغزل من رطب نخيل البصرة أعذب المواويل العراقية ، ومن ينسج من نهري دجلة والفرات عباءات الشعر وأجمل القصائد واشجى المقامات العراقية ، يحق له أن " يتبغدد " ..!
ورغم الألم والوجع الكبير ، وما حل من محن وويلات ومعارك مخضبة بالدماء ، ورغم قتامة المشهد السياسي العراقي ، ستبقى بغداد بتاريخها العريق الماجد وثقافتها الأصيلة رمزاً يضيء سماء العراق وأوطان العرب قاطبة .
**
الى أين يتجه الشرق الاوسط ..؟!
الشرق الاوسط من أكثر المناطق الملتهبة التي تعاني مرارة الحروب وسفك الدماء المتواصلة على امتداد سنوات طويلة ، والعالم العربي هو محط أنظار مختلف الامبراطوريات وقوى الاستعمار والامبريالية والصهيونية ذات الاطماع التوسعية ، التي تسعى الى بسط سيطرتها ونفوذها وهيمنتها على كامل المنطقة العربية ، وتطويع جميع الانظمة العربية تحت لوائها ومظلتها ، سعياً للسيطرة على الثروات والموارد الطبيعية كآبار النفط والغاز وغير ذلك .
ولتحقيق أهدافها فان القوى الأجنبية وعلى رأسها أميركا ، تحاول جاهدة تحويل المنطقة الى قاعدة عسكرية، والزج بالدول العربية في حروب داخلية واهلية طاحنة ، وصراعات اقليمية وفتن طائفية ومذهبية ، والتنكر لطموحات شعوبنا بالتحرر والاستقلال ، ومنع تأسيس مجتمعات مدنية حضارية وديمقراطية عربية .
ونتيجة ذلك تسود العالم العربي حالات انقسام وفرقة وتشتت وتمزق داخلي ، ويعاني أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية ، وبواجه قضايا مزمنة لم تجد حلولاً لها ، وهذا على حساب سعادة ورفاهية وازدهار ومستقبل الشعوب العربية .
وتعتير القضية الفلسطينية لب الصراع ومركز الاحداث ، التي لم تحل حتى الان ، لأن أصحاب القرار غير معنيين بحلها .
ولا شك أن أمريكا والحركة الصهيونية ودول اوروبا تحاول تصفية قضية شعبنا ، بتخليد وتكريس الواقع الاحتلالي ، على اساس سايكوس بيكو  ، وفرض شرق اوسط جديد وفق المواصفات الامريكية .
ولا يخفى على احد ان غياب الوحدة العربية والانقسامات والانشقاقات بين اجزاء الوطن العربي لها الاثر السلبي على مواجهة المشاريع الاستعمارية والامبريالية الكوليونالية في المنطقة .
ما يميز الحالة العربية الراهنة هو تعمق الأزمات الداخلية ، وازدياد الفقر والجوع والحرمان والفساد السياسي والمالي في المجتمعات العربية التي تغذيها قوى الاستعمار ، فضلاً عن سيطرة الفكر الاصولي السلفي الظلامي ، الذي ادى الى موجات الارهاب والقتل والدمار .
ان الاضطرابات والفوضى ما زالت بعيدة عن نهايتها ، وما زال الغموض يكتنف الوضع المستقبلي في الشرق الاوسط ، الى أين تتجه التحولات العنيفة الصعبة في المنطقة ؟ وكيف ستؤثر على البيئة الجيوسياسية ، وكيف سيتغير التوازن بين مصالح القوى الكبرى في المنطقة الغنية بالنفط والموارد الطبيعية ؟!
المرحلة الراهنة وتحدياتها تتطلب رص صفوف ما تبقى من قوى تقدمية وتحررية وتنورية لمواجهة السياسات الامريكية والاستعمارية في المنطقة ، ولتأخذ دورها في الكفاح الوطني والطبقي لاجل خلاص الشعوب العربية من القهر والظلم والاستعباد ، وتحرير الانسان العربي ، ومقاومة الفكر الظلامي الارهابي ، والتصدي للانظمة المتآمرة العميلة التي تدور في فلك المشاريع الامريكية والاستعمارية والاجنبية ، نحو بناء تحالف استراتيجي عربي لدحر قوى الشر والبطش والظلام في المنطقة .
**
في ذكرى الوعد المشؤوم ..!
تصادف هذه الايام ذكرى مرور قرن على وعد بلفور المشؤوم ، الذي فتح الباب امام انشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين وتأسيس الدولة العبرية .
ويشكل هذا الوعد كارثة حقيقية ووبالاً على الشعب الفلسطيني ، ومصيبة كبرى للعرب ، ونقطة تحول تاريخية جرت معها الويلات والمصائب والحروب والنكبات .
وبدون شك ان وعد بلفور كان سبباً في " الظلم التاريخي " الذي لحق بالفلسطينيين وجردهم من حقوقهم ، وهو السبب المباشر للصراع مع الاحتلال .
وفي ذكرى هذا الوعد سيء الصيت ، يطالب الشعب الفلسطيني المجتمع الدولي وحكومات وبرلمانات العالم والاتحاد الاوروبي بمعالجة نتائج الخطيئة الكبرى التي المت بالفلسطينيين .
ان بريطانيا تتحمل المسؤولية عن كل التبعات المأساوية التي تسبب بها الوعد السيء ، ولذلك يطلب منها الفلسطينون بالاعتذار لشعبنا عن جريمتها المتمثلة بوعدها ، لكنها ترفض وتأبى الاعتذار وتقيم الاحتفالات له .
والاعتذار هو الاعتراف بالحق اافلسطيني بالسيادة والوجود على الارض والدولة كاملة السيادة .
المطلوب في الذكرى المئوية لوعد بلفور ليس التباكي ، وانما العمل بجدية وبصورة فاعلة لرص الصفوف وتعميق الوحدة الوطنية بين جميع القوى الفصائلية الفلسطينية ، وضرورة انهاء الحالة الانقسامية ، واعادة الشرعية والحيوية لمنطمة التحرير الفلسطينية ، وعدم التفريط بحق العودة والتمسك بخيار المقاومة بيد ، وغصن الزيتون باليد الاخرى ، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني ، الذي يلبي طموحات وآمال وأحلام شعبنا في جميع اماكن تواجده .
**

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق