هيَّ الحياة/ د. عدنان الظاهر

( ذكريات مع البعض من طلبتي وطالباتي في كلية العلوم / جامعة بغداد للأعوام الدراسية 1970 ـ 1978 )
1ـ شاركتُ في عام 1998 في واحد من مؤتمرات المعارضة العراقية الذي انعقد في العاصمة الألمانية برلين بصفتي رئيساً لنادي عِشتارالثقافي في مدينة ميونيخ الألمانية. أدار الدكتور كاظم حبيب جلسات ذلك المؤتمر وجلس بجنبه في إحدى المرات الدكتور صلاح الدين الشيخلي رئيس هيئة أصحاب الكفاءات السيئة الصيت التابعة لرئاسة الجمهورية ثم سفير العراق في لندن بعد سقوط نظام البعث في العراق محسوباً على جماعة الطبيب أياد علاوي حين كان أياد رئيساً للوزراء. طلبت الكلمة ووقفت منتقداً حماسة ودور السيد الشيخلي في توريط العديد من العراقيين بإغرائهم على ترك البلدان التي كانوا فيها يعيشون ويعملون أحراراً مُكرّمين والرجوع إلى الوطن للمساهمة في بنائه وتطويره . قاطعني دكتور كاظم حبيب بفظاظة ووقاحة دفاعاً عن صلاح الدين الشيخلي. بعد فترة قصيرة واصلت كلامي ولم أعتذر لأيٍّ منهما.
في يوم آحر وجلسة أخرى للمؤتمر فوجئتُ بوجود الدكتورعلي الشيخ حسين الساعدي يتحدثُ إلى الدكتور كاظم. سألتُ كاظم بعد ذلك عن سبب حضور الساعدي المفاجئ وكيف عرف طبيعة وموعد هذا الإجتماع فقال إنه جاء يسأل عن مقدار تكاليف نفقات الدراسة في الجامعات الألمانية فقال له إنها بحدود الألف مارك شهرياً ( كان ذاك الزمن زمن المارك وليس اليورو ). ثم أضاف : الموضوع يخص دراسة ابن السيد الساعدي. كان الساعدي وقتذاك في بغداد عائداً من ليبيا وقد كرّمه البعثيون وسمحوا له أنْ يشتري شقة على شارع حيفا وسط بغداد من الشقق المُخصصة لأساتذة الجامعات العراقية ثم صدر له أمر بتعيينه تدريسياً في جامعة الكوفة ! فلنتذكر جيّداً ، كان ذلك في عام 1998 ! 
المهم ... في جلسة يوم سابق لهذا اليوم قدّمتُ مداخلة قصيرة ( سمحوا بخمس دقائق  فقط ) وحين أنهيتُ مداخلتي اعترضتني فتاة سائلة : هل تعرفني دكتور عدنان ؟ قلتُ لها إذا ذكرتِ اسمكِ الكريم أستطيع أنْ أعرفك. قالت أنا ( سوسن البرّاك ) درّستني في كلية العلوم. تذكرتها مع بعض التفاصيل. أربط دائماً بين الأسماء والوجوه فالوجوه تذكّرني بالأسماء. سألتني السيدة سوسن إين ذهبتُ بعد غيابي عن كلية العلوم . قصصتُ عليها باقتضاب إلى أين توجهتُ وكيف أمضيت العديد من الأعوام في هذا البلد أو ذاك باحثاً وأستاذاً في الجامعات. قالت إنها ما كانت تتسمّى بالبرّاك إتقاءً لشرور البعثيين وعناصر اتحادهم الوطني. أنا نفسي عانيت من خبث وشغب ومؤامرات البعض منهم ولا سيّما المجرم القبيح والغشّاش الأكبر وأحد عناصر منظومة ناظم كزار المدعو ( ثامر خليل الجوراني ) وكان لسوء حظي أحد طلبتي لعامين متتاليين. نشرت عنه في جريدة الزمان اللندنية مقالة مفصّلة شرحت فيها شروره وشذوذه وتطاولاته وسوء أدبه ولا أدري كيف أتم دراسته في كلية العوم وتم تعيينه مُعيداً في قسم الكيمياء ثم تمتعه ببعثة لدراسة الدكتوراه في إحدى الجامعات البريطانية. عيش وشوف يا زمان !
2ـ جاءتني ذات يوم رسالة بالبريد الألكتروني من النروج قال فيها كاتبها إنه أحد طلبتي وإنه ترك الكيمياء وتخصص في طب الأسنان ثم واصل رسالته موجّها لي دعوة لزيارته في النروج ليقومَ بتصليح أسناني ! ضحكتُ مع نفسي فسفرتي للنروج تكلّف أضعاف عملية العناية بأسناني هناك. شكرته ورحّبتُ به وطلبتُ أنْ يواصل الكتابة لي فإنني أفرح بطلبتي واُسعد بأخبارهم وما يحققون من نجاحات في الحياة . كتب لي يوماً إنه قرر الرجوع إلى الوطن المُفدّى لغرض خدمته بما لديه من خبرة واختصاص . قال إنه أُخضع لإجراء إمتحانات في الإختصاص وما كان في ذلك وحيداً إذْ كان ضمن مجموعة من أطباء الأسنان فما كانت النتيجة ؟ قال إنه لم يحقق النجاح في ذلك الإمتحان ولم يعترفوا به طبيباً مُختصاً أكمل دراسته في كليات أو معاهد الطب النرويجية. قال : نجح البعض ممن درسوا في معاهد بعض البلدان المجاورة عربية وغير عربية في حين فشل هو مع نُخبة ممن أكملوا دراساتهم في مختلف المعاهد الغربية.
إنه تلميذي السابق وطبيب الأسنان اليوم السيد حيدر رُستم أو رُستم حيدر فليعذرني.
3ـ بعد سقوط صدام وحزبه في العراق راجعت في عام 2010 القنصلية العراقية في مدينة فرانكفورت الألمانية لإنجاز تنظيم وكالة خاصة لإبنتي لتتابعَ بعض شؤوني في بغداد. كنتُ أنتظر دوري مع باقي المراجعين. نادى الموظفون المسؤولن بإسمي عليَّ فهُرعت للتوقيع واستلام المعاملة. ما أنْ تركتُ شبّاك المراجعة حتى وقفت أمامي سيّدة وسألت : أأنت الدكتور عدنان الظاهر ؟ قلتُ نعم، ومّن حضرتكم ؟ قالت أنا طالبتك فردوس فرج في كلية علوم جامعة بغداد في أواسط سبعينيات القرن الماضي. تذكّرتها جيداً فإنها لم تتغير كثيراً وما زال وجهها ذاك الوجه الوسيم الباسم المتفائل سوى أنها صبغت لون شعرها لُتخفي بصمات وخطوط الزمان على هذا الشعر. عرّفتني على زوجها فداعبته قائلاً : كيف تتزوج من بناتنا دون أنْ تأخذ موافقتنا. كان الرجل ودوداً وبسيطاً فضحكنا معاً.
4ـ مع تلميذي الطيّب الوفي النجيب المندائي السيد ماجد سعيد :
كذلك فوجئتُ ( وما أكثرَ المفاجآت في الحياة ) ذات يوم بوصول رسالة لي على بريدي الألكتروني قادمة من أُستراليا وكانت فرحة كبيرة وعودة إلى ذكريات كثيرة عزيزة علينا كلينا. بعد تخرج السيد ماجد في كلية العلوم / جامعة بغداد إستمرت العلاقة بيننا بل وتوثّقت أكثر فأكثر خاصة بعد ارتباطي بنقابة الكيميائيين العراقيين عضواً في الهيئة الإدارية للأعوام 1974 / 1978 فإنه كيميائي وما أكثر طلبتي الكيميائيين من كلا الجنسين. كان رئيس النقابة يومذاك المرحوم غازي إبراهيم أيوب الذي تم إعدامه في تموز 1979 مع عدد من أعضاء القيادة القطرية وكوادر بعثية متقدمة أخرى. زرتُ وماجد مرّةً السيّد والده في دائرته لأتعرّف عليه وكان هذا دأبي في أنْ أتعرّفَ على أولياء أمور طلبتي لأشدّهم لي أكثر وأنشدَّ بدوري لهم أقوى فأقوى وهذا الدأب في نظري جزء أساس يدخلُ في صُلب العملية التربوية فالتدريس في كافة مستوياته تربية اجتماعية وفردية وبناء لشخصية الطالب وهذه مجتمعة تمثّلُ مسؤولية كبيرة تتدخل السياسة فيها في بعض الأحيان.
في خلال السنوات التي قضّيتها في العاصمة الليبية طرابلس ( 1978 / 1984 ) أُستاذاً للكيمياء في جامعة الفاتح إلتحق بهذه الجامعة شقيق السيد ماجد الدكتور المهندس السيد خالد سعيد وكان قريباً مني يزورني في شقّتي القريبة من البحر والميناء مع نُخبة من أساتذة الجامعة وكان فيهم أستاذان آخران من طلبتي هما الحلاّوي الدكتورالفيزيائي محمد عِبدان درويش والدكتور الكيميائي السيد حسين محمود فضل الله الخطيب الذي جاء إلى ألمانيا سفيراً للعراق في برلين للعديد من سنوات العقد الثاني من هذا القرن. 
ومثل ماجد، إستمرت علاقتي الحميمة بزميل له من طلبتي في كلية العلوم هو السيد رسول الشريفي ثمَّ تجددت خلال السنوات الراهنة بالمراسلات هو في السويد وأنا في ألمانيا وأمدّني بالكثير من صور المناسبات المنوّعة.
5ـ كنتُ صيف عام 1979 في زيارة لأحد المعارض المُقامة في مدينة طرابلس الليبية فإذا بي أجد نفسي وجهاً لوجه مع إحدى طالباتي في كلية العلوم. بادرتني بالسلام فعرفتها بعد وقفة تفكير وتأمّل وكانت برفقة زوجها .. إنها السيدة هيفاء الشيخلي التي أخذت الماجستير عام 1977 في الكيمياء بإشراف الزميل الدكتور صبري فرّوحة وكنتُ أنا رئيس اللجنة التي كلفها قسم الكيمياء للقيام بمهمة فحص واختبار كفاءتها وصلاحيتها لنيل شهادة الماجستير وما زال بحوزتي كتاب التكليف. أخذت هيفاء الماجستير. في لقائنا هذا في طرابلس سألت عن إمكانية التحاقها بجامعة الفاتح كتدريسية فأخبرتها أنَّ هذه الجامعة لا تقبل حَمَلة الماجستير كأعضاء في الهيئات التدريسية وقد تقبل البعض كمعيدين فقط وتحت ظروف خاصة. قالت إنَّ زوجها موفدٌ من قبل وزارة النفط العراقية للعمل في ليبيا خبيراً نفطياً ... إنه شقيق سفير العراق يومذاك في العاصمة البلغارية صوفيا ( خالد عبد الحليم ).
6ـ السيد صباح السوداني :
ما أكثر المفاجآت حتى لكأنَّ الحياة سلاسل وحلقات متصلة متدفقة من الفُجاءات والمفاجآت مثل كمّات ( فوتونات ) الضوء أو هي بالضبط كذلك حتمية من حتميات الحياة والكون.
مّن هو صاحب هذه المفاجأة الكبيرة والفرحة الأكبر ؟ إنه طالب سابق آخر من طلبتي في كلية العلوم ثم ناشط في نقابة الكيميائيين العراقيين رئيساً للجنة نادي النقابة وقام بها خير قيام.
إجتمعت أوائل عام 1993 عناصر وتجمعات وأحزاب من المعارضة العراقية في جامعة مانجستر البريطانية وكنت أحد المدعويين. كان الأستاذ عبد الرزاق الصافي أول المتكلمين وأخذت الأحاديث مناحي شتّى حتى تمَّ التطرّق إلى موضوع إتفاقية الجزائر التي وقعها شاه إيران مع صدام حسين هناك في العاصمة الجزائر. قال الصافي إنه لم يكن مع هذه الإتفاقية فعلّقت بل وكنتَ معها بدليل أنك نشرت تأييد الحزب الشيوعي لهذه الإتفاقية في مستطيل صغير توسط الصفحة الأولى من صحيفة طريق الشعب وأنت كنت رئيس التحرير. لاذ الصافي بالصمت. المهم ...
إنتهى اللقاء وكان اللولب المُحرّك لهذه النشاطات الطبيب السيد ماجد الياسري وكان هو مع آخرين برفقة الأستاذ عبد الرزاق الصافي. في لحظة خروجي من قاعة ذاك اللقاء فاجأني شخصان يقفان في طريقي بادرني أحدهما : هل تعرفني ؟ دُهشت. قلت له كيف عرفتني ولا يعرفني في مانجستر إلاّ شخص واحد. سألني من هو؟ قلت له صباح السوداني. قال أنا صباح السوداني. وسألني الثاني هل عرفته ؟ قلت كلا. قال أنا الدكتور باقر التميمي . يا سلام .. كل هذه المفاجآت تحصل لي في مدينة وجامعة مانجستر البريطانية فما أكبر حظي في هذه الحياة. كان الدكتور التميمي في سبعينيات القرن الماضي عميداً لكلية العلوم في جامعة البصرة وإنه ابن البصرة أُضطرّ على ترك جامعة البصرة ومدينة البصرة وكل العراق تفادياً لهمجية وغدر البعث وخاصة زمان تحكّم صدام حسين بقيادة هذا الحزب.
عرض عليَ العزيز صباح السوداني المبيت معه في بيته وفي بيته عرّفني على زوجته الثانية وهي سيّدة فرنسية أم ولد ( لها طفلان من زوج سابق ). أمضيت تلك الليلة معهما لأنني جئتُ مانجستر من مدينة شفيلد القريبة حيث كنت هناك باحثاً علمياً مُشاركاً في قسم الكيمياء في جامعة شفيلد.
كرّت الأعوامُ سريعاً كأنها في سباق مع أعمار البشر. في إحدى زياراتي الكثيرة لمدينة شفيلد البريطانية إتصلت بالعزيز صباح السوداني ودعوته وعائلته لزيارتي في شفيلد لنقضي معاً يوماً كاملاً. قبِل صباح هذه الدعوة وحددنا يوم الموعد لكنه لم يستطع المجئ من مانجستر إلى مدينة شفيلد لعطب أصاب سيارته وبدل ذلك إقترح هو أنْ أزورهم في مانجستر وأتعرف على زوجته الثالثة وهي سيّدة عراقية كانت مقيمة مع أهلها في العاصمة الأردنية عمّان. كان في إستقبالي في كراج وصول الحافلات التي تتنقّلُ بين شبكات المدن البريطانية بدقة وانتظام. تعرّفت على السيدة فاطمة ووجدت معهما طالباً آخرَ لي درّسته في جامعة السليمانية حيث قضيّت في هذه الجامعة عاماً دراسياً واحداً مُنسِبّاً نفسي إلى هذه الجامعة هرباً من مضايقات بعض أعضاء الإتحاد الوطني الخاص بالبعثيين وكنت نشرت في جريدة الزمان اللندنية مقالة تفصيلية عن واحد من هؤلاء وقد اكتشفتُ بالدليل القاطع أنه عنصر سرّي في أجهزة الأمن البعثية تحت إمرة مدير الأمن العام يومذاك السفّاك ناظم  كزار !
في المساء دعانا صباح إلى العشاء في مطعم فاخر معروف في مانجستر وهناك تعرّفتُ على ابنه السيد رامي من زوجته الإيرانية الأولى وصديقته الإنجليزية . ما شاء الله صباح رجل مزواج.
كان صباح يُدير موقعاً معروفاً نشر لي فيه بعض النصوص لكنه لم ينشر واحداً منها فزعلتُ عليه وقاطعته ولا أدري اليوم ما حلَّ بذلك الموقع وكيف هي أموره وأمور عائلته الجديدة. سأحاول الكتابة له وأوافيه بهذه المقالة.
السوداني من جيل طلبتي الإثنين السابقين ماجد سعيد ورسول الشريفي.
صباح : كيف أمور وصحّة الدكتور البصري الأصيل النبيل السيد باقر التميمي ؟ بلّغه سلامي وأشواقي رجاءً.
7ـ الدكتور رائد عبد الجبّار النائب :
درّسته سنة أولى كيمياء عامة ثم سنة ثالثة كيمياء فيزيائية.
كنت في الأعوام 1988 / 1990 أكاديمياً زائراً في قسم الكيمياء في جامعة ويلز في مدينة كاردف البريطانية. هناك تعرّفت على طالب البعثة السيد عبد الرزاق السوداني. كنا نلتقي من حين لحين ونتجاذب أطراف الأحاديث حتى ذكر لي اسم واحد آخر من طلبتي في كلية علوم جامعة بغداد هو الدكتور رائد عبد الجبار النائب ولعائلة النائب فرع في مدينة الحلة.
