منذ اعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل وأنا أتساءل لماذا لا تقف الأنظمة العربية، أو بعضها على الاقل، وقفة فيها "شْوَيِّة" كرامة. هذه الوقفة تُتَرجم بقطع العلاقات مع أميركا، وإلغاء الوف الصفقات، وكلّها ليست لصالح العرب. ولو تمَّ ذلك لاضطرت اميركا الى التراجع عن تعنّتها ولاتبعت سياسة متوازنة تجاه العرب وقضاياهم.
أميركا تصدِّر لنا أسلحة بمليارات الدولارات. فلماذا نشتري الاسلحة ونحن لا نحارب الا بعضنا؟ فلو جُمِّدت هذه الصفقات أو لو انتقلت الى دول تتبنى قضايانا، فهل يستطيع ترامب الصمود كثيراً أمام ضغوطات لوبي شركات انتاج السلاح؟ وهذه الشركات هي، مع شركات النفط وبيوتات المال، من يحكم أميركا.
لو استعمل العرب سلاح النفط فماذا ستكون النتيجة؟ وعلى كل حال فماذا استفاد العرب من هذه الثروة البترولية الهائلة؟ أقصد الشعوب وليس الحكّام والامراء والمشايخ والمدّاحين ودعاة النكاح المستمر دنيا وآخرة.
الدول العربية تستورد كل شيء. من الابرة وحبّة القمح الى أحدث أنواع الاختراعات. والميزان التجاري يميل بشكل مفزع لصالح الدول الاجنبية وخاصة أميركا. فلو اتّبعنا سياسة استيراد منبثقة من قضايانا الوطنية، أي من يتبنى قضايانا نستهلك منتجاته، فماذا ستكون النتيجة؟
لا نريدكم أن تحاربوا اسرائيل. ولكن ألم تفهموا بعد أن لا سلام مع اسرائيل؟ وأن اوسلو وأخواتها ما هي إلا عملية تخدير مستمرة؟ على الاقل كونوا صادقين مع أنفسكم وشعوبكم وقولوا لهم: راهنّا على سلام أميركي/ اسرائيلي و"فتنا بالحيط". اعترفوا بفشلكم واستقيلوا. اتركوا الامر لمن يملك الكرامة وارادة التصدّي. ادعموا فعلياً الشعب الفلسطيني وهو الكفيل بتغيير الموازين.
حصّنوا شعوبكم بالمعرفة والعلم والحريّة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والانفتاح على الآخر وقبوله، وأنا الكفيل لكم أن ترامب، وكل ترامب، سيضطر الى احترامكم. و سيحسب ألف حساب قبل أن يفكّر بأي قرار يمكن أن يسيء اليكم أو الى قضاياكم الوطنية.
ولو سألني سائل: بناء على ما ذكرت أعلاه، فأي نظام عربي يتمتع بـِ شويّة كرامة؟ لأجبت: أعد عليَّ السؤال بعد عشرين سنة، فإن كنت لا أزال على قيد الحياة فاعطني عشرين سنة اخرى، لعلَّ وعسى.
0 comments:
إرسال تعليق