إتصل بي السيد رائد ذات يوم للسلام ثم الإستفسارعن إمكانية العمل باحثاً أو أستاذاً في جامعة ويلز. لا أتذكّر في أية مدينة بريطانية كان حينذاك. صفيّتُ أعمالي ومهماتي العلمية في جامعة ويلز في كاردف وبعدها في جامعة شفيلد وقفلتُ راجعاً إلى ألمانيا حيث كانت عائلتي ما زالت مقيمة هناك. بدأت بيننا مراسلات متقطعة بالبريد الألكتروني وأرسل لي صورة حديثة له يبدو فيها بديناً مُنتفخ الوجنتين لامع الهامة. ما زلنا مع موضوعة الشئ بالشئ يُذكر... كنتُ في عام 1973 رئيس اللجنة الإمتحانية في قسم الكيمياء وكانت أشغال اللجنة كثيرة مُتشعبّة ومُتعبة وقُبيل إعلان النتائج دخل مقر اللجنة فرّاش القسم السيد حمدان ليخبرني أنَّ رجلاً يروم مقابلتي . سألته مَنْ هو ؟ قال لا أعرفه. خرجت ففوجئت بوجود رجل مربوع القامة مهيب الوجه يرتدي قميصاً مكفوف الأكمام فالحرُّ كان شديداً. توسّمتُ فيه وجه وملامح تلميذي السيد رائد النائب. سلّمت عليه بحرارة وعاتبته على مجيئه والحر شديد. سألني عن نتيجة ولده رائد، طمأنته وطلبت منه أنْ يعود إلى البيت فقد كان مثلي يتصبب عرقاً. يتهيأُ لي كأني ما زلتُ أرى ذاك الرجل والأب الجازع على نتيجة ابنه شاخصاً أمامي في أحد ممرات قسم الكيمياء من كلية العلوم يتصبب وجهه الوسيم عَرَقاً وليتني أراه اليوم ففيه الكثير ممّا في تلميذي رائد والبعض من بقايا ملامح وسمات مدينتي الحلة الفيحاء وذوي قرباه من آل النائب ومنهم السيد فاروق النائب وشقيقه الأصغر. 
إضافة : الدكتور عبد الرزاق السوداني هو اليوم أستاذ الكيمياء في كلية البنات التابعة إلى جامعة بغداد وتراسلنا لفترة قصيرة ثم توقفت هذه المراسلات.
8ـ الدكتور وسام قاسم الشالجي :
وسام هو الآخر من طلبتي الذين أفخر بهم وأعتز وأتذكره جيداً أوائل سبعينيات القرن الماضي شاباً كثير الأدب حريص على دراسته ودائم الحضور إلى محاضراتي وإلى مختبرات قسم الكيمياء لإجراء التجارب المختبرية في حقل الكيمياء الفيزيائية. مرّت السنين كما مرّت الباقيات وتفرّقنا كلٌّ تحت سماء ونجوم وإذا بي أقرأ في أحد المواقع مقالة معينة حول موضوع معين فكتبت لصاحب هذه المقالة ملاحظة تخص بعض ما كتب. لم أنتبه لإسم صاحب هذه المقالة لكنه بادر للكتابة لي مُفصحاً عمّن يكون ثم قال إنه أحد طلاّبي في كلية العلوم في سبعينيات القرن الماضي. ولتميّزه ببعض الخِلال الحميدة الواضحة تذكّرته وكتبت له واستمرت المراسلات بيننا بشكل منتظم حتى أسس موقعاً خاصاً به أعطاه اسم " أيامنا " فغدوت أحد كتابه أزودّه بأغلب ما أكتب من نصوص أدبية فقط إذْ لدى وسام حساسية خاصة تجاه المقالات السياسية وهذا رأيه واجتهاده وموقفه وأنا أقدّرها وأحترمها وقد أتفهّم دوافعها وما يقف وراءها.
الدكتور وسام قاسم الشالجي مقيم اليوم في إحدى الولايات المتحدة الأمريكية وزوجه المصون هي إحدى قريبات زميلة دراستي في الكلية في جامعة بغداد في خمسينيات القرن الماضي الأخت العزيزة المرحومة نزيهة سليمان الخضير.
وسام متعدد النشاطات حريص كل الحرص على إنجاح موقعه فخصص برنامجاً خاصاً بكلية العلوم حيث درس وأنهى دراسته في هذه الكلية وجمع الصور النادرة لهذه الكلية وأساتذة قسم الكيمياء ولزملائه الذين شاركوه أعوام الدراسة وما قاموا به من فعاليات وأنشطة داخل الكلية وما قاموا به من سفرات سياحية داخل العراق وزاد إذْ أنتج فيديوهات غاية في الروعة وإتقان الإنتاج وحرص على تزويدي بها أولاً بأول وما زلت أتابعها بشكل منتظم لتعود بي إلى تلك السنوات الخوالي حيث كنت فيها مُقرراً لقسم الكيمياء يومَ كان المرحوم الدكتور عبد الرضا الصالحي رئيساً لهذا القسم ورئيساً لأكثر من لجنة إمتحانية  وتدريسياً في قسم الكيمياء للأعوام 1970 ـ 1978 . درّستُ طلبة قسمي الكيمياء وعلوم الحياة وبعض طلبة الماجستير.
أرسلت ـ دون أخذ الأذن من وسام ـ آخر فيديو يخص كلية العلوم وقسم الكيمياء إلى كندا حيث يُقيم الزميل والصديق العزيز وعميد كلية العلوم أوائل سبعينيات القرن الماضي أبو نبيل الدكتور عبد المجيد القيسي ففرح به أيّما فرح وأرسل لي ردّاً للجميل فيديو يخص كلية الطب / جامعة بغداد. شكراً أبا نبيل وأنت تعاني من ضعف عينيك وصعوبات الكتابة.
وسام : هل تأذن لي أنْ أرسل هذا الفيديو لأصدقاء آخرين مُشتتين في كل حدبٍ وصوب ؟
9ـ السيدة ربيعة حميد مُقبل :
ربيعة حميد ( أم نزار ) هي الأخرى إحدى طالباتي في كلية العلوم درّستها الكيمياء الفيزيائية وهي من جيل رائد النائب ووسام قاسم الشالجي وماجد سعيد.
غادرت العراق بعد تخرّجها في كلية العلوم مباشرة ( عام 1973 ؟ ) ملتحقة بشقيقها المقيم في فرنسا يومذاك واستأنفت الدراسة لنيل شهادة الدكتوراه في الكيمياء في إحدى الجامعات الفرنسية لكنها لم تبلغ غاية المنتهى لأسبابها الخاصة.
تمتاز السيدة أم نزار كباقي زملائها بالوفاء والحرص على متابعة أخباري وأخبار الكثير من زملاء دراستها في بغداد وأنا بدوري أحرص على أنْ أكتب لها وأتصل بها تلفونياً وغمرتني بالمزيد من أفضالها بتزويدي بالكثير من الصور والوثائق المتعلقة بسنوات تدريسي لها في كلية العلوم. زارت الدكتور عبد الأله الصائغ في أمريكا وأرسلت لي صورة تجمعه بربيعة وقبل وقت قصير كتبت لإبنتي قرطبة على الفيس بوك مع صورة حديثة لها في كلية التربية / إبن الهيثم في الأعظمية مع بعض زملائها السابقين منهم تلميذي الرائع الدكتور طارق الحكيم. شكراً ربيعة.
هي الحياة إذاً فرضتنا على نفسها لنُديمها ونضمن استمرارها جيلاً فجيلا مقابل إغراءات وقتية المفعول لا دوام لها تخدّرنا وتُنسينا ما نعاني من ويلات ومصائب وآلام وعلل ورحيل أعزّتنا أي أنها حبوب أسبرين وحُقن مضادات حيوية تخفف عنا ويلات الآلام لكنها لا تُزيلُ أسبابها. قال الصوفي إبن شبل البغدادي :
صحّةُ المرءِ للفناءِ طريقُ
وطريقُ الفناءِ هذا البقاءُ
بالذي نغتذي نموتُ ونحيا
أقتلُ الداءِ للنفوسِ الدواءُ
وقال أبو العلاء المِعرّي :
إنَّ حُزناً في ساعةِ الموتِ أضعا
فُ سرورٍ في ساعةِ الميلادِ
تعبٌ كلُها الحياةُ فما أعْ
جبُ إلاّ من راغبِ في ازديادِ
إعتذار : أعتذر من كافة طلبتي، وهم كُثرٌ، أولائك الذين لم أتطرق في مقالي هذا إلى ذكرهم لأنَّ تعدادهم يبلغ ويتجاوز عشرات المئات في أقل تقدير درّستهم في جامعات بغداد والسليمانية والمعهد الطبي الفني في هذه المدينة وأخيراً في جامعة الفاتح في العاصمة الليبية طرابلس.
كما أوجّه شُكري لكل مَنْ أرسل لي صوراً قديمة وحديثة فضلاً عن الفيديوهات التي تفوق كل قيمة من قيم حياتنا الراهنة. 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